أسعار الدواجن والبيض اليوم الجمعة 17-5-2024 في المنيا    عيار 21 الآن.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 17-5-2024 في محافظة المنيا    تحرك أولى شاحنات المساعدات من الرصيف العائم إلى شاطئ غزة    كولر والشناوي يتحدثان عن مباراة الترجي في مؤتمر صحفي اليوم    اليوم.. طقس حار نهارا على القاهرة والوجه البحري معتدل ليلا والعظمى 35 درجة    النشرة المرورية اليوم| انتظام الحركة المرورية بالقاهرة وسيولة بالشوارع والميادين    أستراليا تفرض عقوبات على كيانات مرتبطة بتزويد روسيا بأسلحة كورية شمالية    أين وصلت جلسات محكمة العدل الدولية للنظر في دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل؟    الجيش الأمريكي يعلن دخول أول شحنة مساعدات لغزة عبر الرصيف العائم    السفير سعيد أبوعلى الأمين العام المساعد بجامعة الدول العربية ل«روزاليوسف»: تحركات عربية مكثفة لملاحقة المسئولين الإسرائيليين أمام «الجنائية الدولية»    فرصة استثمارية واعدة    موعد مباراة النصر والهلال والقنوات الناقلة في الدوري السعودي    تشكيل النصر والهلال المتوقع في الدوري السعودي.. الموعد والقنوات الناقلة    تركيا تجري محادثات مع بي.واي.دي وشيري لبناء مصنع للسيارات الكهربائية    «الأوقاف» تعلن افتتاح 12 مسجدا منها 7 إحلالا وتجديدا و5 صيانة وتطويرا    مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة.. إلهام شاهين: تعلمت من المسرح حب الفن واحترامه    مهرجان كان، اتهامات بالتحرش ضد المخرج فرانسيس فورد كوبولا بعد عرض فيلمه    كريم الحسيني يقلد الزعيم عادل إمام احتفالا بعيد ميلاده (فيديو)    الفن المصرى «سلاح مقاومة» لدعم القضية الفلسطينية    احذر.. قلق الامتحانات الشديد يؤدي إلى حالة نفسية تؤثر على التركيز والتحصيل    تقنية غريبة قد تساعدك على العيش للأبد..كيف نجح الصينيون في تجميد المخ؟    برشلونة فوق صفيح ساخن.. توتر العلاقة بين لابورتا وتشافي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17-5-2024 في المنيا    الاغتسال والتطيب الأبرز.. ما هي سنن يوم «الجمعة»؟    انطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني لطلاب الشهادة الإعدادية بالجيزة.. غدا    جيش الاحتلال: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان وانفجار أخرى في الجليل الغربي    شقيق ضحية عصام صاصا:"عايز حق أخويا"    مفاجأة في سعر الدولار الجمعة 17 مايو 2024    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الجمعة 17 مايو 2024    دعاء تسهيل الامتحان.. «اللهم أجعل الصعب سهلا وافتح علينا فتوح العارفين»    استئناف الرحلات والأنشطة البحرية والغطس في الغردقة بعد تحسن الأحوال الجوية    «الأرصاد» تكشف طقس الأيام المقبلة.. موجة حارة وارتفاع درجات الحرارة    «قضايا اغتصاب واعتداء».. بسمة وهبة تفضح «أوبر» بالصوت والصورة (فيديو)    بسبب عدم انتظام الدوري| «خناقة» الأندية المصرية على البطولات الإفريقية !    شريف الشوباشي: أرفض الدولة الدينية والخلافة الإسلامية    النمسا تتوعد بمكافحة الفساد ومنع إساءة استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي    الخارجية الروسية: الأحاديث الغربية عن نية موسكو مهاجمة دول "الناتو" بعد أوكرانيا "سخيفة"    ملف يلا كورة.. موقف شيكابالا من النهائي.. رسائل الأهلي.. وشكاوى ضد الحكام    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17 مايو 2024    نجم الأهلي السابق يتوقع طريقة لعب كولر أمام الترجي    «واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن والمرافق العامة» .. موضوع خطبة اليوم الجمعة    " بكري ": كل ما يتردد حول إبراهيم العرجاني شائعات ليس لها أساس من الصحة    بعد اختفائه 12 يومًا.. العثور على جثة الطفل أدهم في بالوعة صرف بالإسكندرية    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 17 مايو: "جوائز بانتظارك"    أحمد السقا يكشف عن مفاجأة لأول مرة: "عندي أخت بالتبني اسمها ندى"    كارثة تهدد السودان بسبب سد النهضة.. تفاصيل    طارق مصطفى: استغللنا المساحات للاستفادة من غيابات المصري في الدفاع    ترقب المسلمين لإجازة عيد الأضحى وموسم الحج لعام 2024    تركيب المستوى الأول من وعاء الاحتواء الداخلي بمفاعل محطة الضبعة النووية    شروط الحصول على المعاش المبكر للمتقاعدين 2024    الدراسة بجامعة القاهرة والشهادة من هامبورج.. تفاصيل ماجستير القانون والاقتصاد بالمنطقة العربية    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    كلمت طليقى من وراء زوجي.. هل علي ذنب؟ أمين الفتوى يجيب    براتب 1140 يورو.. رابط وخطوات التقديم على وظائف اليونان لراغبي العمل بالخارج    عاجل - واشنطن: مقترح القمة العربية قد يضر بجهود هزيمة حماس    طريقة عمل بيكاتا بالشامبينيون: وصفة شهية لوجبة لذيذة    للحفاظ على مينا الأسنان.. تجنب تناول هذه الفواكه والعصائر    تنظم مستويات السكر وتدعم صحة العظام.. أبرز فوائد بذور البطيخ وطريقة تحميصها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البروج المشيدة.. رجال 11 سبتمبر .. من سيد قطب إلى بن لادن
نشر في المصري اليوم يوم 09 - 09 - 2009

فى صيف 1948 كتب إى بى وايت: «أصبحت هذه المدينة لأول مرة فى تاريخها الطويل عرضة للتدمير. فمن الممكن أن يقوم سرب طائرات لا يتعدى حجمه سربًا من الأوز بتدمير هذه الجزيرة وحرق أبراجها وتقويض جسورها وتحويل أنفاقها إلى مقابر جماعية وحرق جثث الملايين من سكانها، ففى عقل أى شرير فاسد يحيد عن طريق الصواب لابد أن نيويورك لها سحر لا يقاوم» (لم يحدد المؤلف الجريدة التى نشرت ما كتبه وايت).
ما كتبه «وايت» نبوءة، لم يتكرر ذكرها مرة أخرى، ربما يكون فى قراءتها الآن أمر مدهش، لأن الهاجس تحقق، فقد أحرقت طائرتان بالفعل الأبراج.
فى «البروج المشيدة» لا يتناول لورانس رايت الحادث الشهير، الذى تم ذكراه الثامنة غداً، بل يناقش السياق العام من أحداث وأفكار، وأشخاص كهؤلاء الذين جعلوا من حادث 11 سبتمبر ممكناً.
الفكرة نفسها راودت يوسف رمزى، الذى سبق له أن حاول تفجير مركز التجارة العالمى عام 1993، واعتقل فيما بعد فى باكستان، وهكذا تفاجأ أسامة بن لادن بزائر فى معسكره ب«تورا بورا»، كان الزائر هو خالد شيخ محمد، أحد أقارب رمزى يوسف، الذى ألهمته محاولة 1993 بأفكار لمهاجمة الولايات المتحدة الأمريكية على أرضها، منها خطة تتطلب تدريب طيارين لضرب مبان بالطائرات.
حضر خالد شيخ محمد إلى تورا بورا، وكان قد نفذ عام 1994 عملية داخل طائرة نقل ركاب بين مانيلا وطوكيو، حيث استطاع خالد صنع جهاز صغير من النيتروجلسرين، لا تكشفه أجهزة الأمن فى المطارات. لم يكن أسامة يتوقع أن يكون هذا الزائر صاحب خطط تفجيرية، تهدف إلى «وقف رحلات الطيران الدولية تماماً»، لهذا عرض عليه الانضمام للقاعدة والبقاء فى أفغانستان، لكنه رفض، ربما لأنه كان محباً للسفر، «ومهرجاً، وسكيراً، وزير نساء»..وهكذا رحل خالد من أفغانستان، بعد أن «زرع بذور فكرة هجمات 11 سبتمبر».
كان القاسم المشترك بين الجميع «رفض الغرب»، فى رحلته إلى أمريكا عام 1948 كان سيد قطب كارهاً للغرب بشكل عام، ورافضاً له، ولأمريكا بشكل خاص. قبل سفره كتب مقالاً هاجم فيه الولايات المتحدة لدعمها الدولة الصهيونية الوليدة، ولم تغير الزيارة من أفكار قطب. كان يفكر فى النموذج الأمثل للحياة، وكان يتصور هذا النموذج متفقاً مع الشريعة.
كان انحياز قطب انحيازا فكريا وروحيا بالأساس، لكن جميع الشخصيات التى جاءت بعده كان رفضها للغرب أقوى، وكانت ترى أمريكا باعتبارها مركز قوة العالم المسيحى، المعادى للإسلام، الفكرة التى عبر عنها بوضوح أسامة بن لادن أن المسلمين يمتلكون الماضى، التراث، الحضارة التى كانت، وانتهت فى الحرب العالمية الأولى.
أى أن الأمر كما كان يتصوره أسامة صراع الماضى مع المستقبل. وبالمثل كان أيمن الظواهرى، الذى ينتمى إلى دولة الخلافة، ويأمل فى عودتها، لذا كان هجومه ضد الحكومة المصرية من أجل إقامة دولة الإسلام بها وبعد قيام هذه الدولة سيتكاتف العالم مع «مصر الإسلامية» لتصير مركزاً للخلافة، وحينما فشل الظواهرى فى تحقيق حلمه انتقل إلى السودان للغرض نفسه.
سيد قطب.. سيد التحولات
طرقت فتاة جميلة، ممشوقة القوام، باب غرفة الفندق الصغيرة التى يسكنها فى نيويورك، سألته المبيت معه، قال لها إن الغرفة بها سرير واحد، فلم تمانع، فأغلق الباب فى وجهها. كان قطب وحيداً، لم يمر بعلاقات إلا علاقة حب وحيدة فاشلة، عاش بعدها وحيداً، رافضا المرأة لأنها تخرج من البيت!
سيرة سيد قطب، متناقضة، تتراوح بين القمة والقاع، بداية من احتضانه للضباط الأحرار فى بيته فى حلوان قبل الثورة، ورفضه عرض وزارة المعارف من عبدالناصر، أو العمل فى «هيئة التحرير»، ثم سمح نظام الثورة له بإصدار مجلة «الإخوان المسلمين»، ثم حبسه المتكرر.
اللافت أننا يمكننا تصور سيد بوصفه مثقفا طموحا تحول تحولات خطيرة، فقد كان محباً للموسيقى الكلاسيكية، وللأدب الفرنسى، خاصة أعمال فيكتور هوجو، وكان مثل جميع المثقفين يأمل فى كتابة الأدب، لكنه لم ينل حظه من النجاح، مثلما لم ينل حظه فى الحب، فقد كانت أولى خطوات سيد قطب، المفتش بوزارة المعارف، أن يكون ناقداً أدبياً، واحتفى بأعمال نجيب محفوظ الأولى، وكتب عنها الدراسات الأدبية، وأخيراً تحول تماما إلى الكتابة الإسلامية المتشددة، بسبب حنقه على الحضارة الغربية، وانتصاره للإسلام. هكذا صار الناقد الأدبى كاتباً إسلامياً متعصباً، وأصبحت كتاباته نواة للفكر الجهادى لجميع الإرهابيين.
جميع الأشخاص مترابطون. الواحد منهم يؤدى إلى الآخر، هذه هى الميزة التى يقدمها لورانس رايت فى كتابه، حيث يظهر الأشخاص وكأنهم شخصيات روائية، فى رواية لا تنقصها الحبكة. سيد قطب مرتبط بحسن البنا، رغم عدم التقائهما، وكان قطب فى الولايات المتحدة لحظة اغتيال البنا، غير أن هذا الحدث وصفه قطب بشكل خيالى تماماً، حيث سمع الناس فى شوارع أمريكا يصرخون فى فرح لموت البنا، الذى كان يمثل تهديداً لأمريكا.
كما يرتبط قطب بخال أيمن الظواهرى، الذى كان أستاذه فى المدرسة خلال عمل قطب مدرساً بعدد من مراكز مصر عام 1936، وقطب الذى قدم نجيب محفوظ فى بدايته من خلال أكثر من دراسة نقدية، كانت كتاباته الإسلامية هى السبب فى محاولة اغتياله عام 1994 بعد فتوى أمير الجماعة الإسلامية عمر عبدالرحمن بتكفير صاحب «أولاد حارتنا»، حيث كان أمير الجماعة متأثراً بأعمال قطب الدينية، هكذا قام شاب لم يقرأ أعمال محفوظ بطعنه بسكين فى عنقه، ولكن محاولة الاغتيال فشلت.
وبالطبع جميع الشخصيات متصلة بأسامة بن لادن بشكل أو بآخر.
بن لادن.. الإرهابى المحظوظ!
فى أيام الجمعة يقف فى مدرجات مضمار الخيل فى السودان، يرفض الجلوس فى المقصورة الفاخرة التى كان يمتلكها صديقه عصام (عصام مربى خيول شهير، وعضو مجلس إدارة المضمار، ومقاتل محنك فى الحرب الأهلية السودانية، وهو ابن الشيخ حسن الترابى).
كان أسامة يفضل الوقوف فى المدرجات المخصصة للعامة، ليتابع سباق الخيل، الذى يستهويه. فى السباق كان السودانيون يرقصون ويغنون، لكن أسامة كان يقف فى وسط المدرج ويضع أصبعيه فى أذنيه، لأن الموسيقى «مزمار الشيطان» كما كان يقول صاحب «القاعدة» لعصام.
فى السودان عاش أسامة فى فيلا من 3 طوابق، وخصص فى الناحية الأخرى من الشارع منزلاً للضيوف، وكان البيت يشهد صالوناً يوميا لرجال الدولة السودانية والمجاهدين. لم يكن بن لادن يحتمل التواجد فى صالون الترابى، لأن الخلافات كانت تنشب بينهما بمجرد جلوس أسامة، فقد كان يرى أن الترابى «ميكافيلى»، بينما كان الآخر يتبنى آراء أكثر طليعية، مثل حل الصراع المفتعل بين الشيعة والسنة، وتوحيد صفوفهما لمحاربة «العدو الأوحد.. أمريكا»!
فى عطلته السودانية فكر بن لادن فى اعتزال القتال- «الإرهاب»- والتفرغ بشكل تام للزراعة، وتحسين البذور، لتتناسب وطبيعة أراضى السودان، وأسس معملاً جينيًا هناك. كما كان يقود الجرارات، وتزايدت الرقعة الزراعية الممنوحة له من الحكومة مقابل مشروعات إنشاء الطرق والمطار، حتى صار من أكبر ملاك الأراضى فى السودان.
امتلك أسامة مكتباً بوسط العاصمة الخرطوم، أمام وزارة الشؤون الإسلامية- التى كانت فى السابق أحد أشهر بيوت الدعارة فى عهد الاحتلال البريطانى- لكن المكتب لم يكن يمارس مهام حقيقية، فأغلب مشاريع بن لادن فى السودان لم تكن رابحة.
بن لادن شخص استثنائى نشأ فى ظل علاقات استثنائية، كان شخصاً محظوظاً بشكل يختلف عن الجميع. لم تطأ قدمه أمريكا، وناصبها العداء، اعتمد على تصوراته الخاصة عنها، وصدق فى توقعاته. ظن أن أمريكا إذا تعرضت لأى هجوم بسيط ستنسحب بقواعدها العسكرية. فى الصومال نسب عملية إسقاط طائرتين أمريكيتين إلى قواته، رغم أن رجاله انسحبوا من الصومال تماما قبل إسقاط الطائرتين، وصدقه الجميع.
هذا القدر الاستثنائى هو الذى صنع أسامة، بل يتلاقى هذا القدر مع تاريخ عائلة بن لادن، فبسببه ارتقى عامل البناء اليمنى محمد بن لادن ليصير مقرباً من العائلة الحاكمة فى المملكة، ويمنح الجنسية السعودية، وينال «شرف» تطوير الحرم المكّى، وتصبح عائلة بن لادن من كبريات العائلات السعودية.
ورغم مشاريع أسامة الفاشلة فى السودان، حيث كان أغلبها يقوم على فرضيات غير صحيحة مثل استيراد الدراجات من أذربيجان للسودان، (أو مشاريعه الإرهابية فى القاعدة مثل شراء قنبلة نووية من جنرال سودانى اتضح أنها عبارة عن أسطوانة تحتوى على الزئبق الأحمر) لذا كان بن لادن يعتمد على راتب شهرى تخصصه له العائلة يأتيه من السعودية، وكذلك اعتمدت القاعدة على هذا المبلغ.
وبتوقف هذا المبلغ، بتدخل من الملك فهد بن عبدالعزيز، وسحب الجنسية منه، ومقاطعة العائلة له، تهاوت اقتصاديات أسامة، و»القاعدة»، وكذلك الاقتصاد السودانى، الذى كان يستند على أموال أسامة بوصفها الاقتصاد الثانى للسودان.
فى عطلة أسامة السودانية التى بدأت عام 1992 كانت أمريكا هى العدو الوحيد للقاعدة، حيث يفترض أسامة أن كل حركات أمريكا، وتواجد قواعدها العسكرية، ليس إلا خطوات احترازية لتضييق الخناق عليه، إلا أن أمريكا فى هذا الوقت، بعد حرب الخليج الثانية، لم تكن تعلم بوجود تنظيم القاعدة، حسبما يقول لورانس رايت.
وكانت مخاوف أسامة من أمريكا نقطة الانقلاب فى علاقة القاعدة بأمريكا، بعد أن حاربا سويا الاتحاد السوفيتى فى أفغانستان، حيث رأت القاعدة فى أمريكا مركزاً للقوة المسيحية. وعندما رحل أسامة من السودان، بعد خسارته ما يقرب من 160 مليون دولار، تتراوح ما بين ممتلكات مصادرة ومشاريع لم يتقاض ثمنها، حمّل أمريكا هذه المسؤولية.
الظواهرى.. سليل الإخوان والأزهر والطب
كان أيمن طالباً صغيراً بالمدرسة، يواظب على صلاة الفجر بمسجد الممثل المعتزل حسين صدقى بالمعادى الجديدة.. وفى أحد الأيام بعد الصلاة، وفى طريقه للمنزل، توقفت سيارة كان بها حسين الشافعى، نائب الرئيس جمال عبدالناصر، الذى عرض على «أيمن» ركوب السيارة وتوصيله إلى منزله، لكن أيمن، الطالب المتحمس، رفض، وقال للشافعى إنه لن يركب سيارة من حاكم المسلمين (كان حسين الشافعى وقتها أحد القضاة فى محكمة الثورة، التى حاكمت الإسلاميين عام 1954).
كان رفض أيمن عرض الشافعى دليلاً، رغم سنه المبكرة، لانحيازه لسيد قطب، وتأثره بما جرى ل»الشهيد»، الذى سمع عنه كثيراً من خاله، الذى كان تلميذاً لقطب، وتطورت علاقتهما، حيث صار محفوظ عزام المحامى الخاص بقطب، وكان آخر من التقى سيد، ومنحه الأخير نسخة خطها بيده للقرآن الكريم.
الخال، محفوظ عزام، كان مقربا من أيمن، وكان حبه وإيمانه بقضية الشهيد سيد قطب بسبب تعاطف وتورط الخال أيضا فى القضية، لكن أيمن حينما «ارتفع نجمه»، واعتقل بتهمة التآمر فى قضية اغتيال السادات، كان الخال يردد أنه لو كان مكانه «لفعل ما فعله أيمن»، أى أن الخال القدوة صار مفتوناً بابن اخته، وهكذا تحول المتبوع إلى تابع.
نشأ أيمن الظواهرى فى أسرة عظيمة الشأن، رغم سكنها بالجانب العشوائى والفقير من حى المعادى الأرستقراطى- أى المعادى الجديدة- حيث كان عم والده هو شيخ الأزهر الراحل محمد الأحمدى الظواهرى، «أكبر محدث للجامعة»، أما جده لأمه فكان الدكتور عبدالوهاب عزام رئيس جامعة القاهرة، ومؤسس جامعة الملك سعود فى الرياض، وعم الدكتور عزام كان أول أمين عام لجامعة الدول العربية، عبدالرحمن عزام، أما بقية عائلة الظواهرى فكانت تعمل بالطب والصيدلة.
تهمة قتل الأبرياء وتحويل «الجهاد» إلى تنفيذ عمليات انتحارية، كانا أهم ما واجه الظواهرى، بل وأسلوب عمل منظمة الجهاد، لكن أيمن لم يتردد كثيراً، كانت حجته حاضرة، رأى أن من يقتلون من الأبرياء ليسوا أبرياءً، لأنهم يساندون النظام المصرى الرافض قيام حكم الإسلام!
كما برر الظواهرى قتل الأبرياء- أيضاً- بالكلام عن ضرورة «أن تكون القوانين التى تمنع ذبح الأبرياء أكثر مرونة»، لأن الجهاد يواجه عدواً شديد البأس. أما بالنسبة للانتحار فقد عاد أيمن إلى واقعة أسر «الكفار» للمسلمين الأوائل، والذين خُيّروا بين «الارتداد عن دينهم أو الموت» ففضلوا الموت.. هكذا يكون الانتحار جهاداً فى سبيل الله!
خلال هذه الفترة كانت هناك مشاكل أخرى تواجه الجهاد: التمويل، وغياب الموارد المالية، هكذا جاء قرار الاندماج مع القاعدة.
حلم الطائرات!
قبل الهجمات كان بن لادن وأتباعه «يرون الكثير من الأحلام فى منامهم»، وقد اعتادوا الجلوس بعد الفجر ليقصوا هذه الأحلام على بعضهم البعض، وأسامة يفسر لهم أحلامهم.
كان الأشخاص -الذين لا يعرفون الخطة- يتحدثون عن أحلام عجيبة، رأى بعضهم- فيما يرى النائم- طائرة تصطدم بمبنى طويل. وحكى أحد رجال القاعدة لأسامة حلمه بأن فريقاً من القاعدة يلعب كرة القدم مع أمريكا. الفريقان يلعبان بشراسة، والمنافسة بينهما حامية، لكن اللافت أن فريق أسامة كان مكوناً من الطيارين فقط.
الطريف أن أسامة عندما لاحظ كثرة أحلام رجاله بالطائرات تخوف من تسريب الخطة، لهذا أصدر قراراً بعدم الحديث عن الأحلام مرة أخرى.
يبدو أن القاعدة كانت تحلم فى هذه الفترة الحلم نفسه! خاصة أن هجمات القاعدة السابقة لم تزد على تفجير عدد محدود من سفارات أمريكا- فى تنزانيا وكينيا- وتفجير بعض المواقع العسكرية، والباخرات. لم يكن حلم ضرب أمريكا مجرد حلم بسيط تسعى له الجماعة، بل كان الأمل فى الوصول إلى الجهاد الأكبر، فبعد حادث 11 سبتمبر انتظر بن لادن والظواهرى قدوم المجاهدين من جميع أنحاء العالم الإسلامى إلى أفغانستان، لكن قوات التحالف هى التى لبّت النداء.
لورانس رايت
يعمل رايت محرراً فى مجلة «ذا نيويوركر»، وقد قضى عامين مدرساً بالجامعة الأمريكية فى القاهرة بدأتا عام 1969. وقد حصل على جائزة «البوليتزر» عن كتابه «البروج المشيدة..القاعدة والطريق إلى 11 سبتمبر»، الذى استغرق الإعداد له خمس سنوات، التقى فيها بحوالى ستمائة شخصية، وعمل خلال هذه الفترة مستشاراً للصحفيين الشبان فى جدة، «مسقط رأس أسامة بن لادن».
خلال رحلة السنوات الخمس حاول رايت أن يتعرف على الأسباب الخفية لحادث الحادى عشر من سبتمبر «كى أطلع نفسى، ثم قرائى الأمريكيين، على التفكير والأحداث التى أدت إلى هجمات 11 سبتمبر» حسبما كتب فى تقديمه للطبعة العربية.
البروج المشيدة.. القاعدة والطريق إلى 11 سبتمبر
المؤلف: لورانس رايت
المترجم: هبة نجيب مغربى
مراجعة: مجدى عبدالواحد عنبة
الناشر: كلمات عربية
عدد الصفحات: 531


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.