تختلف آراء الأردنيين حول كثير من الأشياء، ومنها تفاصيل الزواج ابتداء من السن المناسب، مرورا بشكل العرس، ومقدار المهر، لكنهم يتفقون على شيء واحد وهو أن الأزمة المالية وارتفاع الأسعار تسببا فى زيادة المشكلات التى تواجه الشباب فى الزواج. وفى المملكة الأردنية يتراوح معدل سن الزواج ما بين 18 و22 عاما، وهى السن التى يعتبرها البعض مبكرة، حيث ترغب إيناس بأن يكون الزواج فى سن أكبر حتى تتمكن الفتاة من الانطلاق بحرية ولو لبعض الوقت قبل التقيد بواجبات والتزامات البيت والأولاد، وستكون اكتسبت خبرة تمكنها من التعامل مع الحياة الزوجية ومشكلاتها بشكل أفضل. يزن حتاملة يفضل الزواج المبكر إذا كان الشاب جاهزا ماديا، ذلك لأن الزواج سيحميه من الخطأ، لكنه يرى فى الوقت نفسه أن نسبة العزوف عن الزواج تتزايد باستمرار مع ارتفاع المهور والأثاث وكل متطلبات الزواج. ويتزامن ارتفاع تكاليف الزواج مع نشر نتائج دراسة أردنية صدرت فى أغسطس 2008 بعنوان «دليل مؤشرات الزواج والطلاق فى الأردن»، أشارت إلى أن 96 ألف فتاة بالأردن «لم يسبق لهن الزواج» حتى نهاية 2007، مقارنة ب8 آلاف فقط عام 1979. وقال الخبير الاجتماعى عادل بدارنة الذى أعد الدراسة إن نسبة العنوسة فى المجتمع ارتفعت 4 أضعاف تقريباً، حيث زادت من 3.7% عام 1979، لتصل إلى 15.6% مع نهاية 2007. وأضاف أن معدل الطلاق ضمن حدوده الطبيعية، وهو بين 2 و4 فى الألف سنويا، بما يعنى أن المشكلة الرئيسية هى عزوف الشباب عن الزواج والتى تعود بالأساس لارتفاع الأسعار والمغالاة فى المهور، خاصة أن الرجل الأردنى يتحمل كل تكاليف الحياة والزواج من الألف للياء حتى ملابس الزوجة يدفع ثمنها. وبخلاف تغيير سن الزواج تسببت الأزمة أيضا فى تغيير عادات الأردنيين للارتباط، فبعض العادات التى كانت جزءاً أساسياً من النسيج الاجتماعى للمملكة تغير ليقتصر العرس مثلا على دعوة الأسرة الصغيرة للعروس فقط بدلا من العائلة الكبيرة كما كان متبعا فى السابق، وبعدما كان العرس يتم من خلال 3 زفات «زفة السيارات» و«زفة العريس» و«زفة العروس» أصبح البعض يكتفى بالأخيرة فقط، وحاليا تكتفى بعض الفتيات بالإكسسوارات بدلا من الذهب. التغييرات اعتبرها سهيل أبو الشامات أستاذ علم الاجتماع فى تصريحات لجريدة «الغد» الأردنية نتجت عن الغلاء المعيشى الذى يطارد الجميع، وأوضح أن الكثير من الأسر لجأت إلى أساليب مختلفة للتغلب على الغلاء، مطالباً بتجاوز المظاهر «الكمالية»، التى ترهق ميزانية الشاب قبل انشغاله بمصاريف الحياة الزوجية. وفى تقليد جديد تماما على المجتمع الأردنى لجأت بعض الفتيات لاستثمار مقدم المهر الذى يدفعه العريس لشراء أسهم فى البورصة بدلا من الذهب الذى ارتفع سعره بشكل جنونى. وبدأت ظاهرة استئجار أثواب الزفاف تنتشر بعدما كانت غير موجودة نهائيا وشكلت تلك العادة الجديدة مصدرا لكسب بعض المحال التى تخصصت فى تأجير أثواب الزفاف وباقى إكسسوارات العروس، بخلاف محال أخرى لتأجير بدلة العريس، بل لجأت بعض محال وسط عمان لتعليق لافتات تعلن إمكانية شراء بدلة العريس وملحقاتها «بالتقسيط على 10 أشهر». وفى إطار التوفير، بدأ البعض يميلون لإقامة أعراس جماعية تجمع لها التبرعات من المؤسسات والأثرياء وتقام فى ساحات عامة ويخرج العرسان بعدها بالعديد من الجوائز والهدايا وبتكلفة لا تذكر على الإطلاق.