يهل علينا شهر رمضان كل عام، ويجتهد فيه المجتهدون، كل فى مجاله، ومن أبرزهم المجتهدون فى الدراما التليفزيونية، فكانت الحصيلة أكثر من خمسين (مسلسلاً) تليفزيونياً فى مصر، على شتى القنوات الأرضية والفضائية، تعدت تكلفتها 750 مليون جنيه، ويقول آخرون إنها تجاوزت المليار جنيه!! يريد هؤلاء المجتهدون من مسلسلاتهم أن يكون هناك 300 مليون عربى (مسلسل) أمام إنتاجهم، فشعارهم ألا يغادر أى مواطن عربى شاشاتهم، بل يجب على كل واحد منهم أن يبقى (مسلسل) تجاه المعروض عندهم، فإن نجا من (مسلسل) جلس (مسلسل) أمام آخر!! إن الله بواسع مغفرته وجميل عفوه أراد من عبده فى هذا الشهر الفضيل ألا يكون (مسلسل) بأى شىء، وأن يكون حراً من كل قيد، نفسه وهواه وشيطانه، فيتقرب منه أكثر، وينهل من فيض رحمته، ولكى ينجح العبد فى ذلك (سلسل) الله له الشياطين التى تغويه طوال العام، وهذا ما يوضحه لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقوله: «إذا دخل شهر رمضان فُتحت أبواب الرحمة، وغُلقت أبواب جهنم، وسُلسلت الشياطين»، فالله جعل الشياطين (مسلسلة) فى هذا الشهر ليصبح عبده المسلم حراً، ولكن هناك من يريد أن يقلب هذا الأمر، فأفسح المجال لهذا الإنتاج بغزارة ليصبح كل مسلم (مسلسل) أمامه، لا يستطيع حراكاً ولا يتمكن فكاكاً! لا يجادل أحد -من المجتهدين فى الإنتاج الدرامى- فى أن الهدف الحقيقى من شهر رمضان أن يكون شهراً للطاعة والصلاة والقيام، وقراءة القرآن الكريم، وفعل الخيرات فى المجتمع لكل الناس، وكثرة الإنتاج، وأداء الأعمال على أكمل وجه، وذلك لن يتحقق أبداً ب(سلسلة) الناس أمام القنوات المختلفة، فالإنسان (المسلسل) بكثرة الدراما والبرامج والأفلام، سينام فى عمله، وسيعطل مصالح الناس، ولن يقوم بأى عمل كما ينبغى! (المسلسل) لن يبنى أمة ولن يسهم فى تشييد حضارة، وإنما يصنعها الحر من كل القيود. أحمد عبداللطيف مساعد مدير تحرير ب«الأخبار»
