طالعنا الرق الخامس من رقوق زيدان فى سباعيته المخصصة للرد على كتاب (الرد على البهتان فى رواية زيدان) لنيافة الأنبا بيشوى بعد أربعة رقوق ماضية خاوية من أى مضمون، تعزف على أوتار الشخصنة وتسبح فى بحار السطحية، خارجة بلا ثمر سوى عديد من السفسطة الفارغة، تجهد من يطالعها وتقوده إلى براثن التيه، وهى حيلة يجيدها زيدان للبعد عن جوهر الأمور. ولقد أطل علينا هذه المرة مناقضاً نفسه معلناً فى بداية مقاله الخامس، أننا متوهمون أن تلك الرواية هى وثيقة تاريخية، وأنه من الخلل المنهجى الرد على الروايات كأنها وثائق تاريخية، مدعياً أن هذا الأسلوب قد دأبت عليه الروايات الشهيرة فى العالم، وهو بذلك ينسى أو يتناسى أنه أول من أعلن فى مقدمة روايته أن ما سوف يسطره هو عبارة عن مخطوط تاريخى ولم تكن المقدمة لها علاقة بالسرد الروائى، بل هى تعريف لهذا المخطوط المزيف، ولم تشارك المقدمة فى تكوين الجسد الروائى، بل هى إعلان عما يبدو أنه تاريخ للقصة، والمطالع لمقدمة الرواية يفاجئه عنوان اسمه مقدمة المترجم، يعلن فيه أنها ترجمة أمينة لرقوق قد اكتشفت قبل عشر سنوات بالخرائب الأثرية فى الشمال الغربى من مدينة حلب السورية، ثم يصف المكان وصفاً دقيقاً ويشرح طريقة وصول هذه الرقوق وحالتها واسم المشرف على التنقيبات الأثرية واسمه (الأب وليم كازارى)، ثم يصف الصندوق الخشبى الذى كانت موضوعة فيه، ثم يتطرق إلى السبع سنين التى قضاها هو فى ترجمة المخطوط من السريانية إلى العربية، وأفكاره فى التوقيت الذى سوف يقوم فيه بنشر هذا المخطوط ويصف الخط والحبر المستخدم، ثم يعطى إشارة إلى فصول هذا المخطوط، وينتهى فى النهاية إلى أنه قد ألحق صوراً من عنده مرتبطة بالأحداث. من ذلك السرد يتضح لنا اكتشاف زيدان لفكرة ولع الناس بالحقيقة المسطرة فى مخطوطات قديمة واعتبارها مراجع مهمة، فساق لنا تلك المقدمة ليضمن توقيع الأقباط على كل البنود التى سوف تأتى فى الرواية لشغفهم بكل ما هو قديم، إلا أن حيلته لم تفلح. وإعلانه اليوم أن هذا أمر معتاد روائياً، هو محاولة للهروب من اتهامنا له بمحاولة مقاومة المسيحية، ثم يأتى شرحه فى أن العمل الروائى لابد فيه من صراع شخصيات فهذا أمر مقبول روائياً، لكن إذا تلازمت الرواية مع أحداث تاريخية، فلابد للروائى أن يعصم نفسه من الخطأ عند تسجيل التاريخ، ولسوف يمكننا موافقته على هذا إذا كان الصراع بعيداً عن مقدساتنا وإنجيلنا ورهبنتنا وأخلاق مجتمعنا، وحينما تكون أرضية الصراع المستخدم فى الرواية هى الكنيسة القبطية بمعتقداتها، وشخصيات الصراع هم آباء قديسون بالفعل كان لهم تاريخ من الجهاد ضد هراطقة حقيقيين حاولوا اختراق الإيمان السليم بتعاليم غريبة وبدع شيطانية، فالأمر لا علاقة له بالأدب، بل إن شئت تسميته بعد نسجه بخيوط محكمة من الصراع الجنسى فهو نوع من اللاأدب الجديد، الذى ربما نسمع قريباً عن تدريسه بيد صاحب الرواية، الذى أتقن وانتهى من وضع ركائزه الأساسية، ولقد أكد زيدان أن هذا الصراع هو من رسم الخيال الروائى، فإذا كان هذا الخيال نصفه تزييف للتاريخ ونصفه الآخر غرق فى مجون العمق الجنسى والرذيلة، فدعونا نعلن إذن موت الأدب ولا عزاء للمحترمين. واختيار زيدان لروائيين كبار كأمثلة لما فعله هو فى روايته مثل (الروائى الكبير الأستاذ نجيب محفوظ) أمر قد جانبه الصواب، فالأستاذ نجيب محفوظ اخترق الواقع المصرى اجتماعياً دون حرج، ولكن كنا نرى قلمه وقد ارتدى ثوب الصدق حينما تأتى واقعة تاريخية، مثلما حدث فى ثلاثيته المشهورة، هل قام فيها الأستاذ نجيب محفوظ بتغيير أحداث ثورة 1919 مثلاً، وهل جعل الإنجليز هم الذين ثاروا ضد المصريين!! وهل جعل قائداً للثورة شخصاً آخر غير الزعيم سعد زغلول مثلاً!! بالطبع لم يفعل، فالروائى المحترم يعصمه ضميره عند الاقتراب من التاريخ عند تصوير الوقائع، أما أن تكون الشخصيات الحقيقية قد وظفت فى غير محلها، وانتقلت من أماكنها لخدمة مشاعر زيدان والانتصار للهراطقة أمثال أريوس ونسطور، وأن تكون الأحداث التاريخية قد شابها الزيف، فلنا عشرات الوقفات والعديد من الأسئلة، وإليكم بعض الأمثلة. الادعاء الكاذب بأن البابا ألكسندروس السكندرى هو الذى قتل أريوس، والخلط بين ألكسندروس أسقف الإسكندرية وألكسندروس أسقف القسطنطينية الذى عاصر موت أريوس، ففى هذا خلط واضح، فلقد تنيح (توفى) البابا ألكسندروس أسقف القسطنطينية سنة 328م وهذا موثق تاريخياً فى أكثر من مرجع وموسوعة عالمية مثل (Encyclopedia of early christiality,2nd ed.,s.v Alexander of Alexandria “D328”p.30)، ووارد تاريخياً أن موت أريوس كان سنة 336م كما ذكر المؤرخ سوزومين وحكى طريقة موته التى لم يكن لأى أحد يد فيها، بل شهد الكثيرون موته كعقاب من السماء مثلما ورد فى Hefele,a history of the Councils of the church, vol.2,p.34، فهل قام البابا ألكسندروس بقتل أريوس بعد انتقاله، أى البابا، بثمانى سنوات. ثم يتطرق إلى التزييف فى أحداث مجمع نيقية والادعاء بأن قسطنطين لا يعرف اليونانية علماً بأن المراجع قد أثبتت عكس ذلك، ثم الادعاء بأن الملكة هيلانة كانت ساقية فى مواخير الرها، علماً بأنها كانت ابنة قسيس سريانى وكانت جميلة الخلق تحب الصلاة والصوم فأثر ذلك على ابنها الذى منح المسيحيين حرية كبيرة، ثم جهدها فى العثور على خشبة الصليب وبناء الكنائس، وكثير من الأحداث التاريخية التى قام بتزييفها لخدمة أهدافه. وبعد إعلان زيدان أن الرواية ليست مخطوطاً، فهو مطالب إذن بالاعتذار عن إساءته للحق، بعد تلك المقدمة المزينة بمراهم الكذب الناعمة ومسالك الزيف الواسعة، ثم يقدم كثيراً من الاعتذارات الأخرى عن تلك الإسقاطات التى هى فى غير موضعها. فإذا قام زيدان باستخدام خياله الخصب الذى يتغذى بالنضوج الجنسى العميق فى أى صراع بين بطلى رواية يعيشان فى إحدى بيوت الدنس يتصارعان ويتحابان ويتبادلان عبارات الحب الشهوانى التى مع الأسف يسميها زيدان فى روايته الترانيم العذبة والصفاء الدينى فهل تحولت العذوبة والصفاء المرتبطان بالدين إلى ألفاظ جنسية تعف الأذن عن سماعها فليكن صراعه بعيداً عن مقدساتنا. وإذا أراد خدمة نبذ العنف كما يدعى فليذهب بخياله إلى مجاهل الصومال أو جبال أفغانستان أو الجيوش الأجنبية والعنف الذى تمارسه حيثما حلت أو العشوائيات المصرية أو الدفاع عن حرية المرأة منادياً بنبذ العنف عنها واحترام براءة الأطفال، ثم يخرج من هذه الأماكن برواية تخدم فكرة نبذ العنف، وندعوه أن يبعد عن أديرة مصر المباركة التى صدرت الرهبنة للعالم المسيحى، وعن مقدساتنا وآبائنا وتاريخنا ولا يقحمهم فى الصراع، وأدعوه أيضاً أن يبعد عن الأديان بجملتها ولا يوظفها لخدمة أهدافه، فإيماننا المسيحى مستقر لا تزعزعه هرطقة ولا يشوبه زيف. بذلك يكون ادعاؤه أن مسلك نيافة الأنبا بيشوى فى ردوده على روايته هو خلل منهجى، اتهاماً فى غير موضعه، فلقد قام نيافته بالرد على كل الزيف الموجود فى الرواية، وفند كل الأخطاء، وأوضح زيف الهراطقة، إلا أن زيدان قد نهج منهج تعظيم الهراطقة واضطهاد القديسين، واجتهد فى الدفاع عن عشرات البدع، وسلك مسلك الضعيف المظلوم فى وصفنا لروايته بأنها أبشع كتاب محاولاً تبرئة نفسه، مستخدماً الذكاء العزازيلى فى سرد المعتقدات النسطورية المؤيدة للشرك فى قالب تاريخى مع تبجيل أصحابها، ليبلع القارئ البسيط الدواء المر مع جرعة العسل الكاذبة، ثم يفاجأ فى النهاية بطعم المرارة قد سيطر على حلقه الفكرى بعد ضياع طعم العسل الزائف خدمة لمعتقداته الفكرية. ثم يعود فيؤكد تبرئة نفسه بإعلان نكتة مضحكة وهى أن سيادته قد ساق فى روايته المزعومة أمثلة إيجابية للمسيحيين مثل القس الأخميمى والثرى الدمياطى ويوأنس الليبى.. فيالسعادة المسيحيين حينما وضحت هذه الأمثلة الإيجابية، لقد تمخض الجبل فولد فأراً لقد نسى الأقباط أن يسجلوا شكراً عميقاً لسيادته لانتصاره لهذا الليبى وذلك الأخميمى بعد الإطاحة فى روايته بالقديس كيرلس والبابا ثاؤفيلس واتهامهما بالعنف!! الرجل يهزأ بنا مستهيناً بعقولنا، يداعبنا بقطع الحلوى ثم يضربنا من الخلف بخنجر مسموم، ويعود فيحزن إذا لقبناه بيهوذا، علماً بأن يهوذا هو رمز لكل من خان الحق، فكل من البابا كيرلس والبابا ثاؤفيلس إلى البابا شنودة وتلاميذه مثل الأنبا بيشوى، يدافعون عن ذلك الحق الذى سلمه يهوذا لليهود ليقتل، ولكن قد قام المسيح منتصراً وهلك يهوذا فى خيانته، وفى هذا التشبيه قال نيافة الأنبا بيشوى ما نصه: «ويناسبنى جداً فى هذا الموقف أن أستعير كلمات المزمور الذى تنبأ بتسليم السيد المسيح بواسطة أحد رسله وأصدقائه الاثنى عشر الذى أجده مع الفارق فى الشخصيات أصدق ما يعبر عن مشاعرى الآن»، فلم يساو نيافته بينه وبين المسيح كما ادعى زيدان، الذى تقرأ عيناه ما تمليه فقط عليهما مشاعره. ونأتى إلى المفارقة التى حدثت فى اتفاق اسم زيدان مع دان براون فى الشق الثانى من زى دان، فهى ليست لتخفيف كآبة الرد فى كتاب الأنبا بيشوى كما ادعى زيدان، إنما تأكيد لاتفاق المقاومين حتى فى أسمائهم، فما باله إذا أضيف إليهما اسم (دان ابن يعقوب) والمعروف أن المسيح الدجال سوف يأتى من نسله تكون عندئذ تلك المفارقة مثلثاً مكتمل الأضلاع والتى تحوى منهج الدانيين الملىء بسم الأفاعى (يكون دان حية على الطريق، أفعواناً على السبيل يلسع عقبى الفرس فيسقط راكبه إلى الوراء لخلاصك انتظرت يارب) سفر التكوين الإصحاح 49 العدد 17، 18. أما عن مقتل هيباتيا الفيلسوفة، التى ادعى زيدان أننا نحارب علمها ولا نمجد فلسفتها الرياضية، فالأمر بعيد عن العلم فزيدان يبهره فيها جمالها قائلاً إنها أجمل امرأة فى الكون وأنها كائن سماوى، ثم يتغزل فى أنفها الجميل وفمها وصوتها وشعرها وعينيها، ثم يقول إن كل ما فيها كان أبهى من كل ما فيها، ولا يأتى ذكر لمدح عقلها أو علمها، فالرجل مهووس بالجمال العالمى بعيداً عن العقل النافع، فإننى أتخيل ما إذا كان هذا الرجل تلميذاً تحاضره هيباتيا، يجلس أمامها ويراها حين تعلمه، وللقارئ أن يتخيل ما شاء، فنحن نشكر الظروف التى لم تجمع كليهما. والكتاب الذى أعده نيافة الأنبا بيشوى يحتوى على بحث فى غاية الروعة ملىء بعشرات المراجع القديمة والحديثة التى يوضح فيها تبرئة القديس كيرلس من هذه التهمة، نعطى فقط ملخصاً بسيطاً لهذا البحث. فمن المعروف أنه لم يتورط فى مقتل هيباتيا أحد من رجال الكهنوت، فبطرس القارئ ومن معه من مجموعة الرعاع الثائرين لا يعدون من رتب الكهنوت، فعلى أى أساس تنسب الجريمة إلى رجال الكهنوت، فالقديس كيرلس ليس له يد فى مقتل هيباتيا، فما الذى يضطره لفعل ذلك وما هو مرجع زيدان فى ادعاءاته التى ليست لها أى علاقة بالواقع والثوابت التاريخية، ولم يقر به أى أحد من المؤرخين ولا حتى المعاندين منهم للقديس كيرلس، فيقول سقراط المؤرخ إن هذا الحادث لم يأت ولا بأقل ملامة على كيرلس أو كنيسة الإسكندرية، وكان سقراط أكبر مؤرخ خلال عصر القديس كيرلس، وقد ولد بالقسطنطينية فى أوائل حكم ثيؤدسيوس الصغير عام 408 ميلادية، وكان مسانداً قوياً للنوفاتيين، لهذا كان يعادى القديس كيرلس وعلى الرغم من ذلك لم يقل إن القديس كيرلس دفع الرعاع إلى قتلها، ولم ينسب قتل هيباتيا للبابا، ويذكر المثقف الكاثوليكى Alan Butler فى كتابه سير القديسين أنه يعتبر القديس كيرلس بريئاً بعد احتكامه لصمت أورستوس حاكم الإسكندرية وسقراط إزاء تلك الجريمة، مع أن كثيرين يميلون إلى تحميل القديس كيرلس مسؤولية قتل هيباتيا، فرأى سقراط أن هذا العنف جلب فيما بعد انتقاداً للقديس كيرلس مع عدم وجود أى دليل على تورطه، كما أكد سوزومين، مؤرخ عاش فى تلك الفترة أيضاً، الفكرة نفسها. فإذا كان القديس كيرلس مسؤولاً عن مقتل هيباتيا فسوف يكون أورستوس حاكم الإسكندرية الوثنى أول من يدينه، الأمر الذى لم يحدث، ولماذا لم يستخدم نسطور هذه الحادثة سلاحاً قوياً يحطم به سمعة القديس كيرلس أو يعزله أو حتى يسجنه إن كان الأمر حقيقياً، وكان من الممكن انتهاز هذه الفرصة للازدراء بالبطريرك السكندرى ورفع دعوى رسمية ضده أمام المحكمة العليا فى القسطنطينية، ونحن نعلم بكل تأكيد أن سجلات مجمع أفسس لم تحمل أى اتهامات للبابا كيرلس ولم يحاول نسطور إثارة القضية أو ذكرها، بل وصل الأمر إلى أن الإمبراطور ثيؤدسيوس طلب من البابا كيرلس السكندرى أن يرأس جلسات المجمع، فكيف يسمح لبطريرك متهم بالقتل أن يرأس جلسات هذا المجمع الكبير، ثم طلب كليستين بابا روما من البابا كيرلس فى رسالته أن يستخدم سلطان كنيسة روما وكنيسة الإسكندرية فى الحكم على نسطور، فليس من العدل بعد كل ذلك أن ندين أو نتهم بطريرك أى كنيسة بسبب أعمال غير قانونية قام بها بعض من شعبه متأثرين بدوافع سياسية أو اجتماعية أو عرقية، فالبطريرك يمكنه توجيه أتباعه وإرشادهم إلى الطريق الصحيح ولكنه ليس مسؤولاً عن أعمال كل فرد فيهم، ولقد خدمت الظروف السياسية آنذاك فكرة اتهام البابا كيرلس بالعنف، ويعلق J.A.Mcjuckin قائلاً إن أفعال كيرلس المبكرة كبطريرك تبينه كمصلح حاول أن ينظم إدارته الكنسية، ولكنه لم يتمكن تماماً من السيطرة على القوات الشعبية التى اعتمدت عليها قاعدة سلطته John Anthony Mcjuckin, Cyril of Alexndrdia (Lcidcn:ej.brill,1994)p7. وعن تأكيد Damascius أن القديس كيرلس هو الذى شجع على القتل، فإنه لا يمكننا الاستناد على شهادة فيلسوف وثنى كان كارهاً بشدة للمسيحية، واعتبر كانون روبريدسون أن ما قاله هذا الفيلسوف هو افتراء لتشويه السمعة غير مستند على شىء، علماً بأنه قد جاء بعد مقتل هيباتيا بمائة وثلاثين سنة، فهل نصدق سقراط وسوزومين المعاصرين للقصة، أم ذلك المؤرخ الوثنى المعروف بعدائه للمسيحية؟ إن الدكتور زيدان لم يدع فرصة مقتل هيباتيا تمر دون استخدامها فى إنكار وجود الله وعدم الاعتراف بوجود الشيطان حينما قال فى روايته ص159 (فبعد أن بلغ نحيبها من فرط الألم عنان السماء حيث كان الله والملائكة والشيطان يشاهدون ما يجرى ولا يفعلون شيئاً) فقد أنكر وجود الله والملائكة فى السماء وأنكر وجود الشيطان كقوة شريرة تعترف بوجوده جميع الأديان، فمعروف أن تأنى الله يحسب تدخلاً إلهياً حتى يتوب الأشرار الذين استخدمهم الشيطان، وتهييج الناس هو فعل شيطانى، وإلا فمن كان يدير الصراع فعدم تحرك كليهما فى رؤية زيدان دليل على عدم الوجود لكليهما. ولقد كان القديس كيرلس إنساناً وديعاً تلقبه كنيسة الإسكندرية بأنه (عمود الدين)، وتمجده الكنيسة اليونانية قائلة فى مدائحها (السلام لك أيها النجم اللامع المحارب المدافع عن العذراء القديسة، والذى ارتفع صوته على كل الرؤساء فى أفسس بأنها والدة الله الكلمة المتجسد.. ابتهج أيها المبارك كيرلس ينبوع اللاهوتيات ونهر معرفة الله لا تتوقف أن تتشفع عنا أمام المسيح)، وتكرمه الكنيسة السريانية فى مدائحها قائلة (البرج العالى الذى بثبات وبكل إخلاص برهن على تأنس كلمة الله ربنا يسوع المسيح المتجسد). فليكف زيدان وليهدأ، فلن ينال من آباء الكنيسة ولن تفلح خططه، فمحبة القديس كيرلس ثابتة فى قلوب أبنائه، ومقاومته لشرك نسطور وتلاميذه منهج لا يمكننا التخلى عنه، فسيبقى القديس كيرلس رمزاً لنصرة الحق، وسيلقى عزازيل وأعوانه فى مجاهل التاريخ.