«النقل» تكشف تفاصيل التشغيل التجريبي ل5 محطات مترو وتاكسي العاصمة الكهربائي    ميناء دمياط يستقبل 71 ألف طن بضائع عامة    برتوكول تعاون بين البورصة المصرية وجامعة حلوان لنشر الثقافة المالية والادخارية    مدير «القدس للدراسات» يحذر من كارثة كبرى ستحل على المنطقة بسبب انتهاكات إسرائيل    مرصد الأزهر: الشعب الفلسطيني يعيش نكبة جديدة وخصوصا أهل غزة    إجراءات مواجهة الغش في امتحانات الشهادة الإعدادية.. باركود وتفتيش    محافظ بورسعيد يطمئن على سير امتحانات الشهادة الإعدادية في يومها الأول    ضبط 27 طن دقيق مدعم قبل بيعها في السوق السوداء    أول تعليق من سلمي أبو ضيف بعد خطبتها.. (فيديو)    مسلسل دواعي السفر الحلقة 2.. صداقة تنشأ بين أمير عيد وكامل الباشا    مفاجأة في عمر الهندية إميلي شاه خطيبة مينا مسعود.. الجمهور: «شكلها أكبر منك».    «الصحة»: تقديم الخدمة الطبية ل898 ألف مريض في مستشفيات الحميات خلال 3 أشهر    تفاصيل قانون «المنشآت الصحية».. 11 شرطا لمنح القطاع الخاص إدارة مستشفيات حكومية    في 5 محافظات.. حياة كريمة تطلق قوافل طبية مجانية اليوم    عبد المنعم: النهائيات ليس لها كبير.. وسنحاول تقديم كل ما لدينا أمام الترجي    أحمد مجدي: السيطرة على غرفة خلع ملابس غزل المحلة وراء العودة للممتاز    22 مايو.. إجراء القرعة العلنية الثانية لأراضي الرابية بمدينة الشروق    الأحد.. إعلان تفاصيل المهرجان الدولي للطبول بالأعلى للثقافة    23 مايو.. عرض أوبرا أورفيو ويوريديتشي على خشبة مسرح مكتبة الإسكندرية    الاتحاد الأوروبي يحذر من تقويض العلاقات مع إسرائيل حال استمرار العملية العسكرية في رفح    ميدو: الأهلي وراء جلسة حسام حسن مع الصحفيين    مقتل شاب بطلق خرطوش في مشاجرة مع آخر بالشرقية    سؤال يُحير طلاب الشهادة الإعدادية في امتحان العربي.. ما معنى كلمة "أوبة"؟    جامعة القناة تستقبل أحدث أجهزة الرفع المساحي لتدريب 3500 طالب    97 % معدل إنجاز الري في حل مشكلات المواطنين خلال 3 سنوات    ضبط عاطل انتحل صفة فتاة لابتزاز الشباب بمنطقة دار السلام    ضبط 14293 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    رئيس الوزراء الفلسطيني: شعبنا سيبقى مُتجذرا في أرضه رغم كل محاولات تهجيره    بعد الصين.. بوتين يزور فيتنام قريبا    وكيل «تعليم قنا»: امتحانات الرابع والخامس الابتدائي هادئة والأسئلة واضحة (صور)    ياسمين فؤاد: إنشاء موقع إلكتروني يضم الأنشطة البيئية لذوي الإعاقة    وفود أجنبية تناقش تجربة بنك المعرفة في مصر.. تفاصيل    إنعام محمد علي.. ابنة الصعيد التي تبنت قضايا المرأة.. أخرجت 20 مسلسلا وخمسة أفلام و18 سهرة تلفزيونية.. حصلت على جوائز وأوسمة محلية وعربية.. وتحتفل اليوم بعيد ميلادها    الداخلية يواجه الجونة لمحاولة الهروب من قاع ترتيب الدوري    6 ميداليات لتعليم الإسكندرية في بطولة الجمهورية لألعاب القوى للتربية الفكرية والدمج    إقبال كبير على استخدام محطات المترو الجديدة بعد تشغيلها اليوم "صور"    عاجل| شكري: إنهاء الحرب في غزة يتصدر أولويات القادة العرب بقمة المنامة    "الأوروبي لإعادة الإعمار" يتوقع ارتفاع معدل النمو إلى 3.4% بجنوب وشرق المتوسط خلال 2024    تداول 10 آلاف طن و675 شاحنة بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    قناة الأقصى: 10 شهداء جراء قصف إسرائيلي بحي الصبرة    اليوم.. «محلية النواب» تناقش موازنة هيئتي النقل العام بمحافظتي القاهرة والإسكندرية لعام المالي 2024-2025    تشاهدون اليوم.. نهائي كأس إيطاليا وبيراميدز يستضيف سيراميكا    «الصحة» تشارك في اليوم التثقيفي لأنيميا البحر المتوسط الخامس والعشرين    وزارة العمل: 945 فرصة عمل لمدرسين وممرضات فى 13 محافظة    عيد الأضحى المبارك 2024: سنن التقسيم والذبح وآدابه    حكم طواف بطفل يرتدي «حفاضة»    النائب إيهاب رمزي يطالب بتقاسم العصمة: من حق الزوجة الطلاق في أي وقت بدون خلع    امرأة ترفع دعوى قضائية ضد شركة أسترازينيكا: اللقاح جعلها مشلولة    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    قيادي ب«حماس»: مصر بذلت جهودا مشكورة في المفاوضات ونخوض حرب تحرير    فاندنبروك: مدرب صن داونز مغرور.. والزمالك وبيراميدز فاوضاني    حظك اليوم وتوقعات الأبراج 15-5: نجاحات لهؤلاء الأبراج.. وتحذير لهذا البرج    مصرع عامل صدمه قطار في سوهاج    تراجع سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأربعاء 15 مايو 2024    بدأت باتهام بالتأخُر وانتهت بنفي من الطرف الآخر.. قصة أزمة شيرين عبدالوهاب وشركة إنتاج    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    أحمد كريمة: العلماء هم من لهم حق الحديث في الأمور الدينية    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دفاعاً عن المنصورة.. وأنيس منصور

أعتقد أن الانتقادات التى وجهت للكاتب الكبير أنيس منصور بعد قوله إن أهل المنصورة أصولهم فرنسية وأوروبية وقبطية فيها كثير من الظلم للرجل ولتاريخه خاصة بعد أن وصل الأمر بمطالبة عضو فى مجلس محلى الدقهلية بإزالة تمثاله من المدينة.. كما تعرض الرجل لهجوم مكثف من أستاذ تاريخ من المنصورة تجاوز ما قاله منصور عن أصول أهل الدقهلية إلى الحديث عن مدرسته الصحفية وأنها تميل للإثارة والمبالغة وأنها أضرت كثيراً بالمصريين وبالقضايا الوطنية.
وأعتقد أن أنيس منصور وتاريخه وعطاءه لا يمكن اختزاله بهذا الشكل، كما أن أى صحيفة تقوم بنقل مثل هذا الكلام عليها ألا تتناسى أن أنيس منصور أبدع فى السياسة والأدب والمسرح والرحلات والصحافة وإن كان جاداً وعميقاً حين أراد.. وكان أيضاً هزلياً ومضحكاً فى أوقات أخرى، لكنه كان عظيماً فى كل الأحوال.. وأفاد المنصورة بكتاباته أكثر من باقى رموزها رغم عددهم الكبير.
فى المقابل فإن الحديث المبسط حول الأصول الفرنسية لأهالى المنصورة يحتاج الكثير من التدقيق والعمق التاريخى، لكن بداية يجب التنويه إلى أن شعب الدقهلية بوجه عام من المنزلة شمالاً إلى ميت غمر جنوباً يميلون إلى القول بأنهم من المنصورة فى اختزال متعمد للمحافظة فى عاصمتها، وهى ظاهرة لا تتكرر فى باقى محافظات الجمهورية.. وفيها حنين وانتماء إلى المنصورة وتاريخها وجمال أهلها.
والمنصور بناها الملك الكامل «الأيوبى» عام 1221 ميلادية لكنها لم تأخذ شهرتها إلا بعد 30 عاماً تقريباً حين اتخذها ابنه السلطان الصالح نجم الدين أيوب معقلاً لمواجهة حملة الملك الفرنسى لويس التاسع على مصر عام 1249 ميلادية..
وحين توفى السلطان وسط هذه المواجهة قادت زوجته شجرة الدر الحرب بمساندة قادة المماليك وأبرزهم الأمير بيبرس حتى جاء النصر فى المحرم سنة 648/1250 ميلادية. لكن اللافت أن هذه الحرب الضروس جرت فى فارسكور فى نهر النيل وعلى جانبى شاطئيه، أما عملية أسر الملك لويس فتمت فى قرية منية عبدالله شمالى المنصورة..
لكن جرى حبسه فيما بعد فى دار القاضى ابن لقمان فى المنصورة، أى أن حملة لويس انتهى خطرها فعلياً قبل وصولها للمنصورة.. والثابت فى كل كتب التاريخ أن حملة لويس كانت آخر الحملات الصليبية الكبرى فى عمق مصر.. وأن السلطان بيبرس ومن بعده السلطان قلاوون قد توليا إنهاء الخطر الصليبى على الشرق الإسلام بوجه عام. أى أن الفرنيسين لم يدخلوا مدينة المنصورة ولم يعيشوا فيها على الإطلاق.
والثابت تاريخياً أن السواحل الشمالية كانت مرتعاً للحملات الصليبية والرومانية طوال القرون الوسطى فى مرحلة ما بعد الفتح الإسلام لمصر وحتى بداية القرن الرابع عشر الميلادى، وترصد الدكتورة علية عبدالسميع الجنزورى عشرات من هذه الحملات فى كتاب «سواحل مصر الشمالية عبر العصور» الصادر ضمن سلسة تاريخ المصريين وخاصة فى العصر العباسى الثانى وفى فترات ضعف الدولتين الفاطمية والأيوبية.
كما يرصد الدكتور قاسم عبده قاسم فى كتابه «ماهية الحروب الصليبية» أن السلطان الكامل الأيوبى، حين فشل فى الدفاع عن دمياط عام 1219 ميلادية فى وجه القوات الصليبية اقترح على الصليبيين الجلاء عن مصر مقابل أن يأخذوا الصليب المقدس وأن يمتلكوا مدينة بيت المقدس ووسط فلسطين والجليل على أن يدفع المسلمون جزية عن الحصون التى تبقى بأيديهم.
أى أن حفيد صلاح الدين وبعد سنوات معدودة من الانتصار على الصليبيين فى حطين فى 1187 ميلادية وطردهم من القدس قام من تلقاء نفسه بتقديم عرض إليهم بتسليمهم المدينة المقدسة، واللافت فى هذه القصة التاريخية أن القيادات الصليبية رفضت العرض مفضلة خيرات مصر وطمعاً فى ضعف الدولة الأيوبية.
لكن مغامراً صليبياً آخر وهو فردريك الثانى قبل بهدية «الكامل» ودخل القدس عام 1228م بدون حرب.. وذلك بعد 40 عاماً فقط من موقعة حطين ليبقوا فيها عشرات السنين.
والمهم فى هذه الروايات أن الأطماع الصليبية والرومانية فى شمال مصر كانت لأهداف اقتصادية وسياسية أكثر منها دينية ولذلك فإن الكثيرين من الأوروبيين استقروا فى دمياط وشمال الدقهلية وباقى المدن الساحلية، واللافت حتى لأهالى السواحل الشرقية أن معظم العائلات فى المدن والقرى هناك حتى الذين ينتمون إلى قبائل وعائلات عربية عريقة لديهم بشرة بيضاء وعيون ملونة وشعر أصفر،
وذلك باختلاط الأجناس فى هذه المدن والقرى الساحلية.. واللافت أيضاً أن معظم قرى الصيادين فى المنزلة والمطرية وميت سلسيل وكذلك القرى الساحلية فى دمياط تضم عائلات ببشرة شقراء.. كما أن هذه المناطق بها أجمل البنات.. ومنها أخذت المنصورة شهرتها بشكل عام.
وحين فتح العرب المسلمون مصر على يد عمرو بن العاص كانت المدن المشهورة فى شمال الدلتا وفقاً لكتب المؤرخين هى: دمياط وتنيس وتونسة ودميرة وشطا ودقهلة، وكانت هذه المدن تابعة للمقوقس، أما حكامها فكانوا من القبط وبعضهم من الرومان الذين استقروا فى مصر.. بل إن بعض الروايات الضعيفة تشير إلى وجود حكام من القبط العرب لهذه المدن.
وكانت هذه المدن لقربها من الشواطئ ومن بلاد الروم مليئة بالجنود والتجار والناس العاديين ذوى الأصول غير المصرية.. وحين استقر الإسلام فى مصر وعرف طريقه إلى هذه المدن دخل بعضهم فى الإسلام بينما حافظت نسبة عالية منهم على ديانتهم المسيحية.
ويدلل المؤرخون وخاصة المقريزى على أهمية دمياط فى هذه المرحلة بحديث موضوع منسوب للرسول صلى الله عليه وسلم جاء فيه «سيفتح لكم ثغر هو بلد القدرة.. يسكن فيه الأولون من أمتى، رباط ليلة فيه خير من عبادة ألف شهر.. فسأله أنس بن مالك عن بلد القدرة فأجابه :بلد الميم والدال والطاء.. اسمه بالعربية دمياط وفى التوراة البيضاء، وفى الإنجيل الخضراء، وفى الزبور الهرامة».
وخلاصة القول أن دمياط بمفهومها التاريخى تختلف عن دمياط الحالية فكثير من الشواطئ القديمة وكذلك القرى والمدن باتت تابعة للدقهلية، وكذلك فإن القول بأن الصليبيين وخاصة الفرنسيين منهم قد استقروا فى المنصورة هو خطأ تاريخى، لكن الثابت أن الأوروبيين بوجه عام ابتداءً من الروم وانتهاء بالمنتسبين منهم للحملات الصليبية قد استقروا لفترات متفاوتة فى المناطق الشمالية لدمياط والدقهلية وكذلك باقى المدن الساحلية المصرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.