«الفلوس مع التيوس».. عبارة لخص بها المصريون نظرتهم إلى من يكتنزون المال.. حتى إنها أصبحت ثقافة سائدة يستخدمها البعض لينعوا حالهم، لأنهم ليسوا ممن يقتنون المال، مما دفعهم إلى إطلاق صفة «تيس» وهو ذكر الماعز الكبير الذى لا فائدة منه على الأغنياء، والبعض الآخر ربط بين اقتناء المال الوفير وظهور الفساد فى المجتمع، تلك الفكرة التى لم تبن فقط على الأمثال الشعبية مثل «المال السايب يعلم السرقة»، وإنما أيضاً من خلال المسلسلات التليفزيونية، التى غالباً ما تعرض الأسرة الثرية مصابة بأبناء فاسدين، وأخيراً تورط كبار رجال الأعمال فى قضايا شغلت الرأى العام فى الفترة الأخيرة، وعلى رأسها قضيتا مقتل سوزان تميم وعبارة السلام 98، كل تلك الأحداث أثرت وبشكل مباشر على ثقافة المصريين تجاه أصحاب المال، الأمر الذى وصفه علماء النفس والاجتماع بأنه ظاهرة ليست جديدة، ولكن تعاقب الأحداث الأخيرة جعلها أمراً مسلماً به. لم تجد نادية عبدالرحيم موظفة بإحدى الوزارات ما تقوله عن ثقافة المال لديها أو نظرتها لمن يمتلكونها ولكنها سرعان ما قالت: «الحمد لله على نعمة الفقر، يكفى أننا نملك قوت يومنا. أما رانيا ذكرى صيدلانية فاستعانت بالمسلسلات التليفزيونية التى غالباً ما يظهر فيها الأغنياء أسراً مستهترة لا تعتنى بأبنائها مما يجعلهم أكثر تعرضاً للفساد، فمنهم من قتل من أجل حبيبته أو أنفق أمواله على المخدرات، أو استغل منصب والده فى الافتراء على المواطنين البسطاء، كل تلك الأشكال تعكس الصورة التى يرى من خلالها المجتمع أصحاب المال، وأضافت رانيا: «بالطبع لا يمكن تعميم الفكرة لأن الفساد وإن كان منتشراً بوضوح فى الطبقة الراقية فى المجتمع، فعلى الجانب الآخر هناك أمثلة جيدة تتصرف فى أموالها بما يرضى الله وتربى أبناءها بشكل جيد. ويرى الدكتور حسن الخولى، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن آراء الناس تعكس الثقافة الحالية لنظرة الناس للثروة وأصحابها، والتى تختلف بطبيعة الحال عن الفترات الماضية التى لم تكن تشهد كل تلك النظرات التشاؤمية تجاه أصحاب المال. على الجانب الآخر، ترى الدكتورة إنشاد عزالدين، أستاذ علم الاجتماع بجامعة المنوفية، أن تعدد الآراء التى تربط بين المال والفساد، أو أن «الفلوس مع التيوس» ما هى إلا «قصر ديل» منهم لأنهم لا يمتلكون ثروة، بل إنهم يستخدمون تلك الأمثال الشعبية ليصبّروا أنفسهم على حالهم الذى يتمنون أن يتغير فى أى لحظة ليتحولوا إلى أصحاب ثروات.
