رئيس الوزراء يهنئ الرئيس بعيد الأضحى المبارك    التعليم تكشف تفاصيل مهمة بشأن مصروفات العام الدراسي المقبل    القوات المسلحة تهنئ رئيس الجمهورية بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك    عاشور يشارك في اجتماع وزراء التعليم لدول البريكس بروسيا    المصري الديمقراطي: تنسيقية شباب الأحزاب استطاعت تأهيل عدد كبير من الشباب للعمل السياسي    «جهاز الاتصالات» يعلن أوقات عمل فروع المحمول خلال إجازة عيد الأضحى    وتوريد 391 ألف طن قمح منذ بدء الموسم بالمنيا    البورصة: مؤشر الشريعة الإسلامية يضم 33 شركة بقطاعات مختلفة    البنك التجاري الدولي وجامعة النيل يعلنان تخرج أول دفعة من برنامج التمويل المستدام للشركات الصغيرة وا    أسامة ربيع لسفير أستراليا: قناة السويس ستظل الطريق الأسرع والأقصر    لحظة اندلاع حريق هائل بالكويت ومصرع 40 شخصا في سكن للعمال (فيديو)    صحة غزة تحذر من توقف محطة الأكسجين الوحيدة في القطاع    نقيب الصحفيين الفلسطينيين ل"قصواء الخلالي": موقف الرئيس السيسي تاريخي    الاستخبارات الداخلية الألمانية ترصد تزايدا في عدد المنتمين لليمين المتطرف    وزير الدفاع الألماني يعتزم الكشف عن مقترح للخدمة العسكرية الإلزامية    بيراميدز يدخل معسكرا مغلقا اليوم استعدادا لسموحة    رئيس إنبي: سنحصل على حقنا في صفقة حمدي فتحي "بالدولار"    "لا أفوت أي مباراة".. تريزيجية يكشف حقيقة مفاوضات الأهلي    طلاب الثانوية العامة بالأقصر: كثرة التفتيش داخل اللجان يؤثر على التركيز (فيديو)    فيديو| إجراءات تفتيش طالبات بالثانوية العامة في السويس قبل انطلاق امتحان الاقتصاد    ضبط أقراص مخدرة ب3 ملايين جنيه بحوزة متهم في القاهرة    وسط حراسة مشددة.. وصول سفاح التجمع إلى محكمة الجنايات بالقاهرة الجديدة    الداخلية: ضبط 562 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة    كيف علق الجمهور على خبر خطوبة شيرين عبدالوهاب؟    عزيز الشافعي: أغاني الهضبة سبب من أسباب نجاحي و"الطعامة" تحد جديد    في ذكرى ميلاد شرارة الكوميديا.. محطات في حياة محمد عوض الفنية والأسرية    عصام السيد يروي ل"الشاهد" كواليس مسيرة المثقفين ب"القباقيب" ضد الإخوان    سوسن بدر: المصريون نتاج الثقافات والحضارات الوافدة لمصر وصنعنا بها تاريخ    بيان الأولوية بين شعيرة الأضحية والعقيقة    5 نصائح من «الصحة» لتقوية مناعة الطلاب خلال فترة امتحانات الثانوية العامة    الصحة: إجراء 2.3 مليون عملية بقوائم الانتظار بتكلفة 17 مليار جنيه    شبانة: حسام حسن عليه تقديم خطة عمله إلى اتحاد الكرة    «أوقاف شمال سيناء» تقيم نموذج محاكاه لتعليم الأطفال مناسك الحج    كومباني يحدد أول صفقاته في بايرن    قرار عاجل من اتحاد الكرة بشأن مباراة بيراميدز المقبلة    حماية العيون من أضرار أشعة الشمس: الضرورة والوقاية    «التضامن الاجتماعي» توافق على قيد جمعيتين بالشرقية    عفو رئاسي عن بعض المحكوم عليهم بمناسبة عيد الأضحى    محافظ الغربية يتابع مشروعات الرصف والتطوير الجارية ببسيون    الأرصاد تكشف عن طقس أول أيام عيد الأضحي المبارك    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام خدماتها الاستشارية لصفقة الطرح العام الأولي لشركة «ألف للتعليم القابضة» بقيمة 515 مليون دولار في سوق أبو ظبي للأوراق المالية    أفضل أدعية يوم عرفة.. تغفر ذنوب عامين    سويلم: إعداد برامج تدريبية تستفيد من الخبرات المتراكمة للمحالين للمعاش    يونيسف: نحو 3 آلاف طفل في غزة معرضون لخطر الموت    عضو لجنة الرقابة الشرعية: فنادق الشركات المقدمة للخمور تنضم لمؤشر الشريعة بشرط    توقيع بروتوكول تعاون ثنائي بين هيئة الرعاية الصحية ومجموعة معامل خاصة في مجالات تطوير المعامل الطبية    بطل ولاد رزق 3.. ماذا قال أحمد عز عن الأفلام المتنافسة معه في موسم عيد الأضحى؟    تفاصيل مشاجرة شقيق كهربا مع رضا البحراوي    وزير الأوقاف يهنئ الرئيس السيسي بعيد الأضحى المبارك    "مقام إبراهيم"... آيةٌ بينة ومُصَلًّى للطائفين والعاكفين والركع السجود    وزير الصحة: تقديم كافة سبل الدعم إلى غينيا للتصدي لالتهاب الكبد الفيروسي C    موعد مباراة سبورتنج والترسانة في دورة الترقي للممتاز والقنوات الناقلة    استشهاد 6 فلسطينيين برصاص إسرائيلي في جنين بالضفة الغربية    اتحاد الكرة يحسم مشاركة محمد صلاح في أولمبياد باريس 2024    زواج شيرين من رجل أعمال خارج الوسط الفني    خلال 3 أشهر.. إجراء عاجل ينتظر المنصات التي تعمل بدون ترخيص    برلماني: مطالب الرئيس ال4 بمؤتمر غزة وضعت العالم أمام مسؤولياته    حظك اليوم| الاربعاء 12 يونيو لمواليد برج الميزان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ال«فيس بوك» والإصلاح السياسى

تصاعد دور ال«فيس بوك» وزاد تأثيره فى الجدل العام، وتحول إلى ظاهرة سياسية وليس مجرد ساحة للتواصل الاجتماعى والثقافى، استهوت قطاعات واسعة من الشباب وبدت وكأنها أقرب للتعبير عن جيل جديد عبر عن نفسه بصورة فيها كثير من التمرد والاحتجاج، وقليل من القدرة على البناء، والنجاح فى تجاوز قيود «الجيتو الجيلى».
وقد نشط عدد من الشباب لتكوين مجموعات تحت شعار أو مقولة معينة لجمع الناس حولها وإعلان انتمائهم لها، وقد يثار من جانب أعضاء هذه المجموعة نقاش ساخن حول المقولة التى جمعتهم، مما يشجع على الحوار وتبادل وجهات النظر فيما بينهم، وقد لا يتم هذا الحوار ويتم الاكتفاء بمجرد الانضمام لهذه المقولة واعلان الانتماء لها.
ويمكن تقسيم مجاميع ال«فيس بوك» إلى عدة مجموعات، الأولى ذات طابع سياسى ويمكن وصفها ب«المجموعات السياسية»، كمجموعة 6 أبريل التى ظهرت فى أعقاب إضراب 6 أبريل 2008، وانضم إليها فى أسابيع قليلة أكثر من 70 ألف مصرى، وشهدت ساحات الحوار فيها مناقشات واسعة لم تخل من تنوع وصل إلى حد التشتت والتعارض، وعكست مختلف وجهات النظر إزاء جدوى الإضراب ووسائله وكيفية توسيع الدعوة إليه وتنمية الوعى بين الناس بجدواه.
أما النمط الثانى من مجموعات ال«فيس بوك» فهو ينتمى لما يمكن وصفه ب«احتجاجات الموقف الاجتماعى» مثل مجموعة رفض حكم «عبّارة الموت»: وتضم هذه المجموعة حوالى 22 ألف شخص وهى بمثابة احتجاج على حكم العبّارة الذى اعتبره أعضاؤها غير عادل ويمثل حلقة من مسلسل الفساد فى البلاد.
وهذه المجموعة لم تشهد الكثير من النقاشات كالمجموعة السابقة، ولكنها شهدت بعض التعليقات التى تحلل أسباب هذه الكارثة، وتعرض وجهة نظر أعضائها حول أسباب صدور هذا الحكم.
أما النوع الثالث الأقل شعبية فهو مجموعات الانتماءات السياسية والأيديولوجية، ذلك أن معظم الشباب الذى يقبل على مجاميع ال«فيس بوك» غير مسيس بالمعنى الحزبى والأيديولوجى الضيق، وإنما يتفاعل مع قضية معينة أو أزمة محددة ويعلن موقفه منها على نحو عابر للانتماءات السياسية والدينية والحزبية.
ومن هنا فإن المجموعات التى تعلن هوية سياسية محددة لا تجذب الكثير من الشباب ويصبح وجودها محض شرفى ليس إلا.
وأخيرا، هناك مجموعات رابعة مرتبطة بأحداث اجتماعية أو قانونية مثل تلك التى تم إنشاؤها من أجل معارضة قانون المرور الجديد، ولكن معظمها لم تلق رواجا واسعا مثل مجموعات الكوارث أو الدعوات السياسية للإضراب، وكانت المجموعة الأكثر جذبا للأعضاء «بلغوا 10 آلاف»، هى مجموعة تحاول شرح وتبسيط القانون الجديد مع تبنى جميع الآراء المعارضة والمؤيدة.
ولعل التساؤل الذى يُطرح حين يتعلق الأمر بظاهرة ال«فيس بوك» يتمثل فى أسباب انتشار هذه الظاهرة بشكل واسع فى مصر، وما دلالات هذا الانتشار، وهل هو نتيجة إحباط من الواقع السياسى أم تمرد عليه، أم الاثنان معا؟
المؤكد أن ضعف الأحزاب السياسية، وحصار منظمات المجتمع المدنى، وغياب أى أفق لتداول سلمى للسلطة، أدت إلى قيام قطاعات واسعة من الأجيال الشابة بالمشاركة بفاعلية فى عالم الإنترنت والفضاء الإلكترونى، بحيث بدت الظاهرة فى جانب تعبيراً عن غياب أى بدائل أخرى للعمل السياسى الحقيقى، وفى جانب آخر عبرت عن نمط جديد من الممارسة السياسية استهوت قطاعاً مهماً من الشباب.
إن هناك سلسلة من الإحباطات والصعوبات أيضا دفعت هؤلاء الشباب إلى الانخراط فى فضاء العالم الافتراضى، فقد تحولت الساحة السياسية الشرعية إلى نموذج نادر للفراغ والفوضى، وانتهى دور الأحزاب من المجال العام، وتراجع تأثير القوى الاحتجاجية الجديدة التى نجحت منذ ظهور حركة «كفاية» فى 2004 فى تحريك المياه الراكدة، إلى أن انتهى دورها وغابت عن دائرة الفعل والتأثير الاجتماعى.
وبدا كل من غامر ودخل «قفص الشرعية» من الأحزاب القائمة أن مصيره التفكك أو ضعف التأثير. والمؤكد أن هناك ملامح خاصة للاستخدام السياسى لعالم النضال الإلكترونى دفعت الشباب إلى التواصل معه بجانب الوضع السياسى الطارد، تتمثل فى التعبير الحر عن كل الهواجس والطموحات والأحلام الشخصية والعامة بصورة مباشرة على الشبكة العنكبوتية، دون الحاجة لوصاية جيل آخر أو رقابة رئيس فى العمل أو توجيهات مسؤول كبير أو قيادة حزبية، فعبر شبكة الإنترنت كل شخص «زعيم بمفرده»، وأن هذا النزوع الهائل للشباب نحو الإنترنت يعنى أن هناك مجالاً واسعاً للتعبير عن النفس غير موجود فى الواقع العملى.
من الخطأ تصور أن ما يجرى فى عالم الإنترنت هو ما يجرى على أرض الواقع، خاصة أن «نجاح» الإضراب على شبكات الإنترنت، قابله فشل فى أرض الواقع، ومن المهم تأمل أسباب الفشل وعدم تصور أن النجاح الذى يجرى فى العالم الافتراضى سيعنى فى الحقيقة نجاحاً فى الواقع المعاش.
لم يتعلم نشطاء العالم الافتراضى من درس 4 مايو من العام الماضى، وعادوا وكرروا الخطأ نفسه بالدعوة لما سموه فى 6 أبريل الماضى «إضراباً عاماً»، أطلوا به من أعلى على عموم الناس، وتصوروا أن حسابات مئات الآلاف من الأسر البسيطة ومن العمال والموظفين يمكن أن تقررها خيارات متسرعة لعشرات الشباب المتحمس والحالم، فيقرر بمفرده «إضراباً عاماً» ويفترض أن يستجيب له الناس.
إن مجاميع ال«فيس بوك» هى ساحة للتعبير عن خواطر وإحباطات وأحلام سياسية متنوعة، وتستخدم لغة خاصة ليست محل توافق من كل أجيال المجتمع ونخبته وحتى عموم جمهوره، كما أنها فى كثير من الأحيان انطباعية ومتسرعة فى أحكامها.
معضلة احتجاجات ال«فيس بوك» أن سوء الواقع الاجتماعى والسياسى وضعها فى «جيتو جيلى» منعزل عن معظم قطاعات وأجيال المجتمع، ولم يتح لها فرصة النمو والتطور الصحى عبر التفاعل مع أجيال أخرى وأحزاب وقوى سياسية، ومنظمات مجتمع مدنى لها جذور اجتماعية وشعبية، فظلت فى عزلتها الجيلية واللغوية.
إن المجتمعات الصحية هى التى تقبل شباب ال«فيس بوك» بأفكارهم الجريئة والحالمة، وتضيف إليهم عبر تفاعل مؤسساتها السياسية والاجتماعية والنقابية معهم، فتنقل لهم خبرة الممارسة المؤسسية وتقاليد العمل الجماعى والعقلانية، وتحول التمرد والاحتجاج إلى طاقة إبداع وتطوير، وهكذا تتطور المجتمعات عبر نظم تنفتح أمام الجديد، وجديد يدمج فى النظام ليطوره.
ولأن هذا غير موجود فبقيت احتجاجات ال«فيس بوك» تعبر عن جانب من المجتمع وشريحة من الشباب، وبجوارها احتجاجات «الكبار» من الموظفين والعمال، واحتجاجات السياسيين أمام سلم نقابة الصحفيين، وصرخات الإصلاحيين أو همسهم داخل النظام وخارجه،
وفى كل الأحوال سيبقى كل طرف منعزلا عن الآخر، ولا يمكن لظاهرة «الاحتجاج عبر النت» أن تُحدث عملية التغيير والإصلاح السياسى، إلا إذا خلقت جسراً قادراً على التواصل مع الواقع السياسى والاجتماعى المعاش بأجياله المختلفة وبظواهره الصحية، لا أن يكون مجرد رد فعل على سلبياته المختلفة وإحباطاته.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.