أثار قرار وزارة الإسكان الأخير، بتطبيق نظام حق الانتفاع لمدة طويلة على الأراضى المدعمة للمواطنين والتى سيتم طرحها بداية من العام المقبل رغبة فى عدم التسقيع وحظر بيع الأراضى، استياء عدد من خبراء الإسكان، مؤكدين أن هذا النظام «لا يصلح» مع الشعب المصرى، الذى يطمئن لكلمة «التمليك» خاصة أنه لن يتم تطبيقه على المستثمرين الراغبين فى الحصول على أراض لمشروعاتهم، فى الوقت نفسه أعرب عدد آخر عن قبولهم الفكرة ولكن بشرط أن يتم طرح الأراضى بأقساط بسيطة ميسرة. وقال عدد من المواطنين إن هذا النظام يعد «إجحافا» لهم، خاصة أن المصريين بشكل عام يفضلون الاستثمار فى العقارات أفضل من أى استثمار آخر، مطالبين وزارة الإسكان بتطبيق نظام «المعاملة بالمثل» بدلا من هذا النظام، كما يحدث مع المستثمرين الذين يتملكون أراضى الدولة. فى البداية، اعترض المهندس حسب الله الكفراوى وزير الإسكان الأسبق على الفكرة فى حد ذاتها، وقال: «طوال 17 عاما هى عمر وزارتى من عام 77 وحتى 93، لم أحرم أى مواطن من الأراضى أو الوحدات السكنية بما يتناسب ودخل كل منهم، فمن كان يطلب أرضا يأخذها بالأسعار المناسبة لها، ومن كان يطلب وحدة سكنية تتناسب وإمكاناته المحدودة يحصل عليها بمنتهى السهولة، ولم نسمع وقتها عن حالة انحراف واحدة وهو عكس ما يحدث الآن». وأضاف الكفراوى: «كل مسؤول يريد أن يظهر عبقريته، فطالما كان هناك نظام معمول به لسنوات طويلة، وثبتت كفاءته لماذا يتم إلغاؤه.. يجب أن نعود للأمور الصحيحة، خاصة أن هذه الأمور حققت ما يريده المجتمع بجميع فئاته دون شكوى أو حالة انحراف واحدة». وأكد الكفراوى أن نظام حق الانتفاع يطبق فى المدن التى ليست فيها وفرة فى الأراضى، موضحا أن هذا لا ينطبق على مصر، قائلا: «يبطلوا يسرقوا الأراضى والناس تلاقيها». واختلف معه فى الرأى المهندس حسين صبور الاستشارى المعروف، مؤكدا أن تطبيق هذا النظام قد يقلل الأخطاء أو المظاهر السيئة التى ظهرت خلال السنوات الماضية ومنها تسقيع الأرض أو بيعها بضعف ثمنها الأصلى، مشيرا فى الوقت نفسه إلى أن هذا النظام مطبق منذ زمن بعيد فى إنجلترا. وقال صبور: «يجب عند تطبيق هذا النظام أن تراعى الوزارة عدة نقاط أهمها منح الأرض بأسعار بسيطة وتسهيل الاستثمار عليها لمن يرغب»، معتبرا أن النظام سيعطى مزايا لكل من المواطن والدولة، حيث إن السعر البسيط سيتيح توفير بعض الأموال للمواطن خاصة أنه سيقوم بالبناء، وسيجعل الدولة تسترد الأرض بعد فترات زمنية مختلفة. وأشار صبور إلى أن تطبيق هذا النظام على المستثمرين يمكن من خلال شروط معينة، أهمها تغيير البنوك من فكرها حيث إن أحد ضمانات حصول المستثمر على قروض أن تكون أرض المشروع ملكه وليس بحق الانتفاع. ورفض الدكتور ميلاد حنا أستاذ الهندسة، الخبير الإسكانى تطبيق فكرة «اللاملكية» أسوة بما يحدث فى إنجلترا، مؤكدا أن التصرف فى أراضى هذه البلاد له قواعد وطرق وآليات مستقرة، والمواطنون هناك مقتنعون بقواعد التخصيص، معتبرا أن هذه السياسة تعد «خربة» ولا توضح الملكية، وعلى المواطنين عدم قبولها. فيما أكد الدكتور أبوالفتوح سعد أستاذ التخطيط العمرانى بجامعة القاهرة أن هناك دراسة تمت منذ 4 سنوات فى جامعة القاهرة تؤكد أن 70% من المصريين يفضلون امتلاك الأرض، والبناء عليها وفقا لظروفهم، معتبرا أن حق الانتفاع لن يشعر المواطن معه بالاستقرار والأمان. قال سعد إن أراضى الأفراد ليست كالشركات التى تقوم بدراسة الجدوى والأرباح لها حتى ولو كانت لفترة لا تزيد على 30 سنة مثلا، موضحا أن المواطن العادى لا يشعر بالأمان والطمأنينة إلا بملكيته للأرض. وأوضح المهندس صلاح حجاب رئيس لجنة التشييد بجمعية رجال الأعمال أن هذا النظام كان مطلبا لكثير من المواطنين منذ سنوات، مشيرا إلى أنه خلال السنوات المحددة له قد يتغير وضع الاستخدامات فى ضوء المستقبل، بما يتيح للدولة إعادة استخدام الأرض، مطالبا الوزارة فى الوقت نفسه بأن تمنح الأراضى بقسط بسيط مقابل الانتفاع، مع تقسيم الأراضى وفقا للاستخدامات والفئات المختلفة.