فى الحقيقة إننى كنت أنوى أن أكتب هذا المقال عن أحدث اللقاحات والأدوية التى توصل إليها العلم للوقاية من فيروس أنفلونزا الطيور، الذى من المنتظر أن يسبب جائحة أو وباء عالمياً يمكن أن يحصد الملايين لو حدثت فى الفيروس الطفرة المتوقعة التى تمكنه من نقل العدوى من إنسان إلى آخر. وليس كما هو حادث الآن حيث العدوى تنتقل فقط من الطيور للإنسان المخالط لها، إلا أن بصرى وقع على تقرير دولى صادر عن «المنظمة العالمية للصحة الحيوانية» ينتقد فيه الرقابة البيطرية فى مصر، محذراً من تفشى مرض أنفلونزا الطيور، واحتمال انتشاره على نطاق واسع على مستوى العالم، وحث التقرير مصر على عدم التهاون فى مكافحة هذا المرض القاتل حتى لا يتحول إلى وباء. وأضاف «برنارد فالات» المدير العام للمنظمة قائلا: «ليس معنى أن هناك انخفاضاً فى معدل العدوى بين الطيور خلال العام الماضى أن القصة قد انتهت، فالخطر لايزال موجوداً لأن الفيروس يتوطن فى بعض الدول التى لم تتمكن من التخلص منه حتى الآن مثل إندونيسيا ومصر»، وانتقد «فالات» الرقابة البيطرية فى البلدين وقال إنها ليست كافية على الإطلاق للقضاء على هذا الفيروس القاتل. وهناك مخاوف حقيقية من وجود مزارع بها أكثر من 300 ألف خنزير فى المناطق السكنية بمحافظات مصر المختلفة، ومنها ما هو على مشارف العاصمة مثل منطقة المحور المؤدى إلى 6 أكتوبر، مما يشكل خطورة كبيرة من إمكانية حدوث الطفرة المتوقعة للفيروس داخل هذه الخنازير لكى تحدث الجائحة أو الوباء المتوقع. فمن المعروف أن الخنازير هى العائل الوسيط الذى تحدث بداخله معظم طفرات فيروس الأنفلونزا، حيث إنه يصاب بعدوى كل من أنفلونزا الطيور والأنفلونزا البشرية، خاصة أن مزارع الخنازير هذه لا تراعى الأسس الصحية فى التربية والنظافة البيئية، وهو ما يهدد بانتشار المرض على نطاق واسع وخطير. وتعتبر مصر ثالث دولة فى العالم من حيث عدد الإصابات البشرية التى انتقلت إليها العدوى من الطيور، فإحصائيات منظمة الصحة العالمية حتى 27 يناير 2009، تشير إلى أن مجموع الحالات التى أصيبت بالعدوى من البشر على مستوى العالم بلغ 403 حالات، توفى منها 254 حالة، وتأتى إندونيسيا على رأس قائمة المصابين (141 مصاباً توفى منهم 115)، تليها فيتنام (107 مصابين توفى منهم 52). ثم مصر فى المركز الثالث (53 حالة توفى منهم 23)، ومن خلال نظرة سريعة على هذه الأرقام يتضح لنا أن هناك قصوراً واضحاً فى التوعية والرقابة البيطرية والوعى بين الناس، ويحسب لوزارة الصحة – على الرغم من تحفظى على كثير مما يحدث فى مستشفياتها – أنها استطاعت تشخيص وعلاج هذه النسبة من المصابين وإنقاذهم، إلا أن الأمر هنا ليس كرة نلقيها فى ملعب وزارة الزراعة أو الصحة أو الإعلام. الأمر يتعلق بكارثة يمكن أن تمس صحة المصريين وسمعتهم، لأن الموضوع لو تحول إلى وباء فسوف يصيب كل دول العالم، وهناك لجنة عليا لمواجهة أنفلونزا الطيور، وهناك خطط تم وضعها بالفعل فى كثير من دول العالم المتقدم، وتم عمل بروفات عليها من أجل أن يعرف كل إنسان – سواء كان مسئولاً أو غير مسئول – دوره فى حالة حدوث مثل هذا الوباء. فإذا كان البعض يستسهل أن عدد الوفيات حتى الآن 254 حالة فقط، فلنعلم جميعاً أنه فى حالة تحور الفيروس يمكن أن تكون الوفيات بالملايين مثلما حدث فى عامى 1918 – 1919، حيث حصد وباء الأنفلونزا ما يقرب من أربعين مليون شخص على مستوى العالم، وليس «بشعبولا وانتصار» فقط نستطيع أن نواجه أنفلونزا الطيور. لقد كان أول ظهور لفيروس أنفلونزا الطيور فى مصر فى 17 فبراير عام 2006، وفى خلال ثلاثة أعوام أصيب 53، ومات منهم 23، فى الوقت الذى بدأ ظهور العدوى فى الصين، التى يبلغ تعدادها 1.3 مليار نسمة، فى عام 2003 أى منذ ست سنوات، وحتى نفس التاريخ كان عدد الحالات التى التقطت العدوى 37، توفى منهم 25، لابد أن هناك شيئاً ما خطأ فى أسلوب مواجهتنا لهذا الفيروس، وياأيتها اللجنة العليا لمواجهة أنفلونزا الطيور راجعى نفسك.. فيه حاجة غلط. [email protected]