والعيش والملح وعشرتنا.. ما تهونش علينا محبتنا، هكذا غنت ليلى مراد عن أجمل عهود الحب والعشرة التى ارتبطت بوجدان المصريين. فنحن الشعب الوحيد الذى يسمى «الخبز» «عيش» لأنه معادل للعيشة والحياة، والملح هو الأرض: الاستقرار والدوام وصيانة تلك الحياة، لذا جرى على الألسنة مقولة «حق العيش والملح» وكأنها قسم ودستور للإخلاص والوفاء بين الناس الذين أكلوا وشربوا مع بعضهم البعض وأصبحوا إخوانا بحق العيش والملح وقالوا فى الأمثال «العيش والملح مايهونش إلا على أولاد الحرام». لم نعد نردد قسم «العيش والملح»، أصبحنا نغنى «أخيرا اتجرأت وأخيرا أنا دلوقت هعلى صوتى عليه». البيوت تحولت لساحة حرب بين آدم وحواء.. تذكر الأساطير اليونانية أن الإنسان فى البداية كان كائنًا واحدًا مستديرًا، وبسبب قوة هذا الكائن وتمرده وغروره قرر زيوس، كبير آلهة الأوليمب، أن يشطره لنصفين: رجل وامرأة. عقاب زيوس الأبدى أن يظل كل نصف يبحث عن نصفه الآخر.. بحث لا يعرف الملل وحنين لا يعرف الارتواء. بالاكتمال والبقاء معا للأبد والتبات والنبات ونوثق العهد بإنجاب الصبيان والبنات، لكن للأسف هذه الأمنيات تجهض، دون أن تكتمل.أ ين تذهب ذكريات ليالى الشوق واللقاء؟ وكيف تهرب من بين أيدينا الأمنيات وكيف تكفر أرواحنا بعقيدة الاكتمال فيرتد الكائن الواحد منشطرا على نفسه ليس بإرادة زيوس، ولكن نتيجة لجفاء مصطنع وجهل بطرق المشاركة والتفاعل وإنكار لعهد «العيش والملح «الذى يتحول تحت ضغط المشاكل إلى زاد من المر والحنظل يجعل من الطلاق حلاً وحيدًا، وليته يتم بمعروف ليحافظ على ذكرى لأيام حلوة». «العيش والملح» هو ملف طعم البيوت لهذا العدد.. شهادات إنسانية تصرخ: «أمال لو كنت عدوى يا حبيبى كنت هتعمل إيه»؟! وأخرى تصدح برقة السندريللا: «يا حبيب الروح فين أيامك؟!».
