من أعجب العلاقات الإنسانية على الإطلاق العلاقة الزوجية. توقفت كثيرًا عند حكمة الخالق العظيم فيها فازداد عجبى!! فكل العلاقات الإنسانية الأخرى تنبع منها وتصب فيها، إذا صلحت صلح سائر جوانب الحياة، وإذا فسدت - لا قدر اللّه - كانت الحياة كئيبة، وإن بدا عكس ذلك. إن السعادة تنبع من بيوتنا وتصب أينما ذهبنا، لا أقول إننا نعيش فى الجنة، ولكن استقرارنا النفسى والعاطفى، هو الذى يجعلنا نحل مشكلاتنا بحنكة، ونتعامل مع أزماتنا بحكمة. فى انتظار رسائلكم... الفارس المزيف بداية د. هبة أشكرك على ما تقدمينه من علم وثقافة ونصائح أستفيد بها على المستوى الشخصى كثيرا، واسمحى لى بأن أسرد لك مشكلتى التى دامت 8 سنوات، حيث بدأت حينما كان عمرى 14 سنة، حين تعلق قلبى بجارتى التى تصغرنى بسنوات قليلة، أحببتها بشدة فى الوقت الذى كان يظن فيه البعض أنها مشاعر مراهقة سرعان ما ستنتهى بمرور قليل من الوقت، إلا أن هذا الحب ظل يزداد لفترة طويلة، بل أصبح الجميع يرى هذا الحب فى كل تصرفاتى، ولكن بعد سنوات قليلة بدأت أشعر أن هناك فرقًا كبيرًا بينى وبين حبيبتى، فهى من أسرة ثرية جدًا، ومستوى اجتماعى مرتفع، بينما أنا من أسرة أقل من المتوسط اجتماعيًا وماديًا، وعلى الرغم من كل هذه الفروق فإننى صارحتها بمشاعرى فوجدت منها تجاوبا. قد تقولين سيدتى أننا كنا صغارا فى هذا الوقت وأن ما نشعر به هو مشاعر مراهقة سرعان ما تنتهى وتنسى بمرور الوقت إلا أنه مر على هذا الحب سنوات طويلة فيتعلق كل منا بالآخر، كانت لى فى تلك السنوات السند والعون والقلب الحنون، كانت تمثل لى أمى الثانية، حتى إنها كانت تقف إلى جوارى فى كل أزماتى، وتمنحنى الشجاعة والقوة لمواجهة أصعب المواقف والأزمات. هذه العلاقة البريئة الطيبة لم تكن فى الخفاء بل إن والدتى وأشقائى كانوا على علم بها، كما أن والدتها وشقيقاتها علمن بالأمر، وكانت والدتها مرحبة بعلاقتنا جدًا، أما والدتى فكانت متحفظة على العلاقة أو بمعنى أصح رافضة لها تماما، حيث قالت لى: «حب زى ما أنت عايز، واتجوز اللى أنا عايزاها» طبعا لم أنتبه لكلمتها إلا بعدما التحقت حبيبتى بإحدى كليات القمة، بينما أحمل أنا مؤهلاً متوسطًا لتعثرى فى الثانوية العامة، أصبحت فتاتى عصبية المزاج تثور لأتفه الأسباب، كانت الغيرة تقتلنى كلما أفكر أن سبب عصبيتها وانفعالها الدائم تعلقها بزميل فى الجامعة، أو أن أحدهم يحاول التقرب من حبيبتى خاصة أنها شديدة الجمال، لذلك بدأت أضعها فى اختبارات بأن أخبرها أننى سأتركها لتتزوج من غيرى، أو كأن أحاول أن أثير غيرتها على، أو أننى أقوم بزيارتها بشكل مفاجئ فى الجامعة.. إلا أنها فى كل تلك الاختبارات كانت تنجح وبجدارة فى إثبات صدق حبها لى وتمسكها الشديد بى. إلى أن اكتشفت أن السبب وراء عصبيتها فى الشهور القليلة الماضية أنها تعبت فى الفترة الأخيرة، وحينما ذهبت للطبيب وقامت ببعض التحاليل اكتشفوا أنها مريضة بالسكر، طبعا كانت صدمة لى، وحزنت لفترة كبيرة خاصة أنها فتاة صغيرة على تحمل هذا المرض الذى قد يقضى على مستقبلها تماما، كما أن قليلين هم من يقبلون الزواج من مريضة سكر، لذلك قررت التقدم لخطبتها إلا أن والدتى رفضت تماما حيث قالت إنها غير مناسبة لى وأن الفروق بيننا كثيرة، ثم أخطأت خطأ كبيرًا جدًا حيث أخبرت والدتى بأنها مريضة سكر، وكأنها وجدت السبب الحقيقى للرفض بلا جدال على الرغم من أن سبب مصارحتى لوالدتى بأمر مرضها كان بهدف أن تتعاطف معها وتوافق على الزواج.. أنا الآن فى موقف حرج للغاية.. والدتى ترفض الزواج نهائيا، والفتاة التى ارتبطت بها تنتظر أن أتقدم لخطبتها.. فماذا أفعل؟ أرجوك يا دكتورة هبة لا تهملى رسالتى - عزيزى الشاب.. قرأت رسالتك عدة مرات فى محاولة منى لأن أفهم أو ألتقط خيط المشكلة الأساسى، ليس لأى سبب سوى أن أعرف سبب تعلق هذه الفتاة الصغيرة بك، فلم أجد سوى مشاعر فتاة قليلة الخبرة بريئة إلى حد كبير، لأنها وفقا لوصفك لها فتاة فى بداية دراستها الجامعية متفوقة إلى حد التحاقها بإحدى كليات القمة، تنتمى إلى مستوى اجتماعى ومادى مرتفع فضلا عن جمالها الشديد كما قلت، كما أنها تمتلك من الشجاعة والطيبة والحنان ما يؤهلها لتكون أما ثانية لحبيبها، فما الذى يدفعها للارتباط بشاب «لم يقدم إليها أى تضحية تذكر» فأنت خلال رسالتك حاولت إخفاء عيوبك وتقصيرك معها طوال ثمانى سنوات حب، فضلا عن إنكارك لأى وصف لهذه العلاقة بأنها «مشاعر مراهقة».. الغريب أنه بحسبة بسيطة أستطيع توقع عمرك وعمر هذه الفتاة، فأنت حاليا تبلغ من العمر 22عاما، بينما تبلغ الفتاة الصغيرة 18 عامًا على الأكثر.. إلا أنها فى هذه العلاقة التى بدأت حينما كان عمرها عشر سنوات حتى بلغت من العمر ما هى عليه الآن، وهى تقوم بدور الحبيبة والأم والصديقة والسند والعون، بينما تقوم أنت بدور الكومبارس الصامت الذى يكتفى بمشاهدة الأداء العالى والراقى للممثل الكبير. تغاضيت يا عزيزى الشاب عن فروق عديدة ولم تلتفت إليها، فى الوقت الذى تقوم على هذه الفروق الدنيا بأكملها، فهل تظن يا عزيزى أن الفروق الاجتماعية والمادية أمور تافهة لا تستحق الاهتمام إلى هذا الحد؟! كما أنك طوال ثمانى سنوات تظن أنها ليست سنوات حب طفولى لم تحاول إقناع والدتك بحبك لفتاتك.. كما أن حبك لفتاتك لم يدفعك للتفوق فى دراستك فتعثرت فى الدراسة ولم تحاول أن تعالج الأمر بالالتحاق بإحدى الجامعات الخاصة بالمؤهلات المتوسطة، بل إنك تفاجأت بأنها التحقت بإحدى كليات القمة وكأنك لم تكن تتمنى لها ذلك، وكأنك تلومها على التفوق والالتحاق بالجامعة فأعطيت لنفسك الحق فى اختبارها لأنها بالطبع أخطأت فى حقك حينما تفوقت وكانت ذات جمال شديد.. بل وتحاول إثارة غيرتها وتهديدها بالابتعاد عنها.. لتتمسك بك الفتاة الضعيفة البريئة وتثبت أنها لا تحب غيرك فتقدم القرابين تحت قدميك ليتك ترضى!! أما الآن فأنت ترى أنك أصبحت فى الموقف الأقوى والمكانة الأعلى لأنك ستتعطف وتتكرم وتوافق على الزواج من مريضة السكر، أطمئنك عزيزى الشاب أن هذه الفتاة التى ابتلاها الله بمرض السكر لن تعانى طويلاً مع من لا يقدر الأمور ويضعها فى نصابها الحقيقى، فمرض السكر ليس مرضا لعينا إلى هذا الحد ومن الممكن التأقلم معه بسهولة وأظن أن طبيب فتاتك أخبرها بهذا الأمر.. أما الأمر الأهم الذى لاحظته فى رسالتك أنك حينما كنت تتحدث عن تلك الفتاة البريئة كنت تصفها بحبيبتى أو فتاتى، ولكن حينما تحدثت عن مرضها وتخليك عنها أصبحت تتحدث عنها وكأنها فتاة غريبة.. عزيزى الشاب أرجوك اخلع عن وجهك قناع البطولة، فأنت لا تستحق هذه الفتاة، وقبل أن تظن أنك شهيد الفروق الاجتماعية والمادية، أخبرك أن هذه الأمور يمكن التغلب عليها، ولكن الحقيقة أنت لا تستحق فتاة بنبلها وبراءتها وشجاعتها وطيبتها، وأرح ضميرك ولا تتزوج من فتاة يقضى مرض السكر على مستقبلها!! خاصة أنه مرض لا يقضى على مستقبل أحد.. واتركها لمن يقدرها ويرعاها.. من يضحى فى الأزمات من أجلها.. من يحارب من أجل أن يجد فتاة مخلصة مثلها.. أرجوك ارحم هذه الفتاة يرحمك الله، [email protected] www.hebakotb.net