كانت تجمعنى بالراحل الغائب الحاضر الأستاذ عبدالوهاب مطاوع عدة صفات، فهو بطبعه خجول جداً، يكره النفاق والكذب والرياء، ولطبيعة عمله كمحرر لبريد الأهرام ومشرف على بريد الجمعة فإنه لا يستمع غالباً إلا لشكاوى المهمومين والمآسى الأسرية والعلاقات الشائكة وهى كثيرة، وكنت أنا أيضاً لى نفس الظروف فى العمل، فلا يأتينى أحد إلا ليبثنى شكواه بعد أن ينسى من التردد على جميع المسؤولين، وكنت أخاف عليه وعلى نفسى من الاكتئاب فنحن نسمع دائماً لمشاكل الناس ولا أحد يسمع لنا. كان عبدالوهاب مطاوع الصديق اللماح الذى يعرف جيداً من هو الصديق الصدوق ومن هو صاحب المصلحة الذى ينصرف عنك بمجرد قضاء مصلحته أو ذاك الذى يتاجر بالصداقة، ولأنه كان لكل منا ولد وبنت لهما مشاكلهما الشبابية، فكثيراً ما كنا نتناقش ونتحاور فى أمورهما. ولأننا كنا قريبين فى السن فميولنا وأفكارنا متوافقة تقريباً، لكنه كان «زملكاوى» حتى النخاع وكنت أداعبه أحياناً بقولى إن عيبه الوحيد أنه زملكاوى وكان يردها لى فى الحال بأن عيبى الوحيد أيضاً أننى أهلاوى. وكنا شلة الأصدقاء ننصحه بتقليل ساعات العمل وكان يرضينا بالموافقة لكنه لا يفعل، فهو بطبعه حريص على مصالح الناس وحل مشاكلهم ومد يد العون لهم. يا إلهى خمس سنوات تمر على رحيل هذا الإنسان، الذى كان خبيراً فى مسح دموع من يلجأ إليه بعد أن يعيش مشكلته ويتعايش معها ليجد لها حلاً، لقد كان نهراً من العطاء لن يجف أبداً مادام محبوه ومريدوه يتذكرون أفعاله وأفضاله وسهره من أجلهم. لقد افتقدناه بحق، لكن عزاءنا أن سيرته العطرة ومشواره فى الأهرام سيظل نبراسا يضىء الطريق لجيل من الشباب. افتقدناك يا من تركت فراغاً كبيراً، وعزاؤنا أننا كلنا إلى زوال وغداً أو بعد غد سوف نلقاك. سيد داود عضو اتحاد الكتا ب