بدأت علاقتى المهنية مع صحيفة «المصرى اليوم» منذ الأشهر الأولى لها فى 2004. فساهمت بعدد من مقالات الرأى التى عالجت الشأن الداخلى فى مصر، ونظرت أحياناً فى التحولات الدولية وسياسات القوى الكبرى فى عالمنا العربى. وقد أبهرتنى دوماً الحرية التحريرية التامة التى أتاحتها المصرى لكتابها، وحفزتنى على الاستمرار فى التواصل معها ومع قرائها. ومع انتقالى فى 2005 إلى الولاياتالمتحدة للعمل فى مؤسسة «كارنيجى» تطورت علاقتى مع المصرى على نحو لم أتوقعه. فقد شرع عدد من محررى الصحيفة الشباب فى تتبع دراسات «كارنيجى» فى الشأن السياسى المصرى والعربى، وعرضها على صفحات المصرى مع غيرها من دراسات مؤسسات أمريكية وأوروبية أخرى فى بداية لتقليد حميد، أتاح ولا شك للقراء إطاراً جيداً للتعرف على عالم الأفكار فى الغرب والمداخل المتنوعة التى يقارب بها قضايانا وشؤوننا. أعجبنى الكثير من عروض دراساتى واختلفت مع بعضها أحياناً، ونشرت لى المصرى دون امتعاض وبرحابة صدر تصويبات وتعليقات مطولة حاولت بها أن أشرح نقاط الارتكاز الأساسية للدراسات المعنية. مرة أخرى أبهرتنى المصرى بمهنيتها وحريتها التحريرية. فى 2008، وبعد دعوة كريمة من الصديق العزيز، مجدى الجلاد، للمساهمة الدورية فى عمود «7 أيام»، بدأت فى كتابة عمود يوم الجمعة. وحقيقة الأمر أن 7 أيام شكل على مستويات عدة نقلة نوعية فى علاقتى بالصحافة فى مصر. فمن جهة، أخرجتنى كتابة العمود للمرة الأولى من زاوية مقالات الرأى المعالجة للشأن السياسى الداخلى والدولى، ومكنتنى فى مساحة صغيرة (450 كلمة) من طرح قضايا متنوعة وبصياغات لغوية مباشرة لا مقدمات أكاديمية مطولة لها وبدون ترف بلاغى أو فلسفى. وفر لى «7 أيام» أيضاً إطاراً رائعاً للتواصل الدورى مع القراء فى مصر، فى موعد محدد ومكان محدد، وألزمنى بالاجتهاد كل أسبوع فى البحث عن قضية تستحق العرض على القراء ومعالجتها بصورة تحفزهم على إعمال النظر النقدى واستثارة ملكة التفكير خارج القوالب الجاهزة. وقد كانت الاستجابة، هكذا شعرت، أكثر من رائعة. فلم يبخل على قراء المصرى بالتعليقات الناقدة لأفكارى والرافضة لها، وكذلك تلك المتعاطفة معها والمتفقة مع مضامينها. وفى الحالتين كنت أنا المستفيد الأول لجهة إجلاء وتصويب الأفكار ولهدف تطوير طريقة عرضها وتحسين البناء المنطقى واللغوى للعمود. أعلم أننى صَدمت القراء فى الكثير من الأحيان، وصُدمت أنا فى أحيان أخرى من عنف اللغة الموظفة فى بعض التعليقات الناقدة لأفكارى وبعدها عن مناقشة المضمون المطروح. إلا أننى أدرك أن كلا الأمرين هام وحيوى للنقاش العام فى مجتمع تتزايد به مساحات التعبير الحر عن الرأى، وتتراجع به تدريجياً الخطوط الحمراء التى حالت فى الماضى دون التعاطى مع العديد من القضايا الشائكة. أكتب هذه الكلمات لأننى سأتوقف اعتباراً من الأسبوع القادم عن كتابة العمود الأسبوعى بالمصرى، أكتبها لأشكر الإدارة التحريرية ل«المصرى اليوم» وللزملاء الأعزاء المشرفين على الأعمدة على كريم تعاونهم خلال الفترة الماضية، ولأحيى التزامهم الصادق بقواعد المهنية والحرية الفكرية. ولكم أعزائى القراء.. شاكراً لكم تفاعلكم معى وتعليقاتكم، الناقدة والمتعاطفة، وتصويباتكم وعلى أمل استمرار التواصل.