فعلاً.. نحن نعيش الآن فى «فوضى» عارمة للسياسات الزراعية!! والدليل.. أننا «نمنع المصريين» من زراعة أو تصدير الأرز بحجة الحفاظ على الثروة المائية، وفى نفس الوقت «نمنح الخليجيين» مئات الآلاف من الأفدنة ليزرعوها «برسيم» يتم تجفيفه وشحنه إلى «حيوانات الخليج» كأعلاف رخيصة.. وكأننا نصدِّر لهم «مياهنا» مجاناً!! شركة «الراجحى» السعودية حصلت على مائة ألف فدان بتوشكى.. زرعت أول 16 ألف فدان «برسيم حجازى» كعلف ل«بهايم السعودية».. وشركة «جنان» الإماراتية أيضاً فى العوينات.. زرعت أول 8 آلاف فدان «برسيم».. وغيرهما على حافة بحيرة السد العالى.. كلها شركات خليجية تزرع «برسيم» لتجففه وتصدره إلى «عجول الخليج»!! أما «حيوانات مصر».. فلها الله.. مثل «بنى آدمين مصر».. درجة ثانية دائماً.. ف«المصرى» فى دول الخليج ليس من حقه فتح كشك سجاير بدون «كفيل» وكأنه قاصر.. وكمان فى «بلده الأم» درجة ثانية.. والدليل: «أن الباشا» الوليد بن طلال حصل فى جلسة واحدة على عقد ملكية نهائى مشهر ومسجل لمساحة مائة ألف فدان وقبل إثبات الجدية.. وبسعر 50 جنيهاً للفدان بالمرافق كاملة، والتى تكلفت 12 ألف جنيه للفدان.. ولم يزرع منها سوى 4٪.. ومن حقه طبقاً للبند التاسع بالعقد إدخال شركاء دون إذن أحد.. وبالتالى يستطيع التصرف فى 99٪ من أسهم الشركة لآخرين، ويقبض «مليار جنيه» أرباحاً صافية إذا باع الفدان بعشرة آلاف جنيه.. وطظ فى الحكومة المصرية!! تعال الآن نقارن بين مثل هذا «الخليجى» وبين «المصرى».. (ابن البطة السودا).. إذا أراد الحصول على ألفى فدان مثلاً.. فماذا يحدث ل«المصرى» على أرض بلده: 1- على «المصرى» أن يحصل أولاً على موافقات الرى - الآثار - المناجم والمحاجر.. «وهذا يستغرق 4 سنوات».. بعد دفع عشرات الآلاف رسوماً.. وإكراميات.. وتنقلات اللجان.. وغيره. 2- على «المصرى».. إثبات الجدية بالزراعة أولاً.. وبالتالى سيخالف القانون.. لأنه سيحفر آباراً دون تصريح.. فتصريح الآبار يحتاج إلى عقد ملكية.. والعقد لن يصدر قبل الزراعة.. (سنتان لزراعة الألفى فدان). 3- على «المصرى».. غصباً عن عين الست والدته ولأنه زرع أولاً.. أن يقبل السعر الذى تحدده اللجنة العليا لتسعير أراضى الدولة مهما كان (من 8 إلى 50 ألف جنيه للفدان).. (سنة). 4- على «المصرى» الحصول على موافقة المركز الوطنى لاستخدامات أراضى الدولة بإدخالها الخطة.. رغم أنه فى البداية يجب أن يحصل على شهادة من «الهيئة» بأنها خارج الخطة (6 أشهر). 5- على «المصرى» أن ينتظر انعقاد مجلس إدارة الهيئة المكون من 9 وزراء + 4 مسؤولين.. للموافقة على السعر الذى حددته اللجنة العليا لإجازة التصرف.. والمجلس لا ينعقد.. وإذا انعقد لا يبحث طلبات الجادين.. ولكنه يبحث فى كيفية تقنين أوضاع «الباشوات» المخالفين.. الذين بنوا المنتجعات والجولف كورس!! (18 شهراً). 6- على «المصرى».. انتظار موافقة مجلس الوزراء.. ليرى ما إذا كان هذا المشروع مفيداً للاقتصاد القومى أم لا!! (سنة). ويا عَالِم.. هل ستوافق كل هذه الجهات فى النهاية أم سترفض إحداها؟.. وعلى «الورثة» أن يتحملوا نتائج «تهوّر المرحوم» بالاستثمار فى غزو الصحراء.. هذا هو بالضبط ما حدث مع صديقى «المصرى».. الذى بدأ فى 1999 وبعد 10 سنوات هو فى مرحلة انتظار انعقاد مجلس إدارة الهيئة منذ 13 شهراً.. وهذا هو الشوك للمصريين!! ونعود إلى «البرسيم»، والخليجيين.. لنسأل جهابذة السلطان: ما «الفائدة» التى ستعود على الاقتصاد المصرى من زراعة الخليجيين للبرسيم، وتصديره لحيواناتهم هناك؟! علماً بأن: 1- استهلاك فدان البرسيم الحجازى 5 آلاف متر مكعب مياهاً.. وفدان القمح 1.5 ألف متر مكعب.. ونحن أكبر دولة فى العالم نستورد أقماحاً. 2- فدان البرسيم فى الزراعات الحديثة، وفى المساحات الكبيرة لا يحتاج سوى «عامل واحد» لكل خمسين فداناً عكس فدان الفاصوليا الخضراء للتصدير فهو يخلق 160 فرصة عمل (زراعة - حصاد - نقل - تبريد - فرز - تعبئة - تغليف.. إلخ)، ويستهلك فدان الفاصوليا 1200 متر مياه فقط لا غير!! 3- أسعار الأراضى للخليجيين لا تمثل بضعة ملاليم.. غير مؤثرة فى خزانة الدولة. 4- كل الدلائل تؤكد انخفاض الفيضان لمياه النيل هذا العام.. وفى العشرين عاماً القادمة نتيجة للسدود التى أقامتها بعض دول المنبع. 5- فى «العوينات» مشروع تغذيته بالطاقة الكهربائية سيكلف ميزانية مصر 2.2 مليار جنيه، لاستصلاح 250 ألف فدان.. أى أننا سندعم لهم كل فدان ب9 آلاف جنيه كهرباء فقط.. والعائد من «البرسيم» صفر!! والحل: 1- إما أن «نستبدل» كل متر مكعب مياه من المخزون الجوفى المصرى.. مقابل برميل بترول من المخزون الجوفى الخليجى. 2- أو «نمنع» تصدير البرسيم.. كما نمنع على المصريين تصدير الأرز (فكلاهما يستهلك نفس كمية المياه تقريباً). 3- أو «نشترط» زراعة 80٪ من المساحة بالقمح أو الذرة أو المحاصيل الزيتية أو البقولية والتى نستورد منها 90٪ من احتياجاتنا. أما إذا كانت «حيوانات الخليج» عاشقة للبرسيم المصرى بالذات.. وإذا كانت الحكومة فى غيبوبة.. فمن الواجب أن نسأل «بهايم مصر»: بقر دمياط.. وجاموس المنوفية.. وعجول البحيرة.. ونعاج الإسكندرية.. وحمير الصعيد.. رأيها إيه فى هذا «الفكر الجديد»؟ ومن يجد الإجابة الشافية فليرسل بها إلينا.. ليربح الجائزة الكبرى وهى : طن عصير برسيم من فضلات التصدير!! ونستكمل. [email protected]