انتقد عدد من المثقفين وخبراء المسرح تراجع العروض المسرحية الوطنية فى المحافظة، بعد انتهاء الموسم الصيفى، الذى شهد عرض مسرحية واحدة فقط للفنان سمير غانم على مسرح السلام، مؤكدين أن المدينة كانت تمثل «معيار اختبار» لكل الفنانين، لقياس حجم نجاحهم من خلال تقديم العرض الأول فى المدينة، خاصة فى فترة الصيف. قال محمد عبدالظاهر، مواطن، إن المحافظة تشهد تراجعا ملحوظاً فى القطاع الثقافى بشكل عام رغم اختيارها من قبل عاصمة للثقافة العربية، بسبب عدم الاهتمام بوجود مخصصات مالية كافية، مشيراً إلى إغلاق العديد من المسارح وتغيير نشاطها، مثل مسرحى «إسماعيل ياسين وشكوكو»، ومسرح الريحانى الذى تحول إلى كافيتريا. وأشار إلى أن ارتفاع أسعار تذاكر العروض المسرحية التى تأتى من القاهرة للمحافظات يمنع غالبية الجمهور من الاستمتاع بها، وينتهى العرض خلال أسبوعين فقط من بدايته، وينتقل إلى محافظة أخرى، مؤكداً أن مسارح المدينة كانت تمتلئ عن آخرها فى الستينيات والسبعينيات. وأرجع الفنان السكندرى طلعت زكريا سبب التراجع إلى ما أسماه «النظرة الخاطئة» لمنتجى القطاع الخاص، التى قال إنها تعتمد على العرض الرئيسى فى القاهرة، وتنتقل إلى الإسكندرية خلال الصيف فقط، لاستغلال الرواج الحادث بها من قبل المصيفين. وأضاف أن الإنتاج المسرحى الآن أصبح «محسوباً تجارياً»، وليس «فنياً»، مؤكداً أن المسرح السكندرى اندثر بسبب غياب فرقة الإسكندرية المسرحية، وفرق الهواة داخل قصور الثقافة، لافتاً إلى أن الجمهور السكندرى الآن يذهب إلى مسارح القاهرة لمشاهدة العروض المسرحية. وفسر الدكتور أبوالحسن سلام، أستاذ التمثيل والإخراج، تراجع العروض المسرحية بغياب دعم هيئة تنشيط السياحة والمحافظة، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار إيجار قاعات العرض، التى وصفها بأنها «مبالغ فيها»، وتبدأ من 20 أو 30 ألف جنيه، بالإضافة إلى «تغير أذواق الجمهور». وتساءل: «إذا كان إيجار مسرح الليسيه، على الرغم من أنه متواضع، يصل إلى 15 ألف جنيه، فكم سيكون إيجار مسرح سيد درويش؟»، مشيراً إلى وجود ما وصفه بعيوب فنية فى تصميم المسارح، تتسبب فى «تطفيش» العروض الجادة، وفق قوله. ولفت إلى اختفاء العديد من مسارح المدينة، مثل مسرح «لونا بارك»، وإغلاق مسرح بيرم التونسى لتجديده، واتجاه العديد من المنتجين إلى سوق السينما، وإنتاج شرائط الكاسيت، الذى وصفه بأنه «مد» يهدد الإنتاج المسرحى، مؤكداً أن تراجع العروض فى المدينة يرتبط باختفاء الطبقة المتوسطة المهتمة بالفن. وقال «سلام» إن الجمهور السكندرى كان «معيار الحكم» على أى ممثل مسرحى وافد من القاهرة، مذكراً بما حدث مع الفنان محمد صبحى، الذى بدأ أول عرض لمسرحية «هاملت» من دار أوبرا الإسكندرية، وبعدها بدأت نجوميته، وفق قوله. وانتقد «سلام» ما اسماه تزايد مظاهر «المد الدينى» فى المدينة، مما أدى إلى خوف العديد من الممثلين والمنتجين من إنتاج مسرحيات وعرضها فى المحافظة. من جانبه، أرجع حسين مليس، المشرف العام على مسارح الإسكندرية، اختفاء العروض الوطنية بالمحافظة إلى ارتفاع إنتاجية العرض المسرحى فى المسارح الخاصة، وارتفاع أجور الممثلين، ما يؤدى إلى ارتفاع أسعار التذاكر التى قال إنها تبدأ من 250 جنيهاً، وهو السعر الذى اعتبره مرتفعا جداً، ولا يتناسب مع دخول أغلب المواطنين. وأضاف «مليس» أن الإسكندرية كانت تستقطب العديد من العروض الوطنية التى كانت تستمر طوال موسم الصيف، كما ظهر بها العديد من الفرق المسرحية الكبيرة مثل فرقة «ثلاثى أضواء المسرح» و«المتحدين» وفرقة «الإبيارى»، إلا أن معظم المسارح التى كانت تعرض عليها هذه الفرق تحولت فيما بعد إلى كافيتريات وأبراج سكنية، على حد قوله. وتابع: إعادة افتتاح مسرح «بيرم التونسى» بعد تطويره، بالإضافة إلى قصر ثقافة الأنفوشى سيحدثان «طفرة» فى العروض المسرحية بالمدينة خلال الموسم الصيفى المقبل.
