تنشر «المصرى اليوم» ملخصا من الجوانب الاجتماعية للحوار الشيق الذى أدلى به المهندس رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة، الذى نشر أمس فى طبعة «إسكندرية اليوم». وتلفت الجريدة إلى أن العناوين التى نشرت مع الحوار أمس خرجت دون قصد عن روح الحوار وهدفه، والمقصود منه، لأنها ركزت على جوانب لا تعبر بشكل دقيق عن هذا المضمون، كما أغفلت، عن غير قصد أيضا، المعانى والآراء التى ركز عليها الحوار فى الأساس، وهى الجوانب الاجتماعية والتاريخية، وعشق الوزير لمحافظته الإسكندرية، عروس البحر الأبيض المتوسط، التى شهدت مولده ونشأته وزواجه، والسطور التالية تحمل بعض هذه الجوانب: يقول الوزير إنه يعشق الإسكندرية القديمة، لذلك لايزال يعيش فى نفس المنطقة والبيت الذى ولد فيه، مع زوجته، فى شارع الجبرتى، بمنطقة «وابور المياه»، التى سميت على اسم شركة المياه التى كانت بالمنطقة، وكان اسمها قبل ذلك «كارتيه جريك»، أو «الحى اللاتينى». ويضيف «أن الإسكندرية لها طابع مميز، يعرفه «الإسكندرانية» جيدا، فرغم أنها مدينة كبيرة فإنها أشبه بالقرية فى علاقاتها الإنسانية، ولو فكرت أن تمشى فى أى شارع من أول وسط البلد حتى محطة الرمل، وأبو قير، والكورنيش، فسوف تقابل عددا غير محدود من أناس تعرفهم أو ترتبط معهم بعلاقات صداقة أو قرابة». ويدلل على كلامه باستعادة موقف وصفه ب«الأليم»، قائلا: «فى أحد الأيام وقعت حادثة كبيرة لإحدى بناتى الثلاث، على طريق الكورنيش، وخلال 5 دقائق، توقفت أكثر من 6 سيارات وبها أقارب للعائلة، وهم من أسعفوها، فضلا عمن تقدموا للمساعدة من المعارف والناس العاديين». ويتابع رشيد أن أحب الأماكن إلى قلبه هى «الكورنيش» و«بحرى»، لأن بهما عبق الإسكندرية القديمة - على حد تعبيره - ويحب أن «يتمشى» فى «العطارين» و«وسط البلد»، مع زوجته وأولاده، «لكن لو بدأوا فى (الشوبنج) باسيبهم لوحدهم». ويقول: «لا أظن أن أحدا ممن عاشوا فى الإسكندرية حتى نهاية الستينيات يمكن أن يفلت من اسر ما يسمونه (النوستالجيا)، أى الحنين الجارف إلى ماض ولى منه الكثير، لكن بقيت عليه شواهد، فبالتأكيد مازالت بعض الأماكن تحتفظ بروح تلك الفترة، مثل مناطق وسط البلد، وسعد زغلول، والكورنيش، وبحرى، ومن منطقة القلعة حتى مكتبة الإسكندرية، والميناء الشرقى، والمنشية.. مازالت كلها تحتفظ حتى بشكل المبانى المميز فيها، كالأنفوشى وكوم الدكة». ويشير إلى أن حدود الإسكندرية كانت تمتد إلى ما بعد الشلالات، عند الاستاد، «لذلك تجد المقابر الخاصة بالمسلمين والمسيحيين واليهود عند تلك الحدود. وأذكر أن محطة الرمل كانت عبارة عن منطقة مليئة بالرمال بالفعل، ومن هنا جاءت تسميتها. أما منطقة المنتزه فتعمد الملك بناءها خارج المدينة، وكان الوصول إليها رحلة شاقة». وينفى أن يكون متحيزا للإسكندرية على حساب مدن ساحلية أخرى، مبررا كثرة زياراته إليها بأنه يسكن هناك، ويذهب إليها فى الإجازات عادة. ويستعيد رشيد ذكرياته مؤكدا أنه شاهد، فى صباه، الأديبين توفيق الحكيم ونجيب محفوظ فى مقهى «بترو»، لكنه أبدى أسفه لهدم ذلك المقهى الشهير. وقال إن جزءا من الإسكندرية مازال «يحافظ على نفسه» وعلى طابعه المميز، «وهذا من حسن حظنا»، وأضاف: «وهناك مناطق اختلفت تماما عما كانت عليه، مثل محطة الرمل، وسان ستيفانو، وجليم، ورشدى، والمنتزه». ويشيد بحالة التنوع الإنسانى الذى كانت تنعم به الإسكندرية فى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى، ويقول: «كان كل سكان حى الإبراهيمية - على سبيل المثال - «جريك»، أى «يونانيين»، وكان معظم أهل الإسكندرية يتكلمون أكثر من لغتين و3 لغات، ولكن كل هذا اختفى بعد خروج الجاليات، ولا أريد أن أصفهم ب«الجاليات»، لأنهم كانوا «أهل وجزء من الوطن». ولا توجد دولة فى العالم الآن لا تدرك أن جزءا من حركة التنمية الاقتصادية سيتحقق من خلال التنوع السكانى». وعن حلمه يقول رشيد: «أريد أن تكون الإسكندرية أكثر المدن جاذبية على البحر المتوسط، وهذا حلمى الذى أتمنى أن أراه وأن يراه أولادى من بعدى».