اسمه «على» وحكايته «حدوتة مصرية»، دموع أمه ومرض والده دفعاه إلى استثمار حاسب آلى أهداه له أهل الخير للإنفاق على أسرته رغم إعاقته.. يعرف جميع ماركات «المحمول» بمجرد لمسها، ويتواصل مع أصدقائه على الإنترنت، ويحلم بأن يصبح موسيقاراً شهيراً مثل عمار الشريعى. عاد من مدرسته مبكراً، وأثناء دخوله المنزل سمع أمه تبكى وهى تتحدث مع أبيه وتقول: «العيال محتاجين مصاريف وعلاجك خلص.. هنجيب فلوس منين؟» دوت هذه الكلمات فى أذنى على عزايم أحمد وظل يفكر طويلاً، ماذا يفعل ليساعد فى نفقات البيت ليعين أباه المريض وينفق على أمه وإخوته الخمسة؟ هل يعمل بجانب الدراسة؟ ولكن كيف وهو كفيف لم تر عيناه يوماً النور؟ لم يغفل ل«على» جفن حتى وصل لفكرة استثمار جهاز الكمبيوتر الذى أهداه له أهل الخير ليكون مصدر رزق له ولأسرته. ورغم أنه كفيف فإنه أتقن استخدام الكمبيوتر بعد 3 سنوات من الدأب فى العلم بمعاونة الأصدقاء، وأحد البرامج التى تتيح نطق اسم الأيقونة التى يصل إليها السهم، وبعد مرور الوقت عرف أماكن كل شىء بالجهاز. فى شقة صغيرة لا تتعدى مساحتها 50 متراً بشارع الدكمى بإسطبل عنتر أعلن «على» بين أصدقائه وجيرانه افتتاح غرفة صغيرة بالمنزل لتكون محلاً لتنزيل النغمات على الموبايل وبيع الأفلام وغيرها، وأصبح يشارك فى الإنفاق على المنزل من هذا المشروع الصغير، حيث يصل سعر تنزيل الأغنية إلى 50 قرشاً، ومباراة «البلاى ستيشن» بجنيه واحد مع تخفيض فى الأسعار للأصدقاء والجيران. من كثرة تعامله مع الموبايلات التى يقوم بتنزيل النغمات لها أصبح يعرف كل موديلاتها الجديدة والقديمة بمجرد لمسها ويقوم بإصلاحها كما يستعين به أصدقاؤه عند شراء موبايل جديد، يتمنى فى دعابة مرحة أن يحمل موبايل بكاميرا مثل أصدقائه بالمدرسة فيقول: «نفسى يبقى عندى موبايل بكاميرا زى أصحابى، ويا سلام لو بقى نوكيا N82». من بين ألعاب الكمبيوتر يفضل «على» لعبة كرة القدم «فيفا 2009»، فكثيراً ما يلعبها مع أصدقائه، وعن كيفية تعامله مع اللعبة يقول: «عندى لعبة الفيفا بتعلق عربى باسمع التعليق وبعرف الكورة معايا ولا مع خصمى وأنا عارف توزيعة اللاعبين وعددهم فى الملعب، بامرر الكرة عادى وأحسب التمريرات بعدد اللاعبين وعند المرمى أبدأ أصوب». باستخدام لوحة المفاتيح تراه يتعامل مع الكمبيوتر بطلاقة متناهيةفتشعر أنه غير معاق كما يستخدم النت أيضا فى المحادثة الصوتية مع أصدقائه وله إيميل بعنوان «[email protected] فيتصل من خلاله بالآخرين ويكون صداقات جديدة.. يعشق «على» العزف على الأورج الصغير الذى أهدته له مدرسة الموسيقى فى مدرسته «حمامات القبة للمكفوفين»، ويعزف جيداً عليه ويحلم أن يصبح موسيقاراً مثل عمار الشريعى، فكثيراً ما يجلس فى غرفته ليلاً يغنى و«يدندن» وهذا ما أكدته أمه قائلة: «على صوته جميل وبيقعد بالليل يغنى مع نفسه ويعزف على الأورج ويسجل صوته على الكمبيوتر». وعلى طريقة فيلم «الكيت كات» للفنان محمود عبدالعزيز تعلم على ركوب الدراجات والدراجات البخارية من أحد أصدقائه، لكنه لا يرى خطورة فى ذلك فيقول: «عادى أنا باسوق عَجَل» و«فسبة» بس لازم حد يكون راكب ورايا يقوللى على الاتجاهات عشان ماعملش حوادث». تعلم «على» الكتابة بطريقة «برايل» منذ بلوغه التاسعة فيكتب بإتقان على ماكينة أهداها له المرحوم عبدالوهاب مطاوع، مدير تحرير جريدة الأهرام سابقاً، منذ صغره.. وكان «على» يريد أن يصبح مثل آية شقيقته الكبرى التى لديها نفس إعاقته، لكنها أصرت على إكمال تعليمها واجتازت جميع المراحل التعليمية وأوشكت على إنهاء الدراسة بكلية الحقوق جامعة عين شمس.
