ظل نيلسون مانديلا معتقلًا طيلة 28 عامًا، وكانت زوجته وينى، آنذاك، تخوض حربًا شرسة ضد السلطات مناصرة لقضية زوجها وللأغلبية السوداء فى جنوب أفريقيا وبينما هو فى السجن كانت زوجته تقود المظاهرات من أجل إطلاق سراحه، وتعرضت لكل أنواع الاضطهاد والاعتقال والملاحقة، ولم تتراجع حتى تم إطلاق سراح مانديلا وأجريت انتخابات حرة نزيهة، أصبح على إثرها مانديلا رئيسًا لجنوب أفريقيا فى مثل هذا اليوم «10 مايو» من عام 1994، وكان فى إمكان مانديلا أن يظل رئيسًا مدى الحياة كمعظم الحكام فى العالم، لكنه إرساء للديمقراطية ومبدأ تداول السلطة سلميا تنازل عن الحكم لصالح نائبه، لكن ماذا عن زوجته وينى مانديلا، التى ناصرته طوال تلك السنوات العجاف؟ لقد خرج نيلسون من محبسه ليشيد بجهود زوجته من أجل إطلاق سراحه، لكن لم يمض وقت طويل ما بين خروج مانديلا ووقوع الطلاق بينهما، ولأن المجتمع هناك أكثر انفتاحا وشفافية فإن أسباب الطلاق لم تكن غامضة وإنما بدأت تتكشف تباعا أمام الرأى العام، ففى يونيو من عام 2002 تمت محاكمة وينى مانديلا بتهمة السرقة والكسب الحرام، وقد ورد فى صحيفة الاتهام الموجهة إليها 60 واقعة كسب غير مشروع و25 واقعة سرقة أموال. أما عن سيرة المناضل نيلسون مانديلا فهو من مواليد الثامن عشر من يوليو عام 1918، وكان من الأطفال السود الذين استطاعوا زيارة المدرسة الابتدائية فالثانوية، ثم الجامعة فى كلية فورت هارى، وقد طرد منها بسبب نشاطه السياسى فأكمل دراسته بالمراسلة فى «يوهانس بورج»، واستطاع أن يزاول مهنة المحاماة فى ظل الحكم العنصرى. وأثناء دراسته الجامعية انضمّ عام 1942 إلى حزب المؤتمر الوطنى الأفريقى، ولم يلبث أن لعب دورًا حاسمًا فى تحويل الحزب إلى حركة جماهيرية شاملة وسرعان ما تعرّض للسجن والنفى والعقوبات المختلفة وتحول الحزب إلى العمل السرى وبدأ تشكيل جناح عسكرى مسلّح، وعند عودته من رحلة قام بها إلى الجزائر اعتقل، فحكم عليه فى نوفمبر عام 1962 بالسجن لخمس سنوات، وبعد ثلاثة أعوام حكم عليه بالسجن المؤبّد، ومكث فى السجن 28 عامًا وبعد خروجه تمت المصالحة مع الأقلية البيضاء الحاكمة وقد حرص مانديلا على ألا يتحوّل بلده إلى «ساحة انتقام»، وهو ما لعب دورا فى حصوله مع «دى كليرك»، آخر رؤساء حكومة الأقلية البيضاء، على جائزة نوبل للسلام عام 1993.
