لا شك أن بعض رسائل القراء تعكس نضجا واضحا وقدرة على النفاذ إلى الأفكار الرئيسية ونقدها بشكل متوازن وموضوعى. وقد أعجبنى هذا الخطاب لقارئة مسيحية فاضلة، استنشقت فيه بعضا من العطر القديم، عطر المجتمع المصرى حينما كان بعافيته. أعجبنى هذا الخطاب لأدبه الجم، وأفكاره الواضحة، وأسلوبه المرتب. وبرغم أن الموضوع يتعلق بالتعدد، وهو شأن إسلامى بحت، فقد أمسكت بالخيط الإنسانى الذى يهم المسلمين والمسيحيين. ولأن الحكمة مطلب إنسانى فمرحبا بهذه الرسالة الإيمانية من أختٍ فى الوطن والإنسانية. تقول القارئة: (تحية طيبة وبعد. أكتب رسالتى إليك رداً على مقالك المنشور فى جريدة «المصرى اليوم» بعنوان «تعدد الزوجات وإشكالية العدل». ولى بعض التعليقات أرجو أن يتسع صدرك لها: 1-أتفق معك أن هناك الكثير من الذين يحاولون الوصول إلى الشهرة عن طريق إثارة بعض المواضيع التى تتعلق بالدين، ولكننى أرى أيضاً أننا لو وصفنا كل من يثير قضية نرفض الحديث فيها بأنه يحاول الحصول على الشهرة فإننا سنغلق باب الحوار ولن نصل إلى شىء. 2-لا أناقش موضوع التعدد من الزاوية الدينية كونى سيدة مسيحية، وإن كنت أعتقد – كامرأة- أنه مما يريح النساء أن يذكر أن التعدد أمر يضايق المرأة، وقد لا نفهم سببه ولكن هذا ما جاء به الدين. وهذا أفضل من محاولة إنكاره، الأمر الذى يهين ذكاء المرأة كما لا تستطيع أن تحاول إقناع مريض بمرض عضال بسهولة علاجه. 3-هل من رأيك أن تأخر سن الزواج لا يمثل مشكلة للشباب، ولكنها مشكلة للفتيات فقط يكون حلها بالتعدد!!. 4-هل تستطيع أن تؤكد أنك فى مقالاتك قد ناقشت كل القضايا التى يقع فيها ظلم على فئة معينة؟، هل هناك إنسان فى الدنيا يستطيع ذلك؟ ألا ترى أننا إذا كنا قد اخترنا بعضاً من القضايا دون الأخرى لنناقشها ونحاول حلها فهذا تكامل وليس انتقاء. 5- لا أفهم كلامك أنه لا يوجد مكان للعدل المطلق إلا فى الآخرة؟ فهل نتوقف عن محاولة إعطاء كل ذى حق حقه؟. معظم مظاهر الظلم ليست ابتلاء من رب العالمين ولكن هى من فعل الإنسان بأخيه الإنسان. 6-لا أفهم كيف تكون الشريعة إلهية وتكون غير قادرة على تحقيق العدالة الكاملة!!، أرى أن هناك شريعة إلهية كاملة وهناك بشر ناقصون خاطئون يحاولون فهم وتفسير وتطبيق هذه الشريعة. صحيح أنه قد تكون هناك أمور غير مفهومة قد تحتاج إلى بعض الوقت لنفهمها، وربما لن نفهمها إلا فى الحياة الأخرى بعد الموت. ولا أجد أى مشكلة فى الاعتراف بأنها غير مفهومة بالنسبة لى، مثل الكثير من الحوادث وظروف الحياة عسيرة التفسير حقاً. 7-المشكلة الحقيقية هى إساءة فهم كلام الله بسبب تفسيرها تفسيرا خاطئا من بعض الناس. وبدلا من الاعتراف بعجزنا فى التفسير أو احتمال أن نكون خاطئين فى تفسيرنا، فنحن نقول إنه هكذا أراد الله ونقفل كل باب فى إعادة التفكير ولا نسمح لغيرنا أن يفكر. 8-أرجو أن يتوقف المجتمع عن وصف الفتاة غير المتزوجة ب«عانس»، فهذا وحده كفيل بأن يزيل جزءا كبيرا من معاناتها والتى تتحملها وحدها بدون أن يتحملها معها الرجل غير المتزوج ولا أعرف لماذا؟. فهل الفتاة لا تستطيع أن تكمل حياتها بدون زوج؟. المجتمع ملىء بالفتيات غير المتزوجات أو الأرامل القادرات على العطاء والمشاركة فى المجتمع. الزواج أمر رائع وهو يتيح لاثنين أن يتشاركا فى الحياة معاً، وعدم الزواج يؤدى إلى بعض الضغوط النفسية على الإنسان فتاة أو رجل، ولكن عدم الزواج ليس استحالة وليس عيبا وليس عارا، وأنا أعرف الكثير من الفتيات غير المتزوجات الجميلات ويتمتعن بقدر كبير من الذكاء ومن الشخصية الاجتماعية وقوة الشخصية والاستقلال، ولا أستطيع أن أفسر عدم زواجهن؟، ربما هو خوف الرجل من الزواج من مثل هذه الفتاة؟. فأرجو أن نرفع هذا العار عن الفتاة غير المتزوجة وننظر لها باحترام وبأنها إنسان عادى طبيعى لها عطاء يستحق أن يُحترم. كل الاحترام لمواقفك المتزنة فى «من أجل مصر سأشجع الجزائر» وغيرها، وشكرا لسعة صدرك. لوسى عبده).