الدكتور فتحى سرور، رئيس مجلس الشعب، مشغول هذه الأيام بالطريقة التى يمكن بها توسيع مساحة القاعة الرئيسية فى المجلس، لاستيعاب 64 مقعداً جديداً، هى مقاعد المرأة التى زادت على عدد أعضاء البرلمان مؤخراً! والرجل يقول فى كل مكان، إنه يستعرض عدة تصاميم جديدة للقاعة، وإنه سوف يختار من بينها، وإنه سوف يراعى أن يكون التصميم الجديد محافظاً على شكل وطبيعة القاعة الرئيسية التاريخية كما هى حالياً، وليس سراً أن هذه الرغبة لدى الدكتور سرور بالمحافظة على شكل وطبيعة القاعة، ليست راجعة إلى حب بينه وبينها، ولا إلى رباط عاطفى يشده إليها، ولا إلى أى شىء من هذا القبيل، وإنما السبب الأساسى الذى لا يريد أن يفصح عنه، أن تعديل شكل أو طبيعة القاعة سوف يجعله مضطراً إلى الوفاء بوعده القديم بإدخال التصويت الإلكترونى فيها، وهو تصويت كما نعرف جميعاً، سوف يقضى على عبارة: «الموافق يتفضل برفع يده.. موافقون.. موافقون». فهذه العبارة، فى العادة، لا تعبر بصدق عن رأى السادة النواب فى مختلف القضايا التى تكون معروضة عليهم، وتجعل «سلق» الموافقة أقرب لرئيس الجلسة منه إلى تحرى الدقة فى استطلاع آراء النواب بأمانة وموضوعية، وكان الدكتور سرور كلما واجه مطالب لا تتوقف من جانب كثيرين، بضرورة إدخال هذا النوع من التصويت إلى البرلمان، رد بأن القاعة بشكلها الحالى لا تسمح، وأن الموضوع فى حاجة إلى تعديل أساسى فى شكلها وفى طبيعتها، ولهذا السبب دون غيره، يتمسك بالشكل وبالطبيعة كما هما، دون تغيير ودون تبديل! ولابد أننا نحتكم إلى «الضمير» داخل الدكتور سرور، قبل أن نحتكم إلى أى شىء آخر نكون قد راهنا عليه من قبل، ثم خسرنا الرهان، نحتكم ونتمنى أن يتعامل رئيس مجلس الشعب مع المسألة بضميره تجاه بلده، قبل أى أمر آخر، حتى يكون لدينا برلمان حقيقى يعرف د. سرور فى أعماقه، أنه ليس موجوداً بما يستجيب لطموحات هذا الوطن، فى أن يكون فيه مجلس شعب يراقب أعمال الحكومة على نحو ما يجب أن تكون عليه المراقبة الحقيقية، ثم يتولى تشريع القوانين للناس، بما يضبط حياتهم حقاً، بدلاً من هذه الفوضى التى يعيشون فيها، فى كل مكان! وهذان - الرقابة والتشريع - هما الوظيفتان الوحيدتان اللتان لا ثالث لهما، فى أى برلمان فى الدنيا! ولأنهما ليستا موجودتين عندنا، بما يرضى الله تعالى، وبما يليق ببلدنا، فإن المحصلة الحقيقية التى نراها بأعيننا، فى كل لحظة، أن المجلس له رئيس ووكيلان، ورؤساء لجان، وقبل رؤساء اللجان له أعضاء عددهم 454 عضواً مرشحون للوصول إلى 618 بعد الزيادة الجديدة، والمجلس أيضاً له مبنى وقاعة تاريخية، وقبة.. وكل شىء تتخيله، ولكن ليس له دور!