شهدت منطقة «نويكولن» الألمانية في العاصمة برلين، على مدار اليومين الماضيين، جدلاً محتدمًا واحتجاجات ومظاهرات مضادة بين أعضاء من الحزب اليميني المتطرف، وآخرين ينتمون لأحزاب تدافع عن تعدد الثقافات في ألمانيا. واعتبر حسن حمدار، من المركز الألماني العربي للاندماج والتعليم، أن سكوت السلطات الرسمية على مظاهرة معادية للمسلمين يعتبر استفزازًا للمسلمين المقيمين في ألمانيا. وقال: «نعتبر هذا استفزازًا للمسلمين، خاصة في أيام العيد. السكوت على أمر كهذا يعني الضعف». وأبدى عدد كبير من الجالية الإسلامية في برلين انتقاده لموافقة القضاء الألماني على استخدام اليمنيين المتطرفين لافتات تسخر من النبي محمد في الآونة الأخيرة، معللة ذلك بأن لافتة كهذه «لا تعد إهانة شخصية للمسلمين وأن حق التعبير عن الرأي مكفول لكل الأطراف». كان الحزب اليميني المتطرف «برو دويتشلاند» أو «مع ألمانيا»، قد نظم مظاهرة أمام عدد من المساجد في منطقة «نويكولن»، الشهيرة بأنها حي العرب في ألمانيا، بالتزامن مع احتفالات المسلمين بعيد الفطر. وفي المقابل، استقبلهم حوالي 1000 متظاهر من سكان المنطقة، عرب وألمان متعاطفون، للتعبير عن رفضهم لإهانة الاسلام. «المصري اليوم» تواجدت في تلك التظاهرات التي شهدت أجواء مشحونة في الميدان أمام مسجد النور، أحد أشهر مساجد العاصمة، وسط انتشار مكثف للشرطة التي أخلت المكان، ووضعت الحواجز، تجنبًا لوقوع صدامات بين الطرفين. وتركز وجود رجال الأمن في المناطق التي وقف فيها «السلفيون»، خاصة أن شرطيًا أصيب بسكين في مظاهرة مشابهة العام الماضي على يد أحد السلفيين. كان اللافت تبادل الإجراءات الاستفزازية من الجانبين، إذ فوجئ السكان والمتظاهرون بصوت الأذان في غير وقته، أثناء الاحتجاجات، مما دعا الجميع لترقب رد فعل اليمينيين في الشارع. كما وقفت مجموعة من الشباب العربي من سكان الحي، ومعهم بعض الألمان الذين يعيشون في المنطقة، أو الذين ينتمون لأحزاب مناوئة للحزب اليميني، يدافعون عبر مكبرات الصوت عن تعدد الثقافات في ألمانيا. في المقابل، وقف أعضاء الحزب اليميني، حاملين صوراً وشعارات معادية للإسلام، كما قاموا بتشغيل موسيقى يمينية، وألقوا خطبا توجه انتقادات لاذعة للإسلام، كما بادر عدد منهم بتوجيه السباب وإشارات الأيدي للمسلمين. وهتف أحد أعضاء الحزب اليميني قائلا في كلمته: «لم أعد أتعرف على ثقافة بلدي، بسبب كم المسلمين الهائل.. السياسة الألمانية أصبحت متساهلة معهم أكثر من اللازم.. هناك طائرات كثيرة تستطيع نقلهم إلى بلادهم، نحن لسنا بحاجة إليهم». جاء ذلك وسط تصفيق حار من حاملي لافتات «لا للإسلام، لا لغير التسامح، لا لجرائم الشرف». على الجانب الآخر، قال على عبد الله، تاجر السيارات، ل«المصري اليوم»: «أشارك في تلك المظاهرة مستخدما حقي في التعبيرعن رأيي، تماما مثلماً يفعل اليمينيون». قال ذلك بينما كانت سيدة ألمانية تقف فوق حافلة مكشوفة في جانب آخر من الميدان، وتصيح عبر مكبر الصوت في وجه اليمينيين: «كلنا معاً، كلنا مجتمع واحد، مسلمون وملحدون، أغربوا عن وجهنا». وبينما علت أصوات المتظاهرين السلفيين رافعين المصاحف وهم يهتفون «الله أكبر»، تحرك عدد من قوات الشرطة الخاصة، وبدأوا في تحريك الحواجز إلى الخلف، دافعين المتظاهرين إلى الوراء. ومع الكم الهائل من سيارات الشرطة الضخمة التي وقفت أمام المحتجين السلفيين، بدأوا في توجيه انتقاداهم لرجال الأمن أنفسهم، هاتفين: «شرطة نازية.. شرطة فاشية».