فى عدد جريدة «المصرى اليوم» قرأت خبراً ينص على أن المجلس الوطنى لنقابة الأطباء والأكاديمية الوطنية للطب فى فرنسا أعربا عن استنكارهما للحكم الصادر ضد الطبيبين، ونددا فى بيان مشترك لهما بما سمياه الوحشية والمهزلة القضائية، الدكتور حمدى السيد نقيب الأطباء قال ل«المصرى اليوم» إنه لا يمكن أن نبرئ أهداف مثل هذه المؤسسات من الهوى، موضحاً أنها لا تعمل لصالح الطبيبين المصريين بقدر حرصها على التشهير بالنظام الإسلامى فى تطبيق العقوبات الشرعية. وقال: «لا نرجو تدويل القضية لأنها فى نهاية المطاف فى دولة إسلامية قد تطبق الشريعة بنوع من التشدد أو التجاوز، ولكننا جميعاً فى قارب واحد وأن الإسلام مستهدف وتطبيقاته القانونية مستهدفة». وللحق لم أستطع أن أمنع نفسى من الاختلاف مع الأستاذ الدكتور حمدى السيد أستاذ جيلى من الأطباء ونقيب كل الأطباء. بداية فإن النظام الإسلامى فى تطبيق العقوبات الشرعية يبرأ من الحكم الصادر بحق الطبيبين، فبقدر المعلومات المتاحة عن القضية لم يرتكب أى من الطبيبين جرماً من المنصوص شرعاً على جلد مرتكبه، كما أن عدد الجلدات المحكوم على الطبيبين بها لم يعرفه أى تشريع إسلامى، وبالتالى فإن شبهة استهداف الإسلام وتطبيقاته القانونية فى غير محلها، ومن جانب آخر ما الذى يضيرنا فى تدويل القضية إذا كان تدويلها سيصب فى مصلحة الطبيبين؟ وإذا كنا بمنتهى الصراحة عاجزين عن إيجاد حل لتلك المشكلة لأننا وبصراحة أيضاً لا نملك وسائل الضغط الكافية لدى الأشقاء، وأتى عبر البحار من يملكون تلك الوسائل وأخذوا خطوة فى الاتجاه الصحيح، هل نقطع عليهم الطريق؟ وإذا كنا حقاً فى قارب واحد حسب تصريح الدكتور حمدى السيد، فأين نقابات أطباء باقى الأشقاء من صحبتنا فى القارب بحيث يكون الحل داخلياً ولا يأتى التعاطف المقرون بالفعل مِنْ مَنْ نشكك فى نواياهم، بينما أبناء جلدتنا ما بين متفرج وغير مبال، وغير مدرك للقصة من أساسها!! وإذا ابتعدنا عن الافتراضات الجدلية، فما هى علاقة نقابة أطباء فرنسا والأكاديمية الوطنية الفرنسية للطب بالإساءة للإسلام؟ وما الذى يجعل ذلك على أجندة عمل أى منهما والتى لا تحتوى إلا على مشاكل الطب وتطويره ومشكلات الأطباء، شأن كل الجهات العلمية فى الدول المتقدمة، وما تدخلهما فى مشكلة الطبيبين إلا تدخل أبناء المهنة الواحدة حال وجود مشكلة لأحدهم أو الجالية الواحدة إذا تعرض أحد أعضاء الجالية لأذى،.. وللعلم فإن الاتحادات الطبية العالمية غير معنية بلون أو دين أو عرق، وقد رفع الاتحاد الأوروبى لدراسة الكبد فى مؤتمره الأخير فى ميلانو مقولة لويس باستير «إن العلم لا وطن له إذ إنه ملك الإنسانية» كشعار للمؤتمر. إن رأى الأستاذ الدكتور حمدى السيد هو امتداد على الاستقامة للرؤية بأن التجاوز فى حق المواطن فى بلادنا سواء قهراً أو ظلماً أو تعذيباً أهون من تدخل الغير من دول أو منظمات ترعى حقوق الإنسان لإيقاف ذلك التجاوز، وأن سيادتنا على بلادنا هى سلطة مطلقة على مواطنينا يعد مجرد مناقشتها تدخلاً فى شؤوننا الخاصة!! وقبل أن أنهى أرجو أن يتسع صدر الأستاذ الدكتور حمدى السيد لخلاف أحد أبنائه من العارفين قدره معه فى الرأى. أ.د.محمد على مخلص المركز القومى للبحوث [email protected]
