يعتبر قداسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية أحد الرموز البارزة والمضيئة فى تاريخ مصرنا الحبيبة وتاريخ الكنيسة القبطية العظيمة. فقداسته هو الذى علمنا قوله المأثور «إن مصر وطن يعيش فينا وليس وطناً نعيش فيه». مصر التى أحبها حتى النخاع، سقينا من تعليمه هذه المحبة فصارت محبتنا لمصر تجرى فى دمائنا. وهو قداسة البابا الذى يعتبر رمزاً للوحدة الوطنية بكل ما تحمله الكلمة من معنى. فلست أبالغ إذ قلت إن جميع القيادات الإسلامية فى شتى أنحاء شرقنا الأوسط. وأنا ألتقى بهم كأمين عام لمجلس كنائس الشرق الأوسط، يعتبرونه رمزاً لهذه الوحدة بين المسيحيين والمسلمين فى هذه البقعة المقدسة شرقنا الأوسط. وهو الذى شجعنا فى مجلس كنائس الشرق الأوسط أن نخوض مجال الحوار الإسلامى المسيحى الحياتى فى المساحات المشتركة بيننا، ولذا بدأنا مع المنتدى الإسلامى العالمى للحوار بلقاءات منذ عام 2004 ترأسها قداسته وصاحب الفضيلة الإمام الأكبر د. محمد سيد طنطاوى، شيخ الجامع الأزهر، وكان لهذه اللقاءات الأثر الطيب فى نفوس الجميع إذ حضرها من لبنان وسوريا والسعودية والأردن وفلسطين والعراق ومصر. تكلمنا عن (الدين ومقاصد الحوار) وكذلك (الدين وحقوق الإنسان وواجباته). ■ وقداسة البابا هو العالم والمفكر والشاعر.. العالم الذى تجد خلال مجالسته أنك تجالس موسوعة علمية تحوى وتعرف كل شىء، علماً غزيراً ومنيراً. وهو المفكر الثاقب بفكره يسبق عصره بأجيال. ■ وهو الشاعر ليس فى كتابته الشعر فقط، لكن فى أحاسيسه التى نلمسها فى حديثنا معه، لذا فما يعبر عنه فى كلمات شعر إنما ينبع من القلب النابض بالحب. ■ وقداسته هو الوديع والمتواضع.. الذى يتبع قول السيد المسيح له المجد (تعلموا منى لأنى وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم). فرغم مكانته الجليلة ومركزه السامى فإنه يتحلى بالتواضع الجم. رغم مكانته كرئيس لأكبر كنيسة فى شرقنا الأوسط فهو الذى يجعلنا نخجل من تواضعه الجم حينما نتعامل معه. ■ وقداسته هو حبيب الأطفال يسير فى درب السيد المسيح الذى قال « دعوا الأولاد يأتون إلىّ). لذا نراه يحنو على الطفل الصغير ويلاطفه فى حب أبوى عجيب. ■ وقداسته حبيب الفقراء لذا خصص يوماً أسبوعياً ليلتقى بلجنة البر بالفقراء وبالتعبير الكنسى هم أخوة الرب فهو الذى قال عنهم تبارك اسمه (كل مافعلتموه بأحد أخوتى هؤلاء الأصاغر فبى قد فعلتم). ■ وهو البابا ذو القلب الكبير الذى يحمل هموم وآلام جميع أبنائه ويصلى لأجلهم وفى رؤياه راحة لكل المعذبين. محبته تعطى الراحة والطمأنينة والسلام والهدوء لكل من يلتقى به. < وهو الزعيم لمسيحيى الشرق الأوسط والراعى للعمل المسكونى، لذا أختاره رؤساء الكنائس أعضاء مجلس كنائس الشرق الأوسط رئيساً لثلاث دورات متتالية منذ عام 1994- 2007م ومازال رئيساً فخرياً لهذا المجلس. بل هو أحد قادة العالم المسيحى على المستوى العالمى لذا اختارته كنائس العالم رئيساً لمجلس الكنائس العالمى خلال الفترة من 1992 إلى 1998. ■ وقداسته هو الواعظ المتميز الذى حاز لقب ذهبى الفم ولسان العطر. الذى تتقاطر الآلاف لسماع عظاته الأسبوعية. وهو البابا الذى لقب ببابا العرب، الذى دافع عن القضية الفلسطينية بكل أحاسيسه، ولا ننسى محاضرته فى الستينيات فى نقابة الصحفيين عن ( رأى المسيحية فى إسرائيل). هو البابا الذى نفتخر به أبا لنا وتفتخر مصر بأنه من أبنائها بل يكن له عالمنا العربى كل إجلال واحترام لعروبته. فهو العربى الأصيل الذى له أحباء فى شتى بلدان وطننا العربى. عشت يا قداسة البابا لسنين كثيرة وأعواماً مديدة وحفظك الله للكنيسة ولمصر الحبيبة. وحفظ الله لمصرنا زعيمها ورائد نهضتها، الذى رسخ مبدأ المواطنة ودعم وحدتها الوطنية السيد الرئيس محمد حسنى مبارك، رئيس الجمهورية. حفظه الله لأعوام كثيرة.