مشهد خارجى ليل: المكان «محكمة جنوبالقاهرة»، موكب مهيب من عدة سيارات فارهة.. يتوقف الموكب، يهبط مجموعة من (البودى جارد)، يحيطون بالزميل «ضياء رشوان» المرشح نقيبا للصحفيين!! بعد الإحساس بالاستفزاز و(الخضة).. أتابع المؤتمر الصحفى ل«ضياء» قبل إعلان نتيجة الانتخابات. أشهد بأن «ضياء» توظيف الفضائيات، واستعراض قوة التيار الناصرى بمظاهرات الحمل على الأعناق، حتى تشعر بأنه مرشح لنضال الفضائيات، ضد قوى «الثبات»، وفرضه رائداً «للتغيير من أجل التغيير»!! إنه «بطل» معركة «التغيير العشوائى»، الذى حمل أسلحة الجماعة المحظورة و«لوبى الصعايدة»، ليذبح الدولة على ظهر النقيب «مكرم محمد أحمد»!! ما أشبه انتخابات نقابة الصحفيين بحالة الدولة التى تتراجع وتترك الخريطة السياسية، وفى القلب منها النقابات المهنية، للإخوان. تلك الجماعة التى لا تمل النيل من هيبة النظام، وتعرية القوى السياسية من «ورقة التوت»، بفرض سطوتها على مختلف مؤسسات المجتمع المدنى! تحالف «الإخوان - الناصريين» لا يحتاج إلى نفى من «ضياء رشوان»، بقدر ما يحتاج إلى «تطمينات»: هل هذا التحالف لن يحكم النقابة من البطانة؟ وهل يملك «ضياء» - حال نجاحه - القدرة على الانقلاب السلمى على حلفاء الانتخابات، ليدير النقابة «بشخصه» ويبدأ السطر الأول من العمل العام؟ التاريخ يؤكد أن الإخوان لا يفرطون فى شبر حرروه لحليفهم! فهل هذا هو «الاستقلال» الذى يعدنا به «ضياء»؟ تسديد الفاتورة السياسية لصعود «رشوان» على الأكتاف، لن يكون من رصيده بل سيكون من مستقبل هذا البلد دون أدنى مبالغة، فحين تسقط نقابة الرأى فى يد «الجماعة» ستلغى كلمة «العمل النقابى» من سجل البلد. الأصوات التى حصدها «مرشح الفضائيات» هى أصوات «الإخوان الناصريين»، علاوة على أصوات «النكاية فى النظام»، والانبهار بخرافة التغيير. ولأنى من أنصار التغيير سبق أن أعطيت صوتى دورتين للنقيب الناصرى «جلال عارف». كنت موقنة بأنه ليس من «أعيان الصعيد»، وأنه صاحب تاريخ مهنى وخبرة سياسية. وتشهد تلك الدورات بأن ما يقال عن تهديده الصحفيين لتأييد النقيب الحالى مجرد خدعة انتخابية. والسؤال: هل نتعامل بجدية مع تهديد «ضياء» بإقالة بعض رؤساء التحرير (من أنصار خصمه) إذا أصبح «نقيباً» (!!). أى مرشح هذا الذى يروج لنفسه بوصم بعض أعضاء مجلس النقابة بالتزوير.. ثم يحدثنا عن ابتزاز أنصاره؟ «رشوان» يدير المعركة الانتخابية على طريقة برامج «التوك شو»، ويستخدم براعته الحواية فى مقابل إنجازات النقيب الحالى!!. ولا يتردد فى استخدام النغمة القبلية لاستقطاب الجمهور، والاستحواذ على أصوات «الشباب»، الذين يسعدون بغوغائية الهتاف. رغم أنها أساليب تفسد العمل النقابى وتقسمه على أسس عصبية وقبلية، تؤدى حتماً لتفتيت نقابة الرأى. كنت أود أن أسمع صوتاً عاقلاً خارج دائرة الأستاذ «مكرم»، يحدثنا عن قانون جديد لنقابة الصحفيين، وجدول جديد لرواتب الصحفيين، وتدخل نقابى حاسم لتطبيع علاقة الصحفى بمؤسسته بعد أن فسدت. لكننى لم أسمع كلاماً جاداً إلا من النقيب الحالى، الذى تدخل لحماية الزملاء (ومنهم رؤساء تحرير) من عقوبة الحبس. الجماعة الصحفية لايزال أمامها نضال حقيقى، لرفع العقوبات المقيدة لحرية الرأى، والارتقاء بالمهنة وكلها أمور تشغل عقل «مكرم» صاحب الخبرة النقابية، والتاريخ المهنى المشرف الذى وضعه دائماً فى صفوف المواجهة، ولم يعتكف فى مركز أبحاث!. وختاماً: سأعطى صوتى للكاتب الكبير «مكرم محمد أحمد»، الرجل الذى نقتحم خصوصيته حين يتعرض صحفى لمأزق. سأعطى صوتى للرجل الذى لا يحول بيننا وبينه «بودى جارد» أو «هتيفة».