أيًا كان تقديرنا لممثليها وكل من شارك فى هذه المسرحية الكارثة المسماة (مدرسة المشاغبين)، فالمؤكد أن ظهورها على خشبة المسرح وعلى شاشة التليفزيون كان هو المسمار الأول والأقسى والأكثر تدميرًا فى نعش المنظومة الأخلاقية، التى طالما كانت جوهر العملية التعليمية فى كل مدارس مصر وبيوتها لأجيال وأجيال.. و«السوسة» الأكثر شراهة وشراسة فى نهش كل ما يمس القيم التربوية فى كل شبر من أرض الكنانة المصرية المهذبة. ورغم كل ما قيل ويقال وسوف يقال من نقد مرير لهذا العمل «الفنى»، أو المفترض أنه كذلك.. فإن أحدًا من المشاركين فيه لم ولا ولن يرد على هذا السؤال الواضح البسيط، الذى يتردد على لسان وفكر كل من اكتوى بنارها أو اختنق بدخانها.. ألا وهو: ماذا تريدون بالضبط أن تقولوا بمسرحيتكم هذه؟ وما هى الرسالة الأخلاقية السامية التى تريدون إيصالها إلى المشاهد والمجتمع ككل؟ ومن الذى قال إن التباهى بتعاطى وتدخين الممنوعات داخل الفصول الدراسية المقدسة، أو أن التفاخر بتحقير المعلم الذى كاد أن يكون رسولاً..!! إلى آخر ما لا يحصى من أفعال وممارسات داخل الفصول الدراسية المسرحية. مما يجعل الإنسان يخجل من مجرد ذكرها ناهيك عن مشاهدتها بصورة شبه يومية على التليفزيون الرسمى للدولة هذه الرسالة المرتجاة من الفن قبل المجتمع؟! يا سادة.. إن ما نراه ونسمعه اليوم من ضرب وضرب متبادل بين التلاميذ والمدرسين ولا تزال وتيرته الشائنة تتصاعد بصورة شبه يومية منذ ظهور تلك «الفرجة» المشؤومة.. من ضرب بالمقشة إلى تكسير الأسنان إلى فقء الأعين إلى الضرب المبرح وصولاً إلى القتل، لهو الثمار الطبيعية جدًا من بذور سامة مريرة للبذاءة والبلطجة واختفاء العلم والمعلم والأسرة والآباء زرعناها فى نفوس من كانوا أطفالاً وقت ظهور هذا العمل الفنى «الخالد» لأول مرة. والمدهش والمؤلم معًا أن القائمين بالتمثيل فيها لهم رصيد لا بأس به من تقدير المشاهد المصرى وحبه فكيف هان على هؤلاء السادة من عباقرة الفن.. أن يكونوا معاول هدم لأجيال قادمة من أبنائهم ومجتمعهم؟! إننى ومعى كل محب لمصر وأبناء مصر أطالب كل من شارك فى تغيير صورة المعلم، وتمجيد الانفلات والبلطجة داخل فصول الدراسة، بأن يتحمل مسؤليته كإنسان. وكمواطن - وكفنان يفترض به أن يكون قدوة لأبناء مجتمعه، أطالبه بأن يكفر عن هذا العمل الفنى!! الذى نالنا من آثاره التدميرية ما يكفى وزيادة - وبالتأكيد لن يعجز هؤلاء الفنانون الأفذاذ فى إصلاح ما أفسدوه. وإن يكن متأخرًا.. ولذلك يجب الوقف الفورى والدائم لإذاعة هذه الأعمال الفنية التى تهدم ولا تبنى.. والبدء فورًا بإنتاج عمل فنى هادف وراق - وأكرر.. هادف وراق.. يعلى من شأن المعلم الذى أهانوه.. والأسرة التى خلخلوا قيمها الراسخة، ومن شأن الوطن المظلوم الذى ناله من السخرية الكثير بفنهم اللاهادف هذا.. نعم الوطن المظلوم الذى علمهم فأساءوا إلى معلميهم.. وجعل منهم نجومًا وأبطالاً.. والنجوم الحقيقية تهدى ولا تحرق.. والأبطال يبنون ولا يهدمون.. فهل هم فاعلون؟ د. سراج الدين الحلفاوى