قد يكون سيد القمنى كاذباً لكنه بالتأكيد ليس غبياً. يعلم القمنى أنه يعيش فى بلاد لا يقرأ أهلها إلا بالكاد وليس لديهم استعداد أن يتتبعوا الجدل المثار حول كتبه بقراءتها ثم قراءة كتب من فضحوا زيفها. ولذلك تجده بكل جرأة يظهر على الفضائيات ليبسمل ويحوقل ويصلى على حضرة النبى ويتحدث عن غيرته على الدين الحنيف، فيظن الناس أنه ياعينى من ضحايا التكفير، ثم عندما يلومه مريدوه الذين قرأوا كتبه وأدمنوا مدونته وجلساته لأنه لا يعلن أفكاره على العامة صراحة، يقول لهم إن خطورة المرحلة تتطلب ذلك، ويذكرهم بخطوته التكتيكية السابقة عندما أعلن فى مجلة روز اليوسف التوبة عن أفكاره قبل أن يعود الآن ليقول إنه فعل ذلك تحت سيف التهديد. فى حواره مع الزميلة نشوى الحوفى فى «المصرى اليوم» لبس القمنى العمة، وهاتك يا آيات ويا أحاديث وشكر للمولى على أنه ولد مسلما، ولولا أن نشوى موحدة بالله لكانت قد دخلت الإسلام على يديه، فى حواره معها استخدم لغة جديدة عليه، لم يقل لها مثلا ماقاله لمجلة نيوزويك الأمريكية إنه لو خرج من مصر سيقلع لمعارضيه بلبوصاً (كتب وائل قنديل مقالاً رائعا فى جريدة «الشروق» عنوانه «سيد القمنى بلبوصاً»)، بل قال لها بكل تواضع: إذا كان ما أقدمه خطأ فألقوا به فى البحر ولكن لا تكفرونى، محاولا كعادة مشايعيه تصوير أن كل من يعارضون حصوله على الجائزة يكفرونه، بينما يعلم القارئ المتابع أن هناك مثقفين مستقلين عارضوا حصوله على الجائزة ولم يُعرف عن أحدهم انتماءه للتيارات التكفيرية (د. عمار على حسن ود. قاسم عبده قاسم وأسامة غريب وحلمى النمنم وحمدى عبدالرحيم ووائل قنديل وعلاء عريبى وسعد القرش وثروت الخرباوى والقائمة تتزايد يوماً بعد يوم فضلا عن وجود أسماء سبق لها أن فضحته مثل المرحوم سيد خميس والدكتور عبدالمنعم عبدالحليم والدكتور رفعت السيد، ولولا ارتباط عدد من كبار مثقفينا بمصالح مع وزارة الثقافة لأدلوا بشهاداتهم عن الرجل لكنهم للأسف يكتفون بإعلانها تليفونيا، ولهم ولنا الله). أتحدى أن يأتى لى أحد بكلمة كفرت فيها القمنى، ستجدنى أكثر من مرة أردد أن من حقه أن يقول ماشاء، ولذلك أسأل القمنى لماذا لا يكون جريئا فيكرر فى حواراته ما نقله عن المستشرقين دون رد فى كتابه (التراث والأسطورة) عن السيدة مريم المنذورة للعهر مع الآلهة والتى تحاول بعض الديانات أن تصور لمريديها أنها يمكن أن تحمل من غير معاشرة رجل، لماذا لا يجرؤ أن يكرر ماكتبه فى مقدمة كتابه عن النبى إبراهيم الذى يراه غير موجود تاريخياً على عكس مايذكر القرآن الكريم مكرراً قمامة بعض المستشرقين التى كان لدى عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين شجاعة التراجع عنها، لماذا لا يجرؤ أن يكرر ما قرره فى كتابه (الحزب الهاشمي) عن أن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم كانت تحقيقاً لمشروع سياسى حلم به جده عبدالمطلب الذى أراد أن يعيد إحياء نموذج النبى/ الملك الذى أعجب به لدى اليهود، وجاء حفيده محمد بعد أعوام من رحيله لكى يحقق حلم جده، فيذهب إلى الغار نفسه الذى كان يعتكف فيه جده، ويقرر أن يريح نفسه من أعباء الحياة المادية بأن يتحايل على والد السيدة خديجة الذى «سُقى خمرا» وصحا من النوم ليجد ابنته تزوجت بمحمد، ويتأثر القرآن الذى يقوله محمد لقومه بأشعار أمية بن أبى الصلت، كل هذا يقوله القمنى مدعيا نسبته لابن كثير وجواد على، ولو رجعت إلى ابن كثير لوجدته يذكر رواية الخمر إياها فعلاً، لكنه يفندها تفنيداً قاطعاً ويثبت أن أبا خديجة كان ميتاً عندما زوجها بسيدنا النبى وأن الذى زوجهما هو عمها، ولو عدت إلى جواد على الذى نسب إليه أكذوبة ابن أبى الصلت ستجد أنه فند تلك الأكذوبة مثبتاً أن كل ماتم نسبته لأمية وضعه بعض المنتحلين فى العهد العباسى ليعتمد عليه المستشرقون أصحاب الأغراض المريضة بعد ذلك. هل يجرؤ أحد أن يقول لنا إننا نفترى على القمنى وننسب إليه ما لم يقله فى كتبه التى لا يذكر عنها كلمة فى حواراته، هل ذنبنا أننا نعيش فى عصر يملك فيه القمنى أبواقاً تصفه بالمفكر والباحث، بينما الباحثون الجادون الذين فضحوا تزويره وكذبه من أمثال منصور أبوشافعى وعمر عبدالله كامل والدكتور إبراهيم عوض ود. عبدالمنعم عبد الحليم لا يمتلكون أبواقاً إعلامية ولا شلة تطبل لهم على الفاضية والمليانة، هل ذنبنا أننا نعيش فى أمة أمرت أن تقرأ فما قرأت، ولو كانت تقرأ وتؤمن عن بينة ويقين لا عن اتباع وانقياد لما اقترن اسم القمنى بالبحث العلمى زورا وبهتانا. * يستقبل الكاتب بلال فضل تعليقاتكم على مقالاته عبر بريده الإلكترونى الخاص. [email protected]