مجموعة السبع تعلن موقفها من مقترح بايدن لوقف القتال في غزة    استشهاد شاب فلسطيني ثالث متأثرا بإصابته برصاص الاحتلال خلال اقتحام نابلس    حاكم كورسك: إسقاط 20 طائرة مسيرة أوكرانية خلال يوم    قوات الاحتلال تعلن السيطرة على حرائق شمال إسرائيل    سيد عبد الحفيظ: ندمان بسبب تنمري على خالد الغندور وعامر حسين عبقري    كتل هوائية حارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس خلال الساعات القادمة    السيطرة على حريق هائل في أشجار النخيل بالمنيا    مقتل صاحب كشك على يد عامل بسبب خلافات مالية    4 يوليو المقبل.. تامر عاشور يحيي حفلا غنائيُا في الإسكندرية    انطلاق تدريبات جوية لقوات الناتو فوق شمال ألمانيا    وفاة 11 شخصا جراء تسرب للغاز في منجم بمقاطعة بلوشستان الباكستانية    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 4 يونيو 2024 بالصاغة    سيد عبد الحفيظ: تعامل فايلر مع حسام عاشور كان غريب جدًا    سيف جعفر: رفضت اللعب في الأهلي لأني زملكاوي.. وضحيت بأموال بيراميدز    هشام حنفي: صلاح أيقونة.. وعمر كمال الأقرب للتواجد في تشكيل المنتخب    عبد الحفيظ: مرحلة مدير الكرة انتهت بالنسبة لي.. وبيبو يسير بشكل جيد مع الأهلي    مصطفى بكري: الرئيس حدد مواصفات الحكومة الجديدة بالتفصيل    ما بين انقطاع الكهرباء 3 ساعات وزيادة الأسعار تدريجيًا.. هل ينتهي تخفيف الأحمال قريبا (تقرير)    تعرف على سعر البصل والطماطم والخضروات بالأسواق فى منتصف الأسبوع الثلاثاء 4 يونيو 2024    نقابة الصحفيين تكرم الزميل محمد كمال لحصوله على درجة الدكتوراه| فيديو    مجدى البدوي يشكر حكومة مدبولي: «قامت بواجبها الوطني»    مجهولون يطلقون النار على المارة وإصابة مواطن في الأقصر    رفضت ترجعله.. تفاصيل التحقيق في إضرام نجار النيران بجسده بالبنزين في كرداسة    سيد عبد الحفيظ يعتذر من خالد الغندور لهذا السبب    رحلة صناع "رفعت عيني للسما" من شوارع المنيا لشوارع كان السينمائي    وكيل مديرية الصحة بالقليوبية يترأس اجتماع رؤساء أقسام الرعايات المركزة    عدلي القيعي يرد على تصريحات شيكابالا: قالي أنا عايز اجي الأهلي    اتحاد الكرة يكشف الأندية المشاركة في دوري أبطال أفريقيا والكونفدرالية الموسم المقبل    غضب زملائه وينتظر عقوبة.. مصدر يكشف تفاصيل أزمة أفشة وكولر    "الشراكات فى المنظمات غير الحكومية".. جلسة نقاشية ضمن فعاليات مؤتمر جامعة عين شمس    القومية للأنفاق تكشف معدلات تنفيذ محطات مونوريل غرب النيل (صور)    اليوم 240 .. آخر احصاءات الإبادة الجماعية في غزة: استشهاد 15438 طفلا و17000 يتيم    مواطنون ضد الغلاء عن مواجهة ارتفاع الأسعار: تطبيق القانون يردع كبار التجار    «كلمة السر للمرحلة القادمة رضا المواطن».. لميس الحديدي عن استقالة الحكومة    مصرع شاب في حادث مروري بالوادي الجديد    وصلة ضحك بين تامر أمين وكريم حسن شحاتة على حلاقة محمد صلاح.. ما القصة؟ (فيديو)    بمرتبات مجزية.. توفير 211 فرصة عمل بالقطاع الخاص بالقليوبية    مصطفى بسيط ينتهي من تصوير فيلم "عصابة الماكس"    عدد حلقات مسلسل مفترق طرق ل هند صبري    خريطة قراء تلاوات 27 ذو القعدة بإذاعة القرآن الكريم    هل الطواف بالأدوار العليا للحرم أقل ثواباً من صحن المطاف؟.. الأزهر للفتوى يوضح    هل المال الحرام يوجب الطلاق؟.. أمين الفتوى يجيب    النائب العام يلتقي وفدًا من هيئة الادعاء بسلطنة عمان الشقيقة    صحة الفيوم تنظم تدريبا لتنمية مهارات العاملين بوحدات النفايات الخطرة    غدًا.. جلسة استئناف محامى قاتل نيرة أشرف أمام حنايات طنطا    متربى على الغالى.. شاهد رقص الحصان "بطل" على أنغام المزمار البلدي بقنا (فيديو)    أكرم القصاص: حكومة مدبولي تحملت مرحلة صعبة منها الإصلاح الاقتصادي    خبير اقتصادى: الموازنة العامة تتلخص فى كلمتين "التنبؤ وإيجازه"    "قسد": إحباط هجوم بسيارة مفخخة لداعش في منطقة دير الزور السورية    بمشاركة 500 قيادة تنفيذية لكبريات المؤسسات.. انطلاق قمة "مصر للأفضل" بحضور وزيري المالية والتضامن الاجتماعي ورئيس المتحدة للخدمات الإعلامية    النائب العام يلتقي وفدًا رفيع المستوى من أعضاء هيئة الادعاء بسلطنة عمان الشقيقة    "الصحفيين" تكرم سعيد الشحات لمشاركته فى تحكيم جوائز الصحافة المصرية    متى تبدأ تكبيرات عيد الأضحى وصيغتها    ما هي الأضحية في اللغة والشرع.. «الإفتاء» توضح    مليار و713 مليون جنيه، تكلفة علاج 290 ألف مواطن على نفقة الدولة    تقديم الخدمة الطبية ل 652 مواطنا خلال قوافل جامعة قناة السويس بقرية "جلبانة"    وزير الأوقاف يوصي حجاج بيت الله بكثرة الدعاء لمصر    الكشف وتوفير العلاج ل 1600 حالة في قافلة للصحة بقرية النويرة ببني سويف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهزيمة الوحيدة

قطعاً إسرائيل لم تنتصر، لكنها لم تُهزم، والمؤكد أن حماس لم تنهزم، لكنها لم تحقق انتصاراً واضحاً، ربما لم تحقق إسرائيل أهدافها المعلنة بالقضاء على حماس كسلطة فى غزة وكمشروع مقاومة، لكن حماس أيضاً لم تحقق حالة الردع التى تكفى لتأمين أهالى غزة من مصير كمصير من سبقوهم قتلاً وحرقاً ودماراً.
فشلت إسرائيل ومن معها فى تحقيق انتصار عسكرى خالص، فى تأكيد جديد على أن الدولة العبرية باتت عاجزة عن حسم أى معركة عسكرية على الأرض، وفشلت حماس ومن معها فى تكبيد إسرائيل خسائر موجعة تدفعها للتفكير ألف مرة قبل أن تحاول تكرار هذا العدوان.
لكن الطرفين اللذين عجزا عن الانفراد بنصر أو هزيمة نجحا سوياً فى شىء واحد - بات واضحاً وجلياً بعد انتهاء المعارك وتوقف آلة القتل الإسرائيلية - وهو هزيمة مصر.
الأرجح أننى لن أفاجئك حين أخبرك أن مصر كانت أكثر الأطراف الإقليمية خسارة فى هذه المعركة المعقدة والمتشابكة الأطراف، وحتى تحيط بذلك عليك أن تسترجع ما حدث.
نجحت إسرائيل فى استدراج حماس إلى تقديم ذرائع قوية لهجومها، وهى ذرائع حتى لو كنا نعتقد أن إسرائيل لم تكن تحتاجها فى عدوانها، إلا أن الحقيقة أنها استفادت منها فى ترويج عمليتها العسكرية غربياً، وبالتالى الحصول على ضوء أخضر «ضمنى» بتنفيذها، واستفادت فى سبيل ذلك من سذاجة القرار السياسى لدى حركة حماس، الذى قدم لها الذرائع على طبق من ذهب، ودفع العالم كله للحديث عن ضرورات وقف تهريب الأسلحة وإطلاق الصواريخ.
ونجحت حماس والأطراف المتحالفة معها فى تحقيق «تسخين مطلوب» فى المنطقة، وجه رسالة إيرانية لأوباما أنها تملك مفاتيح إشعال المنطقة وتهدئتها، ورسالة سورية لإسرائيل أن زمن حسم جيشها لمعاركه على الأرض انتهى، ورسالة حمساوية للعالم أنها الطرف الأقوى فلسطينياً والأحق بالحديث باسم القضية، وبالتالى تحريك قضية غزة وطرح مسألة فتح المعابر وفك الحصار على جميع الموائد التى تلوك قضية الشرق الأوسط بالبحث أو التفاوض.
لم يكن هدف إسرائيل الحقيقى هو تدمير حماس وإخراجها من غزة، كما تم إعلانه إسرائيلياً وحمساوياً، بقدر ما كان إخضاعها وتقليم أظافرها وفرض مراقبة دولية على تهريب الأسلحة وإطلاق الصواريخ، مع ضمان بقاء حماس سياسياً فى غزة ضماناً لتكريس حالة الانفصال التى تبتعد بالحل النهائى للقضية الفلسطينية سنوات وسنوات، لابد أن يقضيها الفلسطينيون أولاً فى حسم مسألة تمثيلهم، والتوصل إلى تسوية فلسطينية فلسطينية أولاً.
ولم يكن هدف حماس هو تحقيق انتصار عسكرى مدو على إسرائيل، بقدر ماكان تحريك الملف ودفع المجتمع الدولى إلى التحرك تحت ضغط مشاهد المجازر الوحشية لوقف العدوان، فى الوقت الذى تكون فيه حماس قد وطدت مواقعها سياسياً فى غزة، وفرضت تسوية لا تتجاهل فتح المعابر وإنهاء الحصار، بما يعنى منح حكمها لغزة مزيداً من القدرة على البقاء.
لن تجد إسرائيل ظرفاً أفضل من ذلك، فلا تصدق أن لها مصلحة فى القضاء على حماس وإنهاء الانقسام الفلسطينى، رغم أن فى يديها دعم هذا الانقسام، وإبقاء الحال الفلسطينى على ما هو عليه (حكومة فى الضفة، وحكومة مناوئة فى غزة) وفى الوقت نفسه ضمان نزع مخالب حماس بتهدئة طويلة وآليات دولية تضمن وقف تسليحها، وبذلك تنال إسرائيل الحسنيين (أمن جنوبى بإنهاء التهديد العسكرى لحماس، وأمن سياسى بإبقاء حالة التشرذم الفلسطينى قائمة بلا حل).
ربما أدركت الآن أن هذه الحرب كانت موجهة فى جزء كبير منها ضد مصر، ولهذا أتحدث معك على أن مصر أكبر الخاسرين وربما المهزوم الوحيد فى تلك الأزمة، رغم كل ما بذلته من جهد، خاصة فى الأيام الثلاثة السابقة على وقف إطلاق النار، دعك من الحديث عن الهزيمة الإعلامية التى باتت غير مشكوك فيها، بعد أن نجحت آلة القصف الإعلامية العربية بشكل مباشر فى النيل من سمعة مصر ومصداقيتها ونزاهتها، وتوازى معها نجاح وسائل الإعلام الإسرائيلية بشكل غير مباشر - وإن كان مقصوداً - فى تسريب أنباء، والترويج لمعلومات بين الصواب وبين الخطأ، تدعم تلك الشكوك فى الدور المصرى.
وبعيدًا عن الهزيمة الإعلامية أنظر لنتائج المعركة على الأرض، لتدرك أن إسرائيل نجحت فى تدويل قضية أمنها، وشكلت تحالفاً دولياً غير مسبوق يستثنى مصر، ويعمل تحت أنفها، ويمارس رقابة دولية على عمليتى تهريب الأسلحة وإطلاق الصواريخ، لذلك كان الاتفاق الأمنى بين رايس وليفنى. وجاءت المدمرة الفرنسية لتستقر أمام سواحل غزة وعلى مرمى البصر من المياه المصرية، وأصبح حلف ال«ناتو» أقرب إلى المنطقة الحدودية، ويكاد ينفذ بين الجلد واللحم، وأصبح الضامن لهدوء جبهة إسرائيل الجنوبية، وهذا هو الهدف الحقيقى لما ارتكبته من مجازر فى غزة.
وفى المقابل فقدت مصر نفوذها فى غزة إلى حد كبير، بعد تثبيت حماس لدعائم حكمها للقطاع، وفشل مصر طوال السنوات الأخيرة فى احتواء الحركة والدخول فى دوائر استقطابها وتقريبها بعيداً عن المحاور المناوئة لدورها، ودخولها فى حالة مواجهة سياسية معها قبل العدوان وأثناءه، زكتها الحملات الإعلامية، وألهبتها «شعبياً» مشاهد المجازر الإسرائيلية فى القطاع، ففقدت حميمية الصديق وتوازن الوسيط فى آن واحد.
كانت حرب غزة هى حرب الأهداف غير المعلنة، تلاقت خلالها مصالح جميع الأطراف، ونجحت جميعًا فى تحقيق قدر كبير من تلك الأهداف غير المعلنة، فحققت إسرائيل ما تريد، وخرجت حماس بنتائج مريحة لها سياسياً على الأرض رغم عدد الشهداء والضحايا، وحققت طهران وأنقرة ودمشق وباريس قدراً وافراً من أهدافها، وجاءت كل هذه النتائج الإيجابية لكل طرف خصماً من رصيد مصر إعلامياً وسياسياً واستراتيجياً، وكأنها كانت الهدف غير المعلن لجميع الأطراف.
انتهت الحرب بلا هزيمة معلنة لأى طرف، وبانتصارات غير معلنة لجميع الأطراف، وخسرت مصر وحدها، رغم إنقاذها ما أمكن إنقاذه قبل وقف إطلاق النار، تاجرت كل الأطراف بدماء الشهداء وآلام الضحايا، وخرجت بمكاسب عملية تعزز مواقعها، وظلت مصر وحدها تتعامل مع الأزمة بقدر كبير من النزاهة الأقرب لبراءة سياسية إن لم تقل «سذاجة»، وخرجت ب«الهزيمة الوحيدة» فى هذه اللعبة.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.