فى الطريق المؤدى إلى منفذ السلوم، يشعر المارون للوهلة الأولى بأنه طريق تسكنه الأشباح، بسبب خلوه من أى مظهر من مظاهر الحياة، اللهم إلا من سيارات النقل الثقيلة المتراصة فى انتظار دورها للعبور من المنفذ. ولأن محمد سعيد «49 عاماً»، سائق نقل، تعود على هذا الطريق، لم يفكر كثيراً كيف يسد جوعه، بعد قيادة طويلة. فتح صندوقاً أسفل سيارته «التريلا»، وأخرج منه زيتاً، وقلاية وسمكاً اشتراه من أحد أبناء السلوم، ووقف يقلى السمك، ويعزم على باقى السائقين زملائه الذين استمروا لأكثر من 8 أيام فى انتظار دخول سياراتهم إلى الأراضى الليبية. يقول «محمد» بعد أن انتهى من تناول طعامه: «منذ أكثر من شهر ونحن نعانى من بطء إجراءات دخول سياراتنا إلى ليبيا، ما أدى إلى تكدس مئات السيارات المحملة بالبضائع، عند مدخل السلوم لمسافة أكثر من 5 كيلومترات من بوابة المنفذ المصرى، وانتظارها أكثر من 10 أيام فى انتظار الفرج». ويتدخل خالد عرفان، أحد السائقين، فى الحوار، قائلاً: «أصبحت مدة الرحلة الواحدة من مصر إلى ليبيا ذهاباً وإياباً تستمر 25 يوماً، بينما كنا فى السابق نستغرق 8 أيام، بسبب عدم تنظيم سير الحركة عند المنفذ الليبى». وأضاف: «نحن نحمل ما تنتجه المصانع المصرية من سيراميك ورخام وأدوات صحية وأقمشة ومواد للطلاء، من أجل إعادة بناء الأحياء التى تدمرت وقت الثورة، ورغم ذلك نعامل بطريقة سيئة، بداية من موظفى المنفذ والجمرك والتجار والمستوردين، حتى قطاع الطرق والبلطجية، الذين يعتدون علينا ويحاولون سرقتنا، بل قتلنا». «نحن نأكل ونستحم ونقضى حاجتنا فى الصحراء، أما من يمرض منا فلا يجد من يداويه»، هكذا علق إبراهيم أحمد شميس، سائق يبلغ من العمر 70 عاماً، على معاناة انتظاره على الحدود الليبية، وأوضح: «إحنا بنعانى مش بس من الجمرك الليبى، إحنا عندنا مشاكل كتير مع الجمرك المصرى، ومفيش ساحات واسعة للتريلات، مفيش مطاعم ناكل ونشرب فيها، ولا دورات مياه آدمية». فى المقابل، قال على حرفوش، موظف جمارك بالباب الغربى لمنفذ السلوم، المسؤول عن خروج سيارات النقل إلى المعبر الليبى: «فعلاً هناك مشكلة فى تكدس السيارات، لكون المنفذ الليبى يعمل عدد ساعات معينة، يتم خلالها دخول ما يقارب 250 سيارة فقط كل يوم، وهذا رقم ضئيل جداً مقارنة بعدد السيارات المنتظرة أمام المنفذ، كما أن الجانب الليبى اضطر إلى غلق المعبر لمدة 4 أيام، بسبب تفتيش السلطات عن بلطجية وتجار سلاح، وبعدها فتح المعبر، وعادت الحركة مرة أخرى، لكن بصورة بطيئة». وأضاف: «نعطى أولوية الخروج من المنفذ الليبى إلى السيارات المحملة بالمواد الغذائية، التى ربما تفسد نتيجة وقوفها لأيام غير معلوم عددها».