ذكر الله مولد كل من سيدنا موسى وعيسى ومريم ويحيى ويعقوب وإسماعيل عليهم السلام فى القرآن، لكنه لم يورد ميلاد محمد، لأنه ولد وبعث فى البشرية منة عظمى نبتت بالميلاد، كى تتفرع بالبعثة، وتزهر بدخول الناس فى دين الله أفواجا، وفى ذلك يقول تعالى: «لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفى ضلال مبين» (آل عمران 164).. لقد جعل الله مولده وبعثته تزكية لنا ليغفر لنا، وأوجب حبه لمن يتأسى به وبدعوته، وجعل طاعته دليلاً على حبنا لله، حيث قال: «قل إن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم» (آل عمران 31).. بل لقد جعل طاعته طاعة لله فقال تعالى: «من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظاً» (النساء 80).. وفى عام مولده هوجمت الكعبة التى كانت تعج بالأصنام، من إبرهة وجيشه، وبين مولده ومماته طهرت الكعبة من الأصنام وأصبحت حرماً آمناً يجبى إليه ثمرات كل شىء.. هو الصبى، وهو النبى، وهو الزوج والأب والجد، وهو الجار والصاحب والصهر، الذى اعترف الجميع بفضله، فلكم كان مولده إيذاناً لخير يعم الجميع، وكان قدر الله للخلائق أن يكون رحمة للعالمين، حيث يقول تعالى: «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين» (الأنبياء 107).. فكان مولده بشارة لتلك الرحمة، وبه حلت البركة والرحمة على الأرض بالقرآن، فهو أول من قال: «بسم الله الرحمن الرحيم»، وكان من قبله يقولون: «بسم الله» فقط.. هو النبى المؤمن بكل الأنبياء والرسالات وخاتمهم أجمعين.. هو من أرسله الله بالحق شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، فلأن بعثته استنباتاً من مولده، وهى رحمة للعالمين، فكان مولده الذى ملأ الله به الأرض نوراً ورحمة أحق أن يحتفى به الناس أجمعون، وأقول إلى من يعتبرون الاحتفال بمولده بدعة: إن الاحتفالات الاجتماعية (التى يجتمع الناس عليها) التى لم يحرمها الله فى كتابه غير محرمة، لذلك فنحن نحتفل بكل محمدة، وبكل نعمة، نشكر الله فيها أن وهبنا محمداً، لأنه أعظم منة من الله للعالمين، ونحن نجل كل من سار على خطاه وسنته على تراب أرضنا، ونسأله تعالى أن يكون كل أولادنا كمحمد، فمحمد فينا اسماً ورسماً، وهو فينا عقيدة وديناً، وقد جعل الله الصلاة عليه فريضة فقال: «إن الله وملائكته يصلون على النبى يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما» (الأحزاب 56).. فاللهم صل عليه وسلم تسليما. مستشار أحمد عبده ماهر [email protected]