هذا هو حالنا دائماً.. نبقى نحلم ونطالب ونسأل ونفتش وننتظر أشياء ما إن تتحقق أو تكتمل حتى نكون نحن أنفسنا آخر من يهتم بها.. وكأننا فى قرارة أنفسنا لا نتمنى أن يتحقق ما نحلم به ونريده حتى نبقى نحلم ونصرخ ونكتب ونتكلم.. وهذا هو التفسير الوحيد الذى اقتنعت به بعدما عايشت الإعلام الرياضى فى مصر لسنوات طويلة مضت يتظاهر بالغضب والعتب على صناع الدراما وأبطالها ونجومها على شاشة سينما أو تليفزيون والذين أبدا لا يلتفتون لكرة القدم بكل ما فيها من مشاعر إنسانية ودراما حقيقية تتجسد فيها الفرحة والانكسار والحلم والغضب.. وفجأة.. وعلى شاشات تليفزيون شهر رمضان الحالى.. كانت الفنانة الجميلة ليلى علوى تقدم دراما كرة القدم عبر مسلسل تليفزيونى حمل اسم الكابتن عفت.. الكتابة لمحمد رفعت والإخراج لسميح النقاش والبطولة لليلى علوى التى تقود ناديا من الأقاليم لتواجه به أندية المال والكبار وتتحدى فساد السلطة ورجال الأعمال.. مسلسل دارت كل حوادثه داخل نادر ياضى فقير وعلى أرض ملعب لكرة القدم.. مسلسل حاول كثيرا.. ونجح جدا.. فى الاقتراب من دراما وواقع كرة القدم فى مصر.. ورغم ذلك.. تظاهر إعلام الرياضة فى مصر بأن أحدا لم يحطه علما بحكاية هذا المسلسل وموضوعه وقضيته.. فلم يول هذا الإعلام، على الرغم من مساحاته وفضاءاته، أى تقدير واهتمام لأول مسلسل فى تاريخ الدراما التليفزيونية المصرية والعربية عن كرة القدم.. لم يفكر هذا الإعلام المهموم دوما بالصراخ وتبادل الشتائم والإهانات فى توجيه كلمة شكر واحدة لمن كتب دراما كرة القدم.. وللمخرج الذى جسدها على الشاشة.. وللنجمة الجميلة التى تركت الأخريات يقدمن الدراما المتكررة كل عام أو الهزل والعبث بالتاريخ أو القيم الإنسانية، وراحت ليلى علوى وحدها تهتم بكرة القدم وما يمكن أن تصنعه كرة القدم وتقدمه للناس.. وبالنيابة عن كل إعلام الرياضة..أشكر كل أسرة عمل مسلسل كابتن عفت.. ولست ناقدا فنيا أمتلك حق التقييم والتحليل والإشادة والمدح أو الذم.. إنما أنا صحفى فقط أتوقف أمام حدث اختلط فيه الفن بكرة القدم.. وأتوقف أيضا أمام نهاية المسلسل وحديث ليلى علوى عن لاعبيها.. الفقراء المهمشين الذين تحول انتصارهم فى ملاعب الكرة إلى انتصار فى الحياة نفسها مع التأكيد على أنهم لن يبقوا محبطين بعد اليوم.. وقد كان كلام ليلى علوى ومشاهد تغير حياة لاعبى النادى هو أجمل وأعمق ما فى المسلسل.. لأنه كان إشارة اقتربت من واقع وعالم حقيقى للكرة وعشاقها فى مصر أبدا لم تقترب منه الدراما من قبل فى مصر باستثناء فيلم الحريف للفنان القدير عادل إمام وفيلم واحد صفر للنجمة الكبيرة إلهام شاهين.. فالدراما المصرية فى معظمها لا تزال تصر على أن دراما الكرة هى بالضرورة الكوميديا الساذجة والسخيفة.. أو حكايات خرافية يصعب حدوثها وبالتالى يصعب تصديقها.. والحقيقة أن دراما الكرة هى نفسها دراما الحياة.. وأى فيلم أو مسلسل عن الكرة ليس بالضرورة أن تدور كل حوادثه داخل ملعب للكرة.. ودراما الكرة أيضا ليست فقط حكايات اللاعبين الذين يبدأون من تحت الصفر وتسمح لهم مواهبهم بصعود قمة الهرم الاجتماعى والإعلامى والاقتصادى أيضا.. ولكنها أيضا عن الذين تصبح الكرة حياتهم كمشجعين مجانين أو رزقهم كبشر يسعون فى الحياة.. من المدير الفنى للموظف لبائع الإعلام أو تذاكر السوق السوداء.. الكرة أيضا باتت فى بلادنا هى واجهة تخفى أو تظهر فساد رجل أعمال أو سياسى أو مسؤول.. وقد بدأ مسلسل الكابتن عفت هذا الطريق بالفعل وفتح الباب أمام كل الآخرين للحلم والمحاولة والتجربة.. ومن أجل هذا فقط أشكر ليلى علوى ومحمد رفعت وسميح النقاش وكل من عمل فى هذا المسلسل. [email protected]