قديماً كان الغناء فناً ورسالة، كلمات راقية لشعراء هم بحق مبدعون، وغناها مطربون بلا مؤثرات ولا ميكسات لأنهم فنانون.. أفراد الأسرة كانوا يلتفون حول المذياع «الراديو»، ليستمعوا إلى قصيدة لشوقى مثلاً تغنيها أم كلثوم قد تمتد إلى ساعات بلا كلل أو ملل. وفى زماننا هذا أصبح الغناء من حق الجميع وبلا ضوابط!! كلمات رديئة، وأصوات قبيحة، ومنتج جزار أو سباك أو ما شابه ذلك، الغناء الآن صورة بلا صوت، وكلما كان العرى أكثر زادت المشاهدة وحققت الأغنية نجاحاً منقطع النظير! وصدق شعبان حين قال «راح زمان السميعة ألمظ وسيد وبديعة»! فالمستمع الآن ليس لديه الوقت الكافى لسماع أغنية لحليم أو عبدالوهاب، فعوضناه عن هؤلاء بأغان تتحلى بإيقاع سريع، قد لا تلحقه أحياناً، بسبب الدراجات والخيول التى تمتطيها المطربات فى الكليبات الحالية، أظلمت دنيا الغناء بنجوم هذه الأيام!! فلولا التقنيات الحديثة التى وصلت إليها استوديوهات التسجيل، لما استطاعت أذناك تحمل هذه الثرثرة الفارغة، غنوا لكل شىء!! للحيوانات والفاكهة والخضار، ولم ينسوا التوك توك! فكر فى أى شىء ستجد أن هناك أغنية تعبر عنه بأسلوب كاتبها، وميوعة مغنيها، بل وصل بهم الحال أن غنوا علينا، هذه الأغانى لا تصلح إلا للميكروباصات لتعمر للسائقين الطاسة إن صح التعبير!.. قنوات متخصصة للأغانى تعمل على مدار اليوم واللى «عايز يتفرج يتفرج، واللى مش عاجبه مايتفرجش».. هكذا قال أحد المسؤولين عن الفضاء المفتوح! والشباب المصرى للأسف أعجب بهذه القنوات، وما تقدمه من أغان أشد الإعجاب، وتحدى الملل وتابعها بانتظام ليطلع على كل جديد فى عالم الموضة، فهم يقلدون كل ما يعرض عليهم.. لماذا لا يخضع هؤلاء المطربون والمطربات للكشف على حبالهم الصوتية، والتى أشك فى أنها موجودة أصلاً!! ومن الممكن أن يعود كل واحد منهم إلى عمله السابق قبل الغناء، فالعمل الشريف ليس عيباً، وليتركوا الفن لأهله، حتى نعود لزمن الفن الجميل، ونستريح من الصداع والدوشة التى أصابت مجتمعاتنا وأفسدت شبابنا، وشغلتنا عن بناء نهضة بلادنا.. فقبل أن تمسك الريموت أو تفكر فى سماع شىء ما تذكر جيداً أن الأغانى أصبحت بلا معان! محمد الزمزمى