لأننى اعتدت أن أبدأ يومى مبكراً بالتنقل بين قنوات الأخبار، فقد وجدتنى محاصرة الأسبوع الماضى بمشاهد الكوارث، التى تجرى للقدس المحتلة.. ومع نهاية الأسبوع، كان الأمر فوق الاحتمال، فما هى إلا دقائق معدودة من المشاهدة صباح الخميس الماضى، حتى أغلقت جهاز التليفزيون ورحت أتأمل الموقف فى الأرض المحتلة، والعجز العربى المدوى.. وقتها قلت لنفسى إن الأمل الوحيد هو فى أجيالنا القادمة، فإذا كانت الأجيال الراهنة قد ثبت عجزها، فإن التعليم هو ما ينبغى أن نجعله أولوية قصوى، فهو مفتاح النهضة الداخلية الحقيقية فى أوطاننا، التى لا يمكن دونها أصلاً استعادة الكرامة والحقوق. أخرجنى طرق على الباب من استغراقى فى تلك الأفكار، معلنا وصول صحف الصباح.. التقطت «المصرى اليوم»، فإذا بالخبر الرئيسى عنوانه: «موجة عنف جديدة بالمدارس»، شملت ثلاث محافظات وراح ضحيتها طالب، بينما آخرون يصارعون الموت! وفى العدد نفسه تصريح ليس على لسان أحد رموز المعارضة، وإنما على لسان وزير التنمية الإدارية الدكتور أحمد درويش قال فيه: «إن الحكومة غير جادة فى جعل التعليم على قائمة أولوياتها». وأضاف الوزير أن إجمالى ما تنفقه الحكومة على التعليم أقل مما تنفقه على الطاقة!.. وضعت الصحف جانباً، وتمنيت لو أننى لم أقرأها. وفى صباح اليوم التالى، رحت من جديد أتنقل بين القنوات، التى طالعتنى بأخبار لم يكن بينها خبر واحد يدعو للتفاؤل، ثم وصلت صحف الصباح فرحت أمنى نفسى بخبر معقول، فإذا بتصريحات وزير التعليم تملأ كل الصحف، وهى التى يعترف فيها الرجل مشكوراً ككل وزير تعليم سبقه طوال العقود الماضية بأزمات التعليم. لكن صحف ذلك الصباح لم تكن رحيمة بى، إذ حملت أيضاً تصريحاً عبقرياً لرئيس الوزراء يقول فيه «إن حكومته لديها (خطة طموح) لتطوير التعليم!» ونقلت الأهرام أن تصريحات رئيس الوزراء جاءت خلال اجتماع مع فريق من البنك الدولى جاء «لمساعدة الحكومة فى تطوير التعليم». ومرة أخرى، وضعت الصحف جانباً كما حدث فى اليوم السابق، لكننى هذه المرة لم أفكر فيما قرأت ولم أسأل أى أسئلة خبيثة، من نوع ذلك الذى يبحث عن السبب، يا ترى ما الذى جعل تلك «الخطة الطموح» لا تزال مجرد «خطة»، بعد مرور ست سنوات كاملة من تولى وزارة نظيف؟!.. ولم أسأل ذلك السؤال السخيف، الذى يتعلق بما إذا كان علينا أن نصدق الدكتور نظيف أم نصدق الدكتور درويش.. ولا أنا حتى تطرقت إلى أى أسئلة مريبة عن دور الخواجات، خصوصاً فى ظل غياب الرؤية. فى ذلك اليوم، لم أفعل أيا من ذلك، فقد كنت منشغلة بسؤال آخر سيطر تماماً على تفكيرى، فبعد أسبوع عصيب كهذا رحت أبحث عما إذا كان بإمكانى أن أبدأ يومى بشكل أقل انفعالاً وتوتراً، ووجدت أن الحل بسيط للغاية.. المطلوب فقط أن أتوقف عن ممارسة عاداتى السيئة، فمن الآن فصاعداً، ممنوع أن يبدأ اليوم بالقنوات الإخبارية أو بالصحف، وياحبذا لو تم الامتناع عن الاثنتين نهائياً كلما تيسر!