هل يفطر أبوتريكة فى نهار رمضان؟، لم تجد صحيفة هاآرتس الإسرائيلية غير هذا العنوان لرصد الجدل الدائر فى مصر قبل مباراة المنتخب مع رواندا فى التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم المقبلة فى جنوب أفريقيا. ونشر الملحق الرياضى بالصحيفة تحقيقا موسعا حول الخطر الذى يهدد ثلاثة منتخبات عربية كبرى مضطرة للمشاركة فى ثلاث مباريات مصيرية فى شهر رمضان الجارى. ويأتى منتخب مصر فى المقدمة، ثم الجزائر والمغرب. وتشير الصحيفة إلى أن منتخبى مصر والجزائر المتنافسين على صدارة المجموعة الثالثة المؤهلة لكأس العالم يدخلان، اليوم وغدا، مواجهتين مصيريتين أمام رواندا وزامبيا على الترتيب. وتواجه الجزائر اختبارا صعبا أمام زامبيا التى تعد الحصان الأسود فى المجموعة. ونجحت فى اقتناص تعادل ثمين أمام منتخب مصر فى إستاد القاهرة. ويأمل المنتخب الأخضر فى الحفاظ على فارق الثلاث نقاط التى تفصله عن المنتخب المصرى، أو مضاعفتها فى أحسن الأحوال. بينما يخوض الفراعنة معركة مصيرية أمام رواندا، لا بديل فيها عن الفوز. وتضيف الصحيفة الإسرائيلية أن الفراعنة أبطال أفريقيا، مرتين متتاليتين، وأصحاب العرضين الرائعين أمام البرازيل وإيطاليا فى بطولة كأس القارات الأخيرة، يواجهون ضغوطاً هائلة من وسائل الإعلام المصرية، ورجال الدين على حد سواء. فقد أصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى تبيح للاعبين الإفطار خلال المباريات الرسمية، بدعوى أن اللاعب المحترف يرتبط مع ناديه بعقد يلزمه بأداء واجباته، والتقصير فى هذه الواجبات قد يفقد اللاعب مصدر رزقه. غير أن هذه الفتوى شجعت جبهة علماء الأزهر، التى تسعى لكسب شعبية فى الشارع العربى والإسلامى عبر المزايدة على مؤسسة الأزهر، لإصدار فتوى مضادة اعتبرت أن «كرة القدم» ليست من ضروريات الحياة، ولا يجوز إصدار رخصة بجواز الإفطار خلالها، وكل من يفعل ذلك يستهزئ بآيات الله. وتزعم هاآرتس أن الخلاف بين دار الإفتاء وجبهة علماء الأزهر، قد يحرم المنتخب من الوصول لنهائيات كأس العالم المقبلة فى جنوب أفريقيا بعد عشرين سنة من المحاولات، وقد يحطم آمال الجماهير المعلقة بهذا الجيل من اللاعبين، والجهاز الفنى المصرى بقيادة المدرب حسن شحاته. وتضيف أن الخلاف بين الأزهر وجبهة علمائه لم يقف عند حدود مصر، بل امتد للجزائر والمغرب اللتين تستعدان لخوض مباريات مماثلة فى التصفيات المؤهلة لكأس العالم. فالجماهير الجزائرية تتطلع للشيخ يوسف القرضاوى، لعله يصدر فتوى تبيح للاعبين الإفطار فى نهار رمضان، كما فعل الشيخ محمد الغزالى، فى الثمانينيات، عندما وصلت الجزائر لنهائيات كأس العالم فى إسبانيا 1982، ثم المكسيك 1986. أما منتخب المغرب الذى يلعب مباراة «حياة أو موت» مع منتخب توجو، اليوم الأحد، فقد لجأ لأحد كبار علماء الدين فى المملكة لحل المشكلة. وبالفعل قدم لهم الشيخ حلا مبتكرا، حين أكد أن لاعبى المغرب سيلعبون فى توجو، ومن ثم فهم مسلمون على سفر، ويحق لهم الإفطار، ثم القضاء أو الكفارة. غير أن عدداً من رجال الدين احتجوا على هذه الفتوى، لأن اللاعبين يسافرون من أجل اللعب واللهو، والصيام واحد من أركان الإسلام التى لا يجوز إسقاطها من أجل مباراة كرة قدم. تقرير هاآرتس اهتم بالمنتخب المصرى بشكل خاص، ودعمته الصحيفة بصور لكابتن المنتخب أحمد حسن، ولصانع الألعاب محمد أبوتريكة، وللجماهير المصرية التى خرجت لمؤازرة المنتخب خلال بطولة كأس الأمم الأفريقية قبل الأخيرة، وادعت الصحيفة أن صيام شهر رمضان هو أكثر ما يقلق الجهاز الفنى للمنتخب، وقيادات اتحاد الكرة، خوفا من تأثيره على أداء اللاعبين، والإطاحة بآمال المصريين فى الوصول للمونديال. خاصة أن رواندا حددت موعد المباراة فى الساعة الثالثة والنصف عصرا، أى فى أكثر ساعات النهار حرارة، ما دفع بعض الكتاب المصريين لاتهامها بتعمد اختيار هذا التوقيت الصعب لإنهاك الفراعنة، واقتناص فوز مريح عليهم. لكن هاآرتس تساءلت عن موقف نجم المنتخب محمد أبوتريكة من حرب الفتاوى التى تهدد ثلاثة منتخبات عربية كبرى. وأوضحت أن سمير زاهر، رئيس اتحاد الكرة، الذى يشعر بأنه وقع بين المطرقة والسندان، أدلى بتصريحات متناقضة هذا الأسبوع، فقال لصحيفة «المساء» إن المسؤولين لن يجبروا اللاعبين على الإفطار، ثم عاد وقال لوكالة رويترز إن جميع اللاعبين يدركون أنهم مضطرون للإفطار يوم المباراة، ويجب أن يستفيدوا من الرخصة التى أصدرتها دار الإفتاء، خاصة أنهم يؤدون مهمة قومية، ويسعون لتحقيق حلم الشعب المصرى. وتقول الصحيفة الإسرائيلية فى نهاية تقريرها: «سيكون من المثير حقا أن نتابع كيف سيتصرف لاعبو المنتخب المصرى، المشهورون بتدينهم الشديد، وبصورهم وهم يسجدون بعد كل هدف، وفى نهاية كل مباراة؟ كيف سيتعاملون مع هذا الجدل الدائر حول صيام رمضان؟ لكن الأمر الأكثر إثارة، هو معرفة رد فعل محمد أبوتريكة نجم المنتخب المصرى الذى يتمتع بشعبية هائلة فى الشارع المصرى، ليس بسبب أدائه على أرض الملعب فقط، ولكن بسبب نمط حياته المتدين. لقد استغل أبوتريكة فرصة إجازة ال48 ساعة التى حصل عليها قبل الانضمام لمعسكر المنتخب لكى يقوم بأداء مناسك العمرة، بصحبة زميله وكابتن المنتخب أحمد حسن. وصحيح أن أبوتريكة لم يدل بتصريحات صحفية حتى الآن، توضح موقفه من هذه القضية. ولا يعرف أحد حتى الآن إذا كان سيطيع المسؤولين عن المنتخب، ويفطر فى نهار رمضان، أم سيتمسك بالفتاوى الدينية المتشددة. لكن وفقا لمواقفه السابقة، وشعبيته الكبيرة التى يستمدها من أنه شخص متدين، فربما يحق لسمير زاهر أن يقلق كثيرا من نتيجة المباراة».