سألنى، غير قادر على أن يحبس دمع عينيه قائلاً: عمرى سبعون سنة، والحمدلله أصوم بلا معاناة، ولكن الذى يحزننى أننى كنت أصلى التراويح فى مسجد الحى منذ أكثر من خمسين عاماً، كان يصلى بنا شيخ من شيوخ زمان الله.. صلاة خفيفة، وجميلة، والآن وقد مات ذلك الشيخ، جاءت جماعة من الشباب، واحتلوا المسجد، وتصدر منهم إمام شاب، يصلى بأكثر من جزء، ويطيل فى صلاة التراويح، فلا أقدر على متابعته، وفكرت فى أن أصليها فى البيت، بما تيسر من القرآن الكريم، ولكن عارضتنى زوجتى، وبعض أولادى، وقالوا لى: إن صلاتك التراويح فى المنزل غير جائزة، وغير مقبولة، ألا تتحمل شهراً فى السنة! وعنفونى، فما الرأى؟ وأنا معك يا عمى الحاج، وكونها لا تتكرر إلا شهراً فى السنة لا يعد وجهاً للتطويل، وقد روى فى الصحيح عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أنه قال «مَنْ أمَّ بالناس فليخفف فإن منهم المريض والمسافر وذا الحاجة» لم يستثن رسول الله- صلى الله عليه وسلم رمضان ولا غيره، وصلاتك السنة، ومنها التراويح فى بيتك صحيحة، ومقبولة إن شاء الله، فصلاة السنة فى البيت أفضل من صلاتها فى المسجد، والتراويح سنة، وقد صلاها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فى المسجد أياماً قليلة، فلما رأى تزاحم الناس خشى أن تكتب عليهم، فصلاها فى بيته، ولأننا نحب إقامة الشعائر، وإعمار المساجد فى هذا الشهر الكريم فلا ندعو جميع الناس إلى هجر المساجد، وإنما ندعو الأئمة أن يرحموا الناس، وأن يصلوا فى كل ركعة بثلاث آيات وأن يتخلل تلك الصلاة المباركة درس علم يُبصّر الناس بدينهم، وساعة علم خير من عبادة ستين سنة وقد روى البخارى فى صحيحه أن رجلاً شكا إلى النبى- صلى الله عليه وسلم- تأخره عن صلاة الفجر بسبب تطويل الإمام فغضب النبى- صلى الله عليه وسلم- غضبا لم يغضب مثله وقال «إن منكم لمنفرين» ومعنى ذلك أن التطويل تنفير فليتق الله الأئمة وليفقهوا دينهم، فمن يرد الله به خيراً يفقهه فى الدين، وليس من فقه الدين أن يطيل الإمام على الناس فينفرهم من الصلاة.