«عاوزين نسمع وجهة نظر حضراتكم ورؤيتكم للمستقبل».. بهذه الكلمات بدأ جمال مبارك، الأمين العام المساعد بالحزب الوطنى الديمقراطى، لقاءه مع شباب الباحثين وأعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية أمس الاول، والذى ضم 230 شابا، بالإضافة إلى مشاركة 12 ألفاً آخرين من خلال البث المباشر على «الإنترنت» الذى شهد ارتباكا فى النقل فى بداية اللقاء، وهو الأمر الذى أغضب كثيرين أرادوا المشاركة. وتجنب جمال مبارك الرد على الأسئلة الخاصة بالتوريث إلى جانب أسئلة أخرى، من بينها «ليه مش شايفين حد غير حضرتك يقدر يبقى رئيس جمهورية»، و«إمتى هانقدر نشوف كذا فرد مؤهلين لذلك وأستطيع أن اختار من بينهم»، فيما اقترح آخر ميكنة البطاقات الانتخابية للمواطنين ليكون الانتخاب عن طريق الإنترنت. وفيما يخص قرار تحديد التحميل من على شبكة الإنترنت، قال جمال مبارك: من حق كل فرد التحميل من على الشبكة المشترك فيها. مشيرا إلى أن هذا الموضوع تم ترويجه بشكل خاطئ وأنه خلال 48 ساعة سيصدر بيان توضيحى من الوزارة المعنية لتوضيح ذلك. وأكد أمين السياسات أن المجتمع المصرى يشهد حالة من الحراك السياسى، وأن المعارضة هى جزء أساسى من الحياة السياسية المصرية، وأن هناك جهودا تجرى لتطوير العملية الانتخابية لتحقيق مشاركة أكبر، وبالنسبة للأقباط فى مصر، قال إن هناك من يحاول تحويل الأمر إلى قضية سياسية بهدف ضرب وحدة الأمة فى مصر بين المسلمين والأقباط. وأضاف: «هناك مشاكل لدى الأقباط فى مصر، ولكنها لن تحل إلا بالحوار الهادئ والمصارحة وليس من خلال استغلال هذه المشاكل لتسييسها واستخدامها لأهداف لا تخدم الأقباط ولا تخدم المجتمع ولا الوحدة الوطنية»، مشيرا إلى أن هذا الموضوع لا يحتمل تسييسه بالشكل الذى تسعى إليه القوى سواء فى الداخل أو فى الخارج لتحقيق مصالح سياسية أو حزبية ضيقة. وأوضح جمال مبارك أن آخر استطلاع للرأى أجراه الحزب أظهر أن الشباب بين 18 و30 عاما نظرتهم للمستقبل أكثر تشاؤما لأنهم أكثر إحساسا بالبطالة التى تبلغ نسبتها لديهم بين 17 و18٪، رغم أن المعدل العام تراجع إلى ما بين 9 و10٪، مشيرا إلى أن نتيجة هذا الاستطلاع جاءت لشعور الشباب بأن الواسطة تتدخل فى الحصول على فرصة العمل، سواء فى الجامعة أو فى الوزارات المختلفة أو فى الجهاز الإدارى للدولة، ولذلك هم أكثر تشاؤما. وقال جمال مبارك إن هناك تشريعات جديدة للقضاء على الفساد سيتم إصدارها لتسد المنافذ والثغرات التى تؤدى إلى الفساد. وفيما يتعلق بقانون الطوارئ أكد جمال مبارك أن هذا القانون لم يطبق على أى مواطن عادى وإنما تم تطبيقه لمواجهة الإرهاب الذى أطل برأسه فى سنوات عصيبة ولايزال يتربص بنا، وأشار إلى أن التعديلات الدستورية الأخيرة أعطت الفرصة لإعداد قانون جديد لمواجهة الإرهاب يمكن الأجهزة الأمنية من ملاحقة هذا الخطر ويكون بديلا لقانون الطوارئ. وحول الأسئلة الخاصة بسياسة مصر الخارجية ومياه النيل، أكد جمال مبارك، أنه لا مساس بحصة مصر من مياه النيل، قائلا: «سنصل من خلال الحوار إلى توافق بشأن هذا الأمر، وإلى أن يتم ذلك لا تنازل ولا تهديد لحصة مصر». وأشار إلى ضرورة مد يد العون وأواصر التعاون والتنسيق مع الدول الأفريقية باعتبارها العمق الاستراتيجى لمصر، ولابد من مساندة هذه الدول فى المشروعات التنموية الداخلية بشكل لا يؤثر على حصة دول المصب، مشددًا على أهمية العمل على ترشيد استخدام المياه خاصة فيما يتعلق بأسلوب الرى فى الوادى القديم الذى يستهلك 70٪ من حصتنا من المياه. وعن العلاقات مع الولاياتالمتحدةالأمريكية أكد جمال مبارك أن الإدارة الأمريكيةالجديدة، برئاسة أوباما، تختلف عن سابقتها فى سياستها تجاه العالم كله وفى رؤيتها ونظرتها للعالمين الإسلامى والعربى والصراع العربى - الإسرائيلى والقضية الفلسطينية، موضحا أن جميع اللاعبين المؤثرين فى المنطقة العربية يسعون اليوم لتقوية العلاقات مع الولاياتالمتحدة، خاصة أن الطرح الأمريكى الجديد تجاه قضايا المنطقة متوازن، وخير دليل على ذلك موقفها من بناء المستوطنات الإسرائيلية. كما ألقى جمال مبارك الضوء على منطقة مشكلات الصعيد، واعتبرها فى تحسن مستمر، ولكنها تعانى عدم وجود عدالة فى توزيع الفرص بينها وبين الوجه البحرى، وقال إن مشروع الألف قرية يهدف إلى النهوض بعدد ضخم من القرى المصرية التى تعانى الفقر، خاصة فى محافظات المنيا وأسيوط وبنى سويف. واعترف جمال بفشل المجمعات الانتخابية التى نفذها الحزب الوطنى فى انتخابات عام 2005 لاختيار مرشحيه وقال: شابت الاختيارات بعض الأخطاء بسبب القبلية والعصبية فى صعيد مصر، ولكن وجودنا فى معترك سياسى وانتخابى جعلنا نتسق معها، ونحاول إصلاحها. وشهد اللقاء مع الباحثين شكاوى عديدة من أساتذة الجامعات الشباب الذين تكررت شكواهم من اصطدامهم بواقع مرير عند عودتهم من البعثات الخارجية، وتفاعل جمال مبارك مع الشكوى بقوة وقال: رأيت بنفسى كيف يقاوم المجتمع التغيير فى كل مكان، ولكن إرادتكم وقوتكم هى التى ستساعدنا على التغيير وبقوة ، والأمل فى القيادات الشابة مثلكم، وناقش الحاضرون أمين لجنة السياسات لمدة تجاوزت الساعتين فى قلة تمويل البحث العلمى ومشاكلهم الخاصة مما دفع عبداللطيف المناوى، مدير اللقاء، إلى التنبيه أكثر من مرة على الباحثين بالسؤال فى بعض الأمور السياسية، وذكرهم بأنهم ممثلون للشعب المصرى كله وليس لأنفسهم فقط. أشاد جمال مبارك بأداء نواب الحزب الوطنى فى مجلس الشعب وقال: نوابنا ليسوا كتلة صماء كما يعتقد البعض، ولهم رأى فى كل القضايا وبعض القوانين يرفضونها تماماً. وأكد أن التعديلات الدستورية ستستمر بعد أخذ رأى كل الأطراف، ورفض جمال إعطاء رأى حول تعديل المادة 77 وقال البعض يرى ضرورة تعديلها والبعض الآخر يقول إن الانتخابات مفتوحة للأحزاب والمستقلين.. فلماذا يتم تغيير المادة، وأنا لا أتبنى وجهة النظر هذه ولا تلك؟. وحول الحياة الحزبية فى مصر تجنب جمال مبارك سؤالاً عن «دور الحزب الوطنى فى ضعف بقية الأحزاب»، كان السؤال قد تم توجيهه على موقع ال«فيس بوك» بيوم كامل حسب القاعدة التى وضعها منظمو اللقاء، وقال «فى بعض القضايا يجب خلع عباءة الأحزاب ورفض التفكير بحزبية، وكثير منا لا يعرف عدد الأحزاب فى مصر، لأننا نعيش مرحلة انتقالية، لنصل إلى ثلاثة أحزاب قوية لها شعبية». وأضاف «ليس معنى أننا حزب الأغلبية أن نقود وحدنا، فى بعض القضايا نبتعد عن التحزب ونتحاور مع الأحزاب مثلما حدث فى كوتة المرأة». وردًا على سؤال عن الفساد قال أمين لجنة السياسات «لن أرد بالجواب التقليدى بأن الفساد ليس فى مصر وحدها، ولكن سأقول إن الحديث المتزايد عن قضايا الفساد يعنى أن الأجهزة الرقابية تقوم بدورها وتوجه اتهامات إلى الفاسدين، الذين تتحدث بعدها عنهم الصحف والفضائيات، ومساحة الحرية هى التى كشفت هذا، ولكننا مصرون على مواجهة الفساد، ونحاول دائما التفكير فى طرق غير تقليدية لمواجهته، والأمر مطروح للنقاش فى الحزب». وفى نهاية اللقاء، الذى أداره الإعلامى عبداللطيف المناوى، بحضور الدكتور هانى هلال، وزير التعليم العالى والدولة للبحث العلمى، والدكتور محمد كمال، عضو هيئة مكتب أمانة السياسات، طلب المشاركون استمرار هذه الحوارات وهذا النهج، وضرورة التواصل المستمر مع أمين السياسات، الذى وافق على إقامة تواصل مباشر مع الشباب عبر الإنترنت.