هل سئمت مثلى كدر الحاضر؟ والقبح الذى يطاردنا فى كل مكان؟ هل كرهت مثلى مقالات الرأى التى لا تغير أى شىء، وقراءة الصحف التى لا تأتى بأى جديد؟ هل تعبت مثلى من قسوة البشر وتعمدهم الإيلام؟ وحزنت لهؤلاء الذين قضوا رحلة العمر فى فقر، يكابدون مرارة العيش وتعب الأيام؟ ما رأيك أن نفتح قلوبنا لبهاء الطبيعة، وعذوبة الكون، وروعة اللون الأخضر، وشقاوة القطط والعصافير. ما رأيك أن نحلم؟ أن نلعب ونطير؟ نسابق العصافير، نغنّى كالبلابل، ونفرح للشمس كالفراشات، ونرقص مع النحل للزهور؟ ما رأيك أن نفر من الحاضر لبضع دقائق هى مدة قراءتك هذا المقال. نلعب معا لعبة الخيال، وتصحبنى فى رحلة مجانية إلى آخر أطراف العالم، حيث الجزر الوادعة تشهق بالبكارة والدهشة والجمال؟ انس التوريث والفتن الطائفية، انس الفساد والأحوال المتردية، وأغمض عينيك عن قبح الحاضر لترى ما خلقه الله فى كوكبنا من بهاء. سوف نركب معا سفينة صغيرة ونكتشف الجزر الصغيرة التى لم تُرسم فى أى خريطة فى عمق أعماق المحيط. تعال معى إلى السماء الصافية، والريح الساكنة، والشمس الذهبية، والأشجار الاستوائية ترتفع شامخة فى السماء. وأشجار الفاكهة مصحوبة بعبير الزهور تنشر أريجها فى الأرجاء. تنساب أشعة الشمس من بين غصونها الملتفة فترسم على الرمال زخارف من الضوء الذهبى، كالنقوش اليابانية. اسمع معى أمواج البحر وهى تضرب برفق أنحاء الجزيرة، شاهد طيور النورس تهبط وتحلق، كطائرات ورقية بيضاء يصنعها الأطفال. استنشق رائحة الملح واليود والحب، الرائحة البكر الأوّلية التى تشبه رائحة الخلق، ورياح البحر تنفخ قميصك حتى تصبح بالونة سعيدة ملونة توشك أن تطير فى الهواء. انعم بمسرات الروح، وسط الطبيعة الفاتنة، ومتعة لا تشتريها كل أموال الدنيا حين تنظر إلى السمك الطائر وهو يندفع فوق سطح الماء. يصنع ذلك خصيصاً من أجلك، فقط كى يدخل السرور على قلبك المتعب فتقول: سبحان الله. ما أروع الحياة فى العالم الواسع، عالم البحر والخيال. بعيدا عن الهموم التى تصطخب فى صدور الناس. ما أروع أن تشاهد الجزر العذراء التى لا يسكنها بشر تنكشف لك رويداً، وكأنها تُخلق لك خصيصا، مكسوة بالغابات الخضراء. ومياه البحر ترقد تحت أقدامها، لتوشوش الغابات بلطف، وتهدهدها برقة أمٍ تناجى طفلها حتى ينام. وما أسعدنا حين نعلو عن الصغائر، ونتصل بالروح العلوية، ونفتح صدورنا لبهاء الكون، وجمال الطبيعة وروعتها، للماء اللازوردى والغابات العذراء، للبكارة التى ترمز لبدء الخليقة، للسمو والنقاء والبساطة. أيها الكون الرائع الذى أبدعه الله، حمدا لله. أيتها الحياة الجميلة التى خلقها الله، حمدا لله. أيها الإنسان الذى من أجله خلق الله هذا الكون، كن المخلوق الكامل الذى أسجد الله له الملائكة، لتسبح الله وحده وتترنم بمجده فى الأرض وفى السماء. [email protected]