سنة كاملة مرت، حملت فى طياتها كالعادة الكثير من الآلام والأحزان، والقليل إن لم يكن النادر من الأفراح، سنة انطوت على مجموعة غير مسبوقة من الحرائق والانهيارات والكوارث الطبيعية المدمرة، انطوت على آلاف القتلى فى الحوادث المختلفة، دون حساب للمذنبين، رأينا فيها حريق مجلس الشورى، هذا الصرح الهائل العريق الذى ضاع الكثير من تراثه دون محاسبة أى مسؤول أو الإعلان عن مذنب، شاهدنا فيها حريق المسرح القومى والذى راح ضحيته عدة ملايين من الجنيهات كتكلفة لإعادة الترميم والتشييد، شاهدنا فيها انهيار عدد من عمارات الإسكندرية وفقدان أرواح الكثير من سكانها، مررنا فيها على انهيارات الدويقة التى تعد الأشهر فى السنوات الأخيرة، التى راح ضحيتها أكثر من 600 شخص هذا على المستوى المحلى فقط، أما على المستوى الدولى فيعد عام 2008 وكما ذكرت إحدى الإحصائيات التى قامت بها شركة «ميونخ راى» الألمانية - من أكثر الأعوام التى شهدت كوارث طبيعية مدمرة، وحسب الإحصائية تسببت هذه الكوارث فى خسارة مادية وصلت إلى أكثر من 138 مليار دولار، كما أكد بيتر هوبه رئيس قسم دراسات المخاطر الجيولوجية فى الشركة أن حوالى ربع مليون شخص لقوا حتفهم خلال العام الجارى فى كوارث طبيعية كبيرة، أو لايزالون فى عداد المفقودين، إضافة إلى الأزمة الاقتصادية العالمية، التى تسببت فى خسائر تعدت حاجز ال100 تريليون دولار ومازالت مستمرة ولايزال يعانى منها الجميع، وستستمر المعاناة بل ستزداد أضعافاً فى العام القادم، حسب رأى معظم الخبراء فى العالم، كل هذه المصائب تدعونا لنستكين قليلاً ونفكر فى الأسباب الفعلية التى دعت إلى هذا أو إلى ما وراء تلك الأسباب؟! وتلفت انتباهنا إلى حالة الفساد التى وصلت إليها النفس البشرية، فهذه الكوارث والحوادث لم تأت من فراغ، وإنما ما جنته أيدينا، يقول رب العزة سبحانه وتعالى: «ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس ليذيقهم بعض الذى عملوا لعلهم يرجعون» (الروم 41)، أما آن أن يقف كل منا مع نفسه ليحاسبها على ما اقترفته فى ما مضى، أما آن أن نجبر نفوسنا على لفظ كل ما يملؤها من فساد وكراهية وحقد وبغضاء؟ مصطفى جاد [email protected]