«انتهاء اللاعقلانية: الدورى الإيطالى المحطم يبحث عن العودة» كان هذا هو عنوان التقرير الذى نشرته صحيفة «دير شبيجل» الألمانية حول الأزمات الطاحنة التى مر بها الدورى الإيطالى، والتى أثرت عليه كأحد أفضل الدوريات فى العالم، وجعلته يتراجع إلى المركز الرابع فى تصنيف أفضل الدوريات حول العالم، بعد أن كان يحتل المركز الأول بجدارة. وأشارت الصحيفة إلى أن الكالتشيو الإيطالى كان أحد أفضل الدوريات الكروية فى العالم وأكثرها إثارة، ولكن الأزمات بدأت تلاحقه بداية من سوء حالة معظم الاستادات الموجودة والتى أصبحت غير مؤهلة، بالإضافة إلى الإقبال الضعيف للجماهير التى عزف معظمها عن حضور المباريات بسبب أعمال العنف والتطرف داخل الملاعب سواء بين الجماهير وبعضها أو بين الجماهير والأمن، فضلاً عن الفضيحة الكبرى التى تورط فيها نادى يوفنتوس الإيطالى عام 2006 بالتلاعب بنتائج المباريات والتى أفقدت الجماهير الثقة فى الدورى الإيطالى ككل. وذكرت الصحيفة أنه فى وقت سابق كانت الجماهير تمثل وقوداً للاعبين فى إيطاليا لتحويل تأخرهم إلى فوز وأن عامل الجمهور كان له عامل السحر فى إنقاذ أكثر من فريق من الهبوط إلى الدرجة الثانية فى الدورى، كما أن الغياب الجماهيرى أثر على حماس اللاعبين وتحديداً الفرق الكبرى، وأن مباريات الفرق الكبرى مثل كاتانيا وبولونيا وسيينا وبارما أصبحت مقاعد الجماهير فيها خالية بنسبة تزيد على ال 80٪ على الرغم من أنها كانت فى وقت من الأوقات أحد أفضل فرق العالم. وأكدت الصحيفة أن ملاعب المدن الكبرى مثل العاصمة روما وميلانو وتورينو لا تحظى بإقبال جماهيرى وقت مباريات فرق هذه المدن، ونادراً ما يتم بيع تذاكر مباراة بالكامل فى الدورى الإيطالى، على الرغم من أن هذه الملاعب كانت تعج بالمتفرجين فى وقت سابق على غرار ما يحدث حالياً فى الدورى الإنجليزى والدورى الألمانى، لأن القصة أصبحت مختلفة، لأن الدوريين الإنجليزى والألمانى تمتلئ فيهما الاستادات بجميع المباريات بنسبة تصل إلى 90٪ فى حين أن استادات الدورى الإيطالى من الصعب أن يمتلئ نصفها. واستعرضت الصحيفة بعض الأوقات التى شهدت إقبال الجماهير على الدورى الإيطالى مثل عام 1984 عندما تعاقد نادى نابولى الإيطالى مع الأسطورة الأرجنتينية دييجو أرماندو مارادونا من برشلونة الإسبانى وهبط على ملعب نابولى بطائرة هليكوبتر، وأن النجوم التى تواجدت أمثال مارادونا وميشيل بلاتينى ولوثر ماتويس وجابريل باتيستوتا وزين الدين زيدان كانت تجعل للكالتشيو مذاقاً خاصاً يجعله جاذباً للجماهير وهو ما يخالف حاله الآن. وأكدت «دير شبيجل» أن المشكلة الأخرى بالنسبة للدورى الإيطالى تكمن فى مثيرى الشغب، والمشاجرات التى تحدث سواء بين الجماهير المتعصبة وبعضها أو مع قوات الأمن، والتى كانت تؤدى أحياناً إلى مقتل بعضهم، وأكبر مثال على ذلك تعرض شرطى لضرب أفضى إلى موت عام 2007 فى شوارع مدينة كاتانيا، وهو عكس ما يحدث فى إنجلترا وألمانيا اللتين تشهد وجود الأسر والفتيات مما يزين الملاعب فى هذين البلدين. أما المشكلة الثالثة فهى فشل الطليان فى استغلال فوزهم بكأس العالم 2006 لتغيير الصورة السيئة عن الدورى الإيطالى عقب الفضيحة المسماة «كالتشيو بولى»، التى تورط فيها نادى يوفنتوس عن طريق مديره التنفيذى لوشيانو موجى والتى تسببت فى تجريد نادى «السيدة العجوز» من لقب الدورى وهبوطه للدرجة الثانية. وألمحت «دير شبيجل» إلى أن الأندية الإيطالية تراجعت على الصعيد الأوروبى مما اضطر النجوم إلى هجرتها لتحقيق مكاسب مالية مثل البرازيلى ريكاردو كاكا الذى رحل من ميلان إلى ريال مدريد مقابل 65 مليون يرو، فضلاً عن السويدى زلاتان إبراهيموفيتش الذى انتقل إلى برشلونة الإسبانى مقابل انضمام الكاميرونى صامويل إيتو ودفع 40 مليون يورو لإنتر ميلان. وأشارت الصحيفة إلى أن سخرية القدر تكمن فى أن اليوفنتوس المتسبب الرئيسى فى فضيحة 2006 كان هو البادئ بثورة التصحيح وبدأ تعديل أوضاعه فى الكالتشيو من خلال بناء فريق جيد منذ صعوده إلى الدرجة الأولى مرة أخرى بعد هبوطه بعام واحد فقط، وأن الفرنسى جان كلود بلان المدير التنفيذى كان له عامل السحر على فريق «السيدة العجوز» لخبرته الكبيرة فى مجال الأعمال التجارية والتسويق الرياضى، مما ساهم فى وضع اليوفى على الطريق الصحيح، وبدأ فى تطبيق مشروع الملعب الجديد الذى سيتكلف 165 مليون يورو وسيتم افتتاحه عام 2011. كما أشارت الصحيفة الألمانية إلى أن اليوفنتوس بدأ أيضاً تنشيط عملية زيادة الجماهير فى المدرجات من خلال استقبال الفتيات بالورود على باب الاستاد لتحفيزهم على الحضور للمباريات. كما أبرزت «دير شبيجل» جهود الشرطة الإيطالية لمنع وجود المشاغبين فى المباريات عن طريق التأكد من هوية مشترى التذكرة والحصول على جميع البيانات اللازمة عنه وإجباره على إبراز الهوية عند دخول الملعب لضمان عدم دخول مثيرى الشغب. وأوضحت الصحيفة أن الحكومة الإيطالية ستضع قانوناً جديداً للرياضة فى نهاية العام الجارى للنهوض بالرياضة الإيطالية فى المرحلة المقبلة وخطط إنشاء ملاعب جديدة بسبب الحالة السيئة للملاعب الحالية. وتسود حالة من التفاؤل فى إيطاليا بسبب إمكانية تقليل رواتب اللاعبين عن طريق القانون الجديد الذى ينوى الاتحاد الأوروبى لكرة القدم «ويفا» طرحه بتحديد رواتب اللاعبين بقيمة معينة لإعادة صرف الأموال الواردة للأندية للإنفاق على تطوير البنية التحتية، خصوصاً أنه ثبت صرف 68٪ من دخول الأندية على رواتب اللاعبين فقط. وهناك صفقة حقوق البث التليفزيونى التى من المتوقع أن تدر دخلاً كبيراً على الأندية الإيطالية، بعد أن اشترت وكالة تسويق سويسرية حقوق تسويق الدورى الإيطالى والتى قد تدر على الأندية مبلغاً يصل إلى 1.6 مليار دولار فى موسمين.
