أثار حوار الدكتور حسين منصور، رئيس جهاز سلامة الغذاء، مع «المصرى اليوم»، الذى وصف فيه المجازر بأنها «صالات قذرة»، وانتقد تلوث اللحوم، وتعرض بعض الأطباء البيطريين، لاعتداءات من جانب الجزارين، وتأكيده مقاطعته تناول اللانشون والبسطرمة والجبن الرومى، ردود أفعال واسعة بين الخبراء والجهات المعنية بالغذاء. وقال الدكتور حامد سماحة، رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية: «بالفعل المجازر بحالة شديدة السوء، وهذا واقع يجب ألا نغض أنظارنا عنه، لكن المجازر مسؤولية المحليات وليس الهيئة العامة للخدمات البيطرية، فكل دورنا أن نكشف على الحيوان قبل الذبح». وأضاف: «لكن هذا لا يمنع من وجود تجاوزات وتخوفات من الأطباء البيطريين تجاه الجزارين تصل إلى الخوف من الاعتداء عليهم، بخلاف أن الذبيحة بالفعل تتلوث بدماء الذبائح الأخرى سواء كانت لحوم ماشية أو خنازير، وتابع: «الحل فى تغيير الوضع الحالى وإحلال المجازر الحالية بمجازر متطورة مثلما نشاهد فى الخارج، فحتى المجازر الآلية فى مصر معطلة، أما الوضع خارج مصر فلا يسمح لصاحب الذبيحة بالدخول إلى صالة الذبح، بخلاف أن الجزارين مدربون ومعتمدون». وعن رؤيته لوضع المجازر المستقبلى والهيئة التى يجب أن تشرف عليه، قال: «لا يهم من المشرف على المجازر سواء أكانت الهيئة البيطرية أو جهاز سلامة الغذاء أو حتى المحليات كما هو الوضع الحالى، الأهم هو توفير نظام آمن يسمح للمصريين بالاطمئنان على غذائهم». من جانبه، قال النائب مصطفى بكرى، الذى تقدم باستجواب مؤخرًا عن ضبط لحوم خنازير مخلوطة فى اللانشون البقرى: «إن الظروف الحالية هى الموعد الأمثل ليكون هناك جهاز مسؤول أمام الشعب للحفاظ على أمنه الشخصى تجاه الغذاء». وأضاف: «لدىّ معلومات عن تسرب كميات كبيرة من لحوم الخنازير فى مصانع اللانشون وخلطها باللانشون البقرى، وقد اعترف بذلك صاحب إحدى أسواق السوبر ماركت الكبرى فى مصر، وأكد أن المصنع القائم بذلك من المصانع المشهورة». وأضاف: «رغم عدم امتلاكى معلومات كافية عن كميات اللحوم المسربة، فإن الشواهد تؤكد تكرار الأمر نفسه مع أكثر مع منفذ بيع، وهذا يجعلنا أمام جريمتين: أولاهما الغش التجارى، وثانيتهما إطعام المسلمين لحومًا محرمة عليهم، فالمواطن المصرى يبحث اليوم عن شخص مسؤول أمامه ليتأكد مما يأكله، وتابع: «أنا مثلى مثل الآخرين.. فقط قاطعت اللانشون والكفتة واللحوم المفرومة بأنواعها». ودافعت المهندسة عنان هلال، المديرة التنفيذية لجهاز حماية المستهلك، عن المجازر ووصفتها بأنها أفضل حالا من الذبح فى الشارع، إلا أنها قالت: «لست متخصصة فى قضية المجازر مثل الدكتور منصور، لكننا زرنا مجزر الخنازير منذ سنوات ووجدنا عمليات كشف بيطرية وغسل بعد الذبح وإن لم تكن بأعلى درجات الكفاءة، لكن المشكلة الأساسية كانت فى الحيوانات المصابة أو المعيبة، التى يتم إعدامها ووضعها فى المحرقة للتخلص منها»، وأضافت: «كان مجزر البساتين ينتظر امتلاء المحرقة فى المساء وهو ما يعطى فرصة لبعض العاملين لسرقة تلك الحيوانات وبيعها مرة أخرى قبل حرقها، وخوف الطبيب البيطرى من الجزارين وأصحاب الماشية مبرر ومنطقى لأنهم قد يتعرضون له بسهولة»، أما بخصوص خلط لحوم الخنازير باللانشون والكفتة، فقالت: «إنه وارد، ودور جهاز حماية المستهلك هو تلقى مشكلات الجمهور وشكواهم وإرسالها للأجهزة الرقابية المعنية وعمل دراسات». وتابعت عنان: «أنا مقاطعة اللحوم المصنعة منذ فترة طويلة، وآخر دراسة للحوم المصنعة عام 2000 أكدت أن كل اللحوم المصنعة غير مطابقة للمواصفات، أما اليوم فالوضع أسوأ ونسبة الغش قد تكون أكبر بكثير، ونصيحة جهاز حماية المستهلك دائما هى الابتعاد عن اللحوم المصنعة مثل اللانشون، وجهاز حماية المستهلك يتوسل للمسؤولين بوجود جهاز لحماية الغذاء، خاصة فى ظل ضعف الرقابة على الأغذية وتشتتنا بين أكثر من جهة مسؤولة، وتبعية المفتشين المسؤولين وتضارب آرائهم، وهو أمر يقوى دور جهاز حماية المستهلك ويطمئن المواطن»، مؤكدة أنه فى حالة وجود شكاوى لا نجد أحيانا الجهة التى يمكن أن نبلغها بسبب تضارب الاختصاصات. وأكد الدكتور جمال صيام، أستاذ الاقتصاد الزراعى بكلية الزراعة جامعة القاهرة، أن تصريحات حسين منصور لها تداعيات ومؤشرات خطيرة على المستوى الاقتصادى، وقال: «إقرار الرجل المسؤول عن سلامة الغذاء فى مصر بأنه لا يأكل اللانشون والبسطرمة والجبن الرومى له مؤشرات قوية بأن تلك المأكولات بخلاف الملوثات الأخرى التى ذكرها مشكوك فى سلامتها، وهو ما يعنى مقاطعة المصريين لها، وتأثر تلك السلع اقتصاديا على المدى القريب بشكل يؤثر على الاقتصاد الزراعى فى مصر ككل»، مشيرًا إلى أن الأخطر من تصريحات منصور هو تأكيده معلومات الحجر الزراعى بأن القمح سيلوث التربة، وهو ما يعنى تأثيرا اقتصاديا على مستوى المحاصيل وكفاءة التربة على المدى البعيد لا يمكن تجاهلهما.