ماذا يحدث للنساء الآن؟ من الذى يوجه المرأة المصرية إلى هذه الهوة السحيقة من الجهل؟ كلما ساقتنى قدماى إلى مجتمع يضم نساء فى شرخ الشباب أحسست بانهيار بنية المرأة المصرية! أسوق لكم بعض الأمثلة: فى احتفال بتخرج إحدى حفيدات صديقتى اجتمعت فى حجرة واحدة بخمس أمهات لصغار فى سن الرابعة والخامسة. الأولى خريجة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية وتزوجت زميلها الذى يعمل براتب خيالى فى أحد البنوك. - بتشتغلى إيه؟ ابتسمت وهى تعدل حجابها الأنيق وقالت: - باربى بنتى.. لكن خريجة جامعة أمريكية، مش جاهلة يعنى. - بنت واحدة؟ - لأ لما تكبر إن شاء الله حجيب حد تانى. ثم سألت الثانية: وإنتى خريجة إيه؟ - تجارة إنجلش. - بتشتغلى إيه؟ - لأ أنا جوزى دكتور ومشغول وأنا باربى بنتى وابنى. وصممت أن أكمل المجموعة فاتضح أن الخمس سيدات الصغيرات خريجات الجامعات المصرية، وواحدة منهن خريجة الجامعة الأمريكية قسم هندسة كمبيوتر وإحداهن خريجة قسم يابانى بالجامعة المصرية. وكلهن فى البيت! أنا لست ضد تربية الأطفال.. وأنا ربيت ثلاثة أطفال كبروا ما شاء الله وتزوجوا ولكن لم أترك شغلى طبعًا، تعبت ولكن كنت مستريحة نفسيًا لأننى أعمل فى عملى الصحفى، وحرصت على توصيل رأيى فى مشاكل بلدى، وحاولت فى حركة الإصلاح.. حاولت فى مجال الطفولة ولست وحدى، جيلى كله تخرجنا وعملنا ونحن طالبات وأنجبنا وربينا، وأولادنا الحمد لله نجحوا..! ماذا حدث للمرأة المصرية..؟ إننا نعيش فى كارثة لا نعرف مداها. إن هؤلاء النسوة لا يعرفن أنهن جزء من 50٪ من عدد السكان فى البلاد! لماذا لم تتخيل إحداهن لو طلبت طبيبة لابنها، وقالت لها الطبيبة: أنا قاعدة فى البيت ولا أعمل! لماذا لم تتخيل إحداهن الممرضات والمدرسات وقد جلسن فى بيوتهن لتربية الأطفال فقط؟ أعرف جيدًا إرهاق المرأة العاملة البسيطة المحتاجة وهى تذهب فى برد الشتاء وحر الصيف وهى تجمع القرش على القرش لتلحق أطفالها بأى حضانة! أتعجب لهؤلاء القادرات على إرسال الأطفال لأغلى «الحضانات» ولكن فضلن تعطيل قدراتهن فى تربية الأطفال وأتعجب أشد العجب لنساء كثيرات يعملن ونجحن فى أعمالهن وتقول كل منهن بالفم المليان: أنا ضد عمل المرأة! كأنه وباء اجتاح البلد، أو كأنها فكرة زرعت ونجحت وآتت أكلها فى نساء مصر. أين المجلس القومى للمرأة ليواجه هذه الردة وهذا التراجع الشديد فى قضية عمل المرأة؟ ما هذا التناقض الذى يحدث فى مصر الآن؟.. تكافح النساء حتى يصلن إلى مناصب نادرة مثل القاضية ومثل المأذون ومثل العمدة ثم نجد خريجات الجامعات يمارسن السعادة وهن فى البيت! جاءتنى فتاتان وشاب من جامعة 6 أكتوبر قسم الإعلام.. جاءوا لإجراء حوار معى لمشروع التخرج.. سألت إحداهما: - ناوية تشتغلى فين؟ - لا حاقعد فى البيت. - ليه؟ - لأربى أولادى.. وكان معها خطيبها الذى يعمل فى أحد المطاعم وقال: - لأ أنا مش عاوز شغل.. وهى موافقة. سألتها: لماذا تحصلين على شهادة قالت بالحرف الواحد: علشان ما أكونش أقل من حد. قلت لها: ممكن تدخلى مجتمع فيه واحدة لابسة ألماظ وفستان غالى جدًا، تعملى إيه لما تكونى أقل منها؟ صمتت ثم قالت: الشهادة كمان تضمن مستقبلى لو حصل حاجة فى الجواز.. قلت لها: طلاق يعنى؟ قالت: لا قدر الله أبقى أشتغل! ما هذا المفهوم للعمل؟ أين القدرات التى لديهن.. أين المساواة العقلية بين المرأة والرجل التى أوردها الله فى كتابه، فلا فرق بين عقل المرأة وعقل الرجل ولا تنفيذ مفردات الدين سواء مسلمًا أو مسيحيًا بين امرأة ورجل؟ صدقونى هذه ليست مصادفة.. ولكن أكتب لكم عينة مما أقابله فى السنوات الأخيرة من نساء عقدن العزم على إلقاء أنفسهن فى بئر الجهل بلا تردد.. جهل متعلمات!!.. الأمر عجيب، فبينما قضايا المرأة تناقش وتعلن حوارات وإنجازات نرى النساء يتراجعن بخطوات واسعة.. لم تفكر إحداهن فى الذى أنفقته الأسرة والدولة عليها.. لم تفكر فى دولاب العمل ولا حاجة المجتمع إليها.. حقيقى أن هناك بطالة ولكنها ظاهرة غير صحية، حيث البطالة فى مجالات، والاحتياج إلى عمالة فى مجالات أخرى مثل التدريس والتمريض، حيث سوق العمل بلا دراسة جدوى. وكم ذا بمصر من المضحكات.. ولكنه ضحك كالبكاء والله يصدق المتنبى فى مقولته فى كل زمان قبل الطبع 64 مقعدًا فى المجلس - مجلس الشعب - لنساء مصر.. ترى من هن النساء اللاتى سوف يضمهن المجلس إذا كانت إحدى العضوات ضربت بأصوات ناخبيها عرض الحائط من أجل ملايين العريس الرابع!! وقعدت فى البيت تعد الفلوس!!!