على ماذا تراهن أمريكا وإسرائيل فى الشرق الأوسط؟.. فى فلسطين وفى بغداد؟.. على الزهق.. على فضيلة الملل!!.. الناس ملولة.. سوف تنفعل فى الأيام الأولى للغزو وتنفجر المظاهرات والاحتجاجات ثم رويدًا رويدًا تعود الأشياء إلى خانة الزهقنة ثم خانة اللامبالاة.. وإستراتيجية «التزهييق» السياسى توصل الناس إلى المربع رقم صفر.. مافيش فايدة.. ثم انبطاح واستسلام.. لقد ضبطت نفسى متلبسًا بحالة الزهقنة تلك وأنا أتابع خبر مقتل خمسين وإصابة مائة فى هجوم أفغانى انتحارى فى أفغانستان، ثم أخبارًا أخرى عن مصابين وجرحى أمام المسجد الأقصى فى القدس.. ثم عشرات الأبرياء يسقطون فى بغداد. إعلاميًا وسيكولوجيًا.. التكرار يصيب الناس بالملل والزهق والإحباط واليأس من تغيير الواقع.. ثم تنجح السياسة الأمريكية فى إستراتيجية الإلهاء والوعود الكاذبة وخلق تطلعات لدى الشعوب العربية نحو شراء واقتناء سلع الرفاهية والعيش عيشة الخواجة الظريف اللطيف الكاجوال الذى يحب المسرح والموسيقى والانطلاق والتحرر من الهدوم والهموم. ما سبق مفهوم وله ما يبرره إمبرياليًا واستعماريًا.. ولكن غير المفهوم هو سياسة «التزهييق» الداخلى.. استفادت البيروقراطية المصرية من هذه النظرية فى تجميد وترحيل قضايا كثيرة على رأسها قضية الديمقراطية التى تتيح التعددية وحرية الرأى والتنافسية بين الأحزاب.. النخب السياسية والإصلاحيون ووسائل الإعلام المستنيرة بُحّ صوتها ولا شىء يحدث.. سؤال.. ما هى الخسائر؟! الإجابة.. قاتلة وخطيرة.. فراغ سياسى فى الشارع المصرى وغياب مشاريع قومية طموحة تستوعب طاقات الناس وتجعلهم يندمجون فى العمل والإنتاج والتفوق والابتكار.. وما لم يحدث ذلك فلن يتبقى أمامنا إلا الخرافة والأساطير وبرامج تفسير الأحلام والسحر والشعوذة وانقلاب أولويات الحراك الوطنى لتتصدرها موضوعات مثل التحرش والاغتصاب وفتاوى تحريم الأذان بالميكروفون وسيطرة قضية المنتقبات على المشهد.. لا حول ولا قوة إلا بالله.. نجحت الحكومات المتتالية عبر قرابة ستين عامًا فى العودة بنا مرة أخرى إلى عصر هدى شعراوى والنقاب.. الحمد لله ليست حكوماتنا فقط من فعلت ذلك بمجتمعاتها.. ماوتس تونج فى الصين من ستين عامًا وعد الفلاحين بالعيش الرغيد والعدالة الاجتماعية.. فازدادت حالة الفلاح الصينى تعاسة حتى الآن. لمصلحة من تمارس سياسة «التزهييق» تلك؟.. وهل لها جذور مصرية؟.. أى نعم.. لها.. عندنا مثل شعبى يقول.. موت يا حمار لما يجيلك العليق «تعليفة الأكل».. كيف نتعامل مع سياسات «التزهييق» تلك؟.. نغيظ الحكومة ونقول لها عايزين تزهيقة جديدة. [email protected]