ونحن نحتفل بعام ميلادى جديد نستحضر سيرنا من الرموز المهمة، الذين لعبوا دورًا دينيًا وإنسانيًا ووطنيًا فى المشهدين القبطى والمصرى على السواء فكلاهما كيان واحد لا يتجزأ. من بين الرموز المهمة التى عمدت طوال مسيرتها لتعميق مفهوم الوحدة الوطنية على نحو عملى وليس بالقول فقط، البابا كيرلس السادس، الذى مر على رحيله عن دنيانا 36 عامًا، إلا أننا أرجأنا الاحتفال بسيرته يوم رحيله، فى 25 نوفمبر 1972. كانت مسيرة هذا الرجل الدينية والإنسانية والوطنية حافلة بالأحداث والمواقف المهمة، كان اسم البابا كيرلس السادس قبل انخراطه فى الرهبنة »عازر يوسف عطا« ولد فى الثامن من أغسطس عام 1902 ميلادية »الموافق 2 مسرى 1618« بمدينة دمنهور، بمحافظة البحيرة، لوالدين متدينين، وبدأت ميوله ونزوعه إلى الرهبنة منذ وقت مبكر فى حياته، فقد كان يميل إلى الاختلاء بنفسه فى غرفته الخاصة، منكبًا على دراسة الكتاب المقدس والاستزادة من العلوم الكنسية. بدأ البابا كيرلس حياة الرهبنة قبل التحاقه بالدير بحوالى 5 سنوات، وفجر أحد الأيام من يوليو 1927 استيقظ عازر من نومه وقرر الانخراط فى حياة الرهبنة ليهب نفسه للدين، استقال من عمله وتوجه إلى دير »البراموس« فى حبرية كيرلس الخامس »وهو البابا ال 112«... وتقدم إلى دخول الاختبار وظل به لعدة شهور متتالية، وبعد انتهاء مدة الاختبار الموافق »17 أمشير« »24 فبراير 1928« زكاه الرهبان داخل الدير ليكون راهبًا معهم باسم مينا البراموسى. ويوم الأحد 18 يوليو 1931 رسم قسًا باسم القس مينا.. والتحق بكلية الرهبان اللاهوتية بحلوان ليدرس بها بعض مواد الرهبنة.. وفى أوائل 1936 عاش البابا كيرلس داخل طاحونة مهجورة، فى صحراء مصر القديمة وكان يحيى فيها القداسات اليومية وبعد مرور 5 أعوام أسندت إليه رئاسة دير الأنبا صموئيل فى جبل »القمون« التابع لمركز مغاغة بمحافظة المنيا، فجدده وبنى صوامعه وتتلمذ على يده العديد من الرهبان، وأقام منزلاً لإيواء المغتربين. وعند بلوغه السادسة والثلاثين تم إلغاء لائحة الانتخابات الخاصة بكرسى البابوية وأصدرت لائحة جديدة تنص على ألا تقل سن المرشح للكرسى البابوى عن أربعين سنة، ساعة خلو الكرسى وكانت هذه أول مرة يسمع فيها عن تحديد السن فى تاريخ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية. تم ترشيح 3 من الشباب للكرسى البطريركى هم »متى المسكين، مكارى السرياني، وأنطونيوس السريانى«، كما تم اختيار إثناسيوس، مطران بنى سويف، فى ذلك الوقت، لتهدئة شيوخ وكبارالكنيسة وتم إدراج اسم الراهب مينا المتوحد بوصفه المعلم الروحى لهؤلاء الشباب المرغوب فيهم، واختارته العناية الإلهية عن طريق القرعة الهيكلية ليبدأ عمله كبابا الإسكندرية فى 10 مايو 1959 »2 بشنس 1675«. ويذكر أن البابا كيرلس مر بأحداث تاريخية مهمة منها أول مجمع مسكونى للكنائس الأرثوذكسية غر الخلقدونية فى العصور الحديثة، ورأس عام 1965 مؤتمر الكنائس الأرثوذكسية المشرقية، الذى أقيم بأديس أبابا، وقام بترميم الكاتدرائية المرقسية بالقاهرة، وغيرها من الإنجازات. مع بداية عام 1971 بدأ البابا كيرلس يشعر بوعكة صحية إثر مجهوداته، وفى صباح 9 مارس من العام نفسه انتقلت روحه إلى خالقها وتم نقل جسده إلى دير الشهيد مار مينا بمريوط، حسب وصيته ليكون بجوار شفيعه مار مينا.