أودعت محكمة الاستئناف العالى دائرة جنح النقض حيثيات حكمها فى قضية «محتكرى الأسمنت» الذى قضت فيه بتأييد تغريم 18 متهما من أصحاب ومسؤولى شركات الأسمنت 10 ملايين جنيه لكل منهم فى الاتهامات الموجهة إليهم بمخالفة قانون حماية المستهلك واتفاقهم فيما بينهم على زيادة أسعار الأسمنت بصورة مبالغ فيها. قالت المحكمة إن لمحكمة الموضوع كامل السلطة فى تقدير القوة التدليلية لعناصر الدعوى المطروحة أمامها وأنها الخبير الأعلى فى كل ما تستطيع أن تفصل فيه بنفسها. وكانت المحكمة قد كونت عقيدتها مما اطمأنت إليه من الأدلة والعناصر السائغة التى لها مأخذها الصحيح من الأوراق. وأضافت أنه لا يجوز إبطال أمر إحالة الدعوى لمحكمة الموضوع بعد اتصالها بها باعتبار تلك المرحلة لا تخرج عن كونها جهة تحقيق ومن ثم فلا يجوز إعادة الدعوى إلى النيابة بعد دخولها حوزة المحكمة. أما عن الدفع بعدم الدستورية ومخالفة تحريك الدعوى الجنائية طبقا لنص المادة 3 لسنة 2005 قالت المحكمة إن الثابت من مطابقة مدونات الحكم المستأنف قد كفل الرد على ذلك صراحة من أن المادة 6 من القانون رقم 3 لسنة 2005 قد حظرت الاتفاق بين أشخاص متنافسين أى أنها تعاقب على الاتفاق المجرد وإنما المتهمون قد قاموا بالاتفاق الاحتكارى الذى وقعت على إثره الجريمة. وأوضحت المحكمة فى أسبابها أنه من أحقية جهاز حماية المنافسة اتخاذ ما يراه لازما من تدابير رفع الممارسات غير المشروعة دون التقيد بأحكام المسؤولية سواء كان التدبير سابقا أو متزامنا أو لاحقا لتحريك الدعوى الجنائية هذا وقد تقدم وزير التجارة بطلب للنائب العام خلال شهر أكتوبر عام 2007 لاتخاذ إجراءات التحقيق فى الوقائع المنسوبة للمتهمين. وردا على أن الحكم المطعون فيه شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال ومخالفة القانون لعدم توافر جريمة الاتفاق الاحتكارى بينهم أكدت المحكمة أنه من المقرر قانونا أن الاتفاق فى ارتكاب الجريمة لا يقتضى فى الواقع أكثر من تقابل إرادة كل من المساهمين ثم وقوعها ومن الجائز أن تقع الجريمة بعد الاتفاق على ارتكابها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقا لقصد مشترك بينهم وهو الغاية النهائية من ارتكابها. وحيث إنه لما كان ما تقدم وكان قد ثبت لدى المحكمة أن الحكم الذى أدان المتهمين قد وافق صحيح القانون وبين عناصر الدعوى وأدلتها وظروفها وأركان الجريمة واستعراض شهادة شهود الإثبات واطمئنانها لتقرير جهاز حماية المنافسة ولما كان ذلك فقد وجب على الأجهزة الرقابية أن تلاحقهم فى أى مكان وزمان لتحمى الناس من بطش المحتكرين واستغلالهم. صدرت الأسباب برئاسة المستشار محمد القاياتى نائب رئيس المحكمة بعضوية المستشارين أحمد نصار وعبدالعزيز حبيب بحضور حسام عجاج مدير نيابة النقض وأمانة سر وليد عبدالجواد.
