هذا مقال كتبته فى 16 يونيو 2008، وتوقعت فيه هزيمة فاروق حسنى: فاروق حسنى فى مأزق حقيقى، مأزق دفعه إلى التخبط والتناقض، والتحول من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، والعكس صحيح، دون مبرر أو هدف، وفى الموقفين كان على خطأ لأنه خضع لغوغائية الداخل وابتزاز الخارج، فى إطار حملته لنيل منصب رئيس منظمة اليونسكو. ورغم أن هذا المنصب رفيع ومهم ويحتاج إلى مؤهلات خاصة من المرشح ودولته التى ينتمى إليها، فإن وزير الثقافة المصرى تعامل مع الأمر كما يتعامل الحزب الوطنى مع انتخابات المحليات.. أقصد غياب أى استراتيجية محددة تعتمد على استخدام وسائل حديثة وعصرية للدعاية والترويج وتقديم صورة جيدة عن المرشح ودولته لنيل هذا المقعد، فالوزير الذى أراد حرق ثلاث روايات إسرائيلية موجودة فى مكتبة الإسكندرية - كما ادعى أحد نواب الإخوان فى البرلمان - هو نفسه الوزير الذى وافق على زيارة إسرائيل، وقبل ذلك أعلن أنه سيلتقى الجالية اليهودية فى فرنسا، ليشرح لهم ما قامت به وزارته من مجهودات لحماية وترميم الآثار اليهودية فى مصر، كأن هذه الآثار ليست جزءاً من الآثار المصرية، وترميمها واجب على وزارة الثقافة، وليس فرض عين لإرضاء اليهود. هكذا يستخدم فاروق حسنى الكثير من الأساليب التى تعتمد على المداهنة والتملق لإرضاء الإسرائيليين وحدهم، بعد أن وَقَرَ فى قلبه أن منصب مدير عام اليونسكو لا يمكن نيله إلا عبر المرور من البوابة الإسرائيلية، وهذا قصور فج فى فهم طبيعة العلاقات الدولية، رغم يقينى أن معاداة إسرائيل يمكن أن تسهم فى فشل المرشح المصرى، خصوصاً إذا كان يتمتع بما يتمتع به مرشحنا من مؤهلات، أولها ضعف قدرات دولته فى إدارة حملة انتخابية من هذا النوع، وثانيها غياب الحكمة والحس السياسى الدولى عن المرشح ذاته، وثالثها أن فاروق حسنى قادم من وزارة أحاطت بها قضايا فساد عديدة، آخرها لأحد أقرب رجال الوزير، وهذا ليس شأناً محلياً كما قد يظن البعض، إنما هو أمر يلقى بظلاله حتما على شخص مَنْ سيدير واحدة من أهم المنظمات الدولية. يجب أن يقر فاروق حسنى بأن حملته ليست على قدر المنصب، وأن أسلوبه وأداءه لم يكونا على المستوى الذى يليق بمرشح لمنصب دولى، وليس مرشحاً لمجلس قروى فى شمال أو جنوب مصر. فوقع حسنى فى (نقرة) حرق الكتب وانتقل منها إلى (دحديرة) استعداده للسفر إلى إسرائيل بصورة دراماتيكية تدل على عشوائية فى التعامل مع فكرة الترشيح لمنصب دولى، ناسياً أن كلا الموقفين يجر عليه حتمية الفشل.. فضلاً عن أن الدور المصرى، عربياً ودولياً، فى حالة ترد تؤشر إلى هزيمة فاروق حسنى، حتى لو لوح بالعلم الإسرائيلى من العاصمة الفرنسية باريس، خصوصاً إذا ما استمر على المنوال نفسه، واستمرت الدولة على النهج نفسه.