محافظ أسوان يتفقد المطعم السياحي متعدد الأغراض بعد التطوير    أسعار اللحوم الحمراء اليوم 17 يونية    «المالية»: تخفيف الأعباء الضريبية عن محدودي ومتوسطي الدخل    حملات مكثفة للتصدي للبناء المخالف في الدقهلية (صور)    إسرائيل تعلن اعتراض طائرة بدون طيار قرب عكا أُطلقت من لبنان    الخارجية الإيرانية: بيان الترويكا الأوروبية بشأن البرنامج النووي الإيراني لا قيمة له    حسم موقف سيرجو روبيرتو من الرحيل عن برشلونة    بعد قرار كولر.. الأهلي يفتح باب الرحيل أمام أليو ديانج للدوري السعودي    مفاجأة بطقس ثاني أيام العيد.. الأرصاد: نشاط للرياح وتساقط أمطار بهذه المناطق (فيديو)    ملفوف في سجادة.. تفاصيل العثور على جثة شاب مقتولًا في البدرشين    انتقاما منه.. تفاصيل إضرام سيدة النيران في شقة زوجها لزواجه في الوراق    اليوم.. قصور الثقافة تستعيد ذكريات الثمانينيات والتسعينيات في حفلات مجانية بالسامر والقناطر    إعلام فلسطينى: قصف إسرائيلى يستهدف المناطق الجنوبية لمدينة غزة    ما حكم ذبح الأضحية ليلًا في أيام التشريق؟    «المحلاوي» عن يوم «القر».. من أعظم أيام الله ويستجاب فيه الدعاء (تفاصيل)    جامعة القاهرة تستقبل 3079 حالة طوارئ وتُجري 371 عملية خلال عطلة العيد    فيلم ولاد رزق 3 يحقق أعلى إيراد يومي في تاريخ السينما المصرية    إقبال كبير على شواطئ مدينة مرسى مطروح والساحل الشمالي خلال العيد    تشكيل الإسماعيلي المتوقع ضد إنبي في الدوري المصري    فرنسا ومبابي في اختبار صعب أمام النمسا في مستهل مشوار يورو 2024    تشكيل الزمالك المتوقع أمام المصري في الدوري    حدث ليلا: نتنياهو يعيش في رعب.. وارتفاع أعداد قتلى جيش الاحتلال إلى 662    أسعار العملات في البنوك اليوم الاثنين 17-6-2024    مصادر فلسطينية: القوات الإسرائيلية تقتحم مخيم عقبة جبر في أريحا ومدينة قلقيلية    بالفيديو.. وفاة قائد طائرة خلال رحلة جوية من القاهرة للسعودية    الدولار يسجل 47.75.. أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه اليوم    تفاصيل الحلقة الأولى من الموسم الثاني ل House Of The Dragon    زلزال بقوة 6.3 درجة يضرب جنوب البيرو    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. ثاني أيام عيد الأضحى 2024    بينها دولتان عربيتان.. 9 دول إسلامية تحتفل بأول أيام عيد الأضحى اليوم    بعد إثارته للجدل بسبب مشاركته في مسلسل إسرائيلي.. من هو الممثل المصري مايكل إسكندر؟    افتتاح المرحلة «ج» من ممشى النيل بمدينة بنها قريبًا    منافسة إنجليزية شرسة لضم مهاجم إفريقي    دعاء الضيق والحزن: اللهم فرج كربي وهمي، وأزيل كل ضيق عن روحي وجسدي    حكم الشرع في زيارة المقابر يوم العيد.. دار الإفتاء تجيب    مصطفى بكري يكشف سبب تشكيل مصطفى مدبولي للحكومة الجديدة    تقتل الإنسان في 48 ساعة.. رعب بعد انتشار بكتيريا «آكلة للحم»    البيت الأبيض: المبعوث الأمريكي الخاص أموس هوكشتاين يزور إسرائيل اليوم    "تهنئة صلاح وظهور لاعبي بيراميدز".. كيف احتفل نجوم الكرة بعيد الأضحى؟    «زي النهارده».. وفاة إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوى 17 يونيو 1998    بالطيارة وبشكل عاجل، لحظة نقل حاج مصري أصيب بأزمة قلبية لإجراء عملية جراحية (فيديو)    "دوري مصري وأمم أوروبا".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    عيد الأضحى: لماذا يُضحى بالحيوانات في الدين؟    حظك اليوم برج الجوزاء الاثنين 17-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    انخفاض أعداد الموقعين على بيان مؤتمر أوكرانيا الختامي ل82 دولة ومنظمة    الكنيسة الكاثوليكية تختتم اليوم الأول من المؤتمر التكويني الإيبارشي الخامس.. صور    أجهزة مراقبة نسبة السكر في الدم الجديدة.. ماذا نعرف عنها؟    كيف يمكن التعامل مع موجات الحر المتكررة؟    القافلة الطبية «راعي مصر» تصل القنطرة شرق بالإسماعيلية    إيرادات حديقة الحيوان بالشرقية في أول أيام عيد الأضحى المبارك    المحامين تزف بشرى سارة لأعضائها بمناسبة عيد الأضحى    إيلون ماسك يبدي إعجابه بسيارة شرطة دبي الكهربائية الجديدة    الأنبا ماركوس يدشن كنيسة ويطيب رفات الشهيد أبسخيرون بدمياط    وزير الداخلية السعودي يقف على سير العمل بمستشفى قوى الأمن بمكة ويزور عدداً من المرضى    وفاة خامس حالة من حجاج الفيوم أثناء طواف الإفاضة    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج جورجيا بتجارة القاهرة    حصاد أنشطة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في أسبوع    بالسيلفي.. المواطنون يحتفلون بعيد الأضحى عقب الانتهاء من الصلاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى البدء كان الطعام والأرض

لم يكن كارل ماركس أول من اكتشف التحليل المادى الاقتصادى للتاريخ البشرى، سبقه الكثيرون من النساء والرجال المفكرين شرقا وغربا، لم تبدأ الفلسفة فى اليونان (أفلاطون وأرسطو وسقراط) -كما علمونا- فى مدارس المستعمرات والفكر الأوروبى الغازى، بدأت الفلسفة فى الحضارات الإنسانية القديمة حول أودية الأنهار فى مصر والعراق وفلسطين وسوريا والأردن والهند والصين وغيرها من البلاد، بسبب وفرة الماء والطعام وخصوبة الأرض وناتج الزراعة، واكتشاف أدواتها من محراث ومجداف، وآلات زراعية بدائية،
تفوقت النساء فى الحضارات الزراعية القديمة بسبب انشغالهن بإطعام أطفالهن، كانت الحاجة إلى الطعام هى الطريق إلى المعرفة والتقدم، لهذا سبقت المرأة الرجل إلى العلم والفلسفة والمعرفة والعدل، كانت إيزيس فى مصر القديمة آلهة المعرفة والحكمة، معات آلهة العدل، حواء آلهة المعرفة سبقت آدم إلى شجرة المعرفة.
كان الأطفال يعرفون أمهم لأنها تلدهم من جسمها، بدأت اللغة بالمرأة، بالأمهات ينادين على أطفالهن للطعام، بالنساء ينادين على الرجال للإخصاب، كان الرجل يغتصب أطفاله أو يأكلهم دون أن يعرف أنهم أطفاله، بدأت الأم قوانين التحريم، منعت الرجال من اغتصاب الأطفال وأكلهم، لم تكن الأبوة معروفة حينئذ، بسبب الجهل بكيفية تكوين الجنين فى الرحم، ولغياب الرجال الطويل فى أعمال الصيد وقتل الحيوانات والطيور من أجل الطعام أيضا، تصورت بعض هذه المجتمعات أن الجنين البشرى بذرة غامضة تهبط من السماء مع الهواء، يشبه تلقيح النخل عبر الرياح، كثير من الزعماء السياسيين والأنبياء فى التاريخ البشرى كانوا مجهولى الأب لهذا السبب.
بعد نشوء النظام الأبوى الطبقى انتزع الآباء من الأمهات السلطة والنسب والاقتصاد والثقافة والزراعة، والقدرة على إنتاج الأطفال أيضا أو الولادة، أصبح الطفل يولد من رأس رجل وليس رحم امرأة، مثل الاله زيوس، الشهير فى اليونان القديم، وحواء الشهيرة أمنا، لم تنجبها امرأة، بل ولدها رجل من ضلعه، ثم تطورت الفكرة تدريجيا مع التقدم العلمى، حتى تم اكتشاف الحيوان المنوى الذى يلتحم مع بويضة المرأة لينتج الجنين.
لكن أرسطو فيلسوف اليونان الشهير، بسبب إيمانه حينئذ بالنظام الأبوى العبودى، تصور أن الجنين يصنعه الذكر وحده، قال إن الحيوان المنوى كائن حى، أما بويضة المرأة فهى فى نظره شىء ميت ليس فيه حياة، ورث هذه الفكرة أغلب الفلاسفة والأطباء والعلماء فى عصرنا الحديث، وصفوا البويضة بالسكون أو «السلبية» أو الموت الكامل، كيف يحتوى جسد المرأة الحى على بويضة ميتة ؟ شىء يتناقض مع العقل المتطور، كان الرجال حينئذ يخشون قوة المرأة الغامضة، يصفونها باللغز، الضرورة أم الاختراع،
لهذا سبق التطور العلمى العسكرى فى أوروبا، بسبب الفقر فى الطعام والزراعة والمياه وخصوبة الأرض، غزت أوروبا بنظامها الطبقى الأبوى (الرأسمالى) أفريقيا وآسيا، إنه الاغتصاب العسكرى والسياسى والروحى، لتدعيم الغزو الاقتصادى المادى، سبقت الحملات التبشيرية الروحية والدينية الحملات العسكرية والاقتصادية إلى أفريقيا وآسيا، أوقفت عجلة التطور فى بلادنا، أوقفت الإبداع الفكرى والتعليمى والثقافى، أصبح المفكرون فى بلادنا ينقلون عن مفكرى أوروبا (ثم مفكرى أمريكا)، تدعيما لمصالحهم الاقتصادية المتخفية وراء حجاب الأديان،
نذكر هذه المرأة الأفريقية العرافة التى قالت قولتها الحكيمة: قبل أن يأتى الانجليز إلى بلدنا كنا نملك الأرض وكانوا يملكون الإنجيل، حين خرجوا من بلدنا أصبحوا يملكون الأرض ونحن نملك الإنجيل، هذه حكمة المرأة تلخص خطط الاستعمار القديم والجديد فى مقولة واحدة. هذه المرأة الأفريقية لم تقرأ الكتب، لتدرك دور الاقتصاد فى السياسة والحرب والدين، أن الاقتصاد يحرك التاريخ والأساطيل، لو اهتدينا بحكمة هذه المرأة الافريقية، لو استخدمنا مقولتها أداة لتحليل الوضع فى بلادنا، لخرجنا بحالة من المعرفة تضىء لنا الطريق.
ساءت أحوال مصر بعد الاستعمار البريطانى القديم، وساءت أكثر وأكثر بعد الاستعمار الأمريكى الجديد، قبل أن يأتى الاستعمار القديم كنا نملك طعامنا (رغم الفروق الطبقية العنصرية الموروثة فى العالم)، من يملك طعامه يملك استقلاله سواء كان دولة أو فردا، رجلا أو امرأة، بعد الاستعمار البريطانى عام 1882 اتسعت الهوة الطبقية والعنصرية، سيطر على الاقتصاد فى مصر طبقة عليا من كبار الملاك الإقطاعيين الزراعيين، ومعهم كبار الرأسماليين المصريين والإنجليز المديرين للقطاع الصناعى والتجارى،
أدى ذلك إلى الثالوث المزمن الشهير «الفقر المرض الجهل» فقط 2% من الشعب المصرى ومعهم الأجانب ملكوا الأراضى والأموال والسلطة والتعليم والثقافة والكنائس والجوامع، 98% من الشعب المصرى لم يملكوا إلا ما يسد الرمق، طعامهم من المش بالدود والخبز المقدد، ثم جاءت ثورة 1919 لكنها أجهضت بواسطة الاستعمار البريطانى والحكومات المصرية المتعاونة مع الاستعمار، وقف حزب الوفد مع المطالب الشعبية، وقف ضد الإنجليز وضد الملك،
ثم خضع لهما بحكم كبار الرأسماليين والإقطاعيين فى القيادة، السلطة تزوجت الثروة ضد الأغلبية من شباب الوفد، ثم جاءت حركة ضباط الجيش 1952 وسقوط الملك، ثم الإنجليز بعد ذلك، وتم بعض المحاولات الاقتصادية لسد الهوة الطبقية والعنصرية، تم إجهاض هذه الحركة، بسبب استبداد الحكم العسكرى تحت اسم الاشتراكية والوحدة والنظام، لم تحدث اشتراكية ولا وحدة ولا نظام، فشلت التأميمات، وتمت سرقة القطاع العام بالطبقة الحاكمة الجديدة، زواج السلطة بالثروة،
اشتدت الأزمة فى السبعينيات مع الانفتاح الاقتصادى الجديد، تم تمرير الاستعمار الأمريكى تحت دخان وأبخرة الصحوة الدينية الإسلامية والمسيحية، تم تمرير الاستغلال المادى والقهر للفقراء والنساء تحت اسم الروحانيات، عاد الثالوث الخطير الفقر والمرض والجهل، والبورصة، ومجتمع ال2% من أصحاب الثروة والسلطة ورجال الأعمال، وزراء رجال أعمال يكسبون البلايين، يتساقطون فى فضائح الفساد المتتالية، يتاجرون بالدين الإسلامى أو المسيحى، أو بالاشتراكية والديمقراطية الخاوية من المعنى، أو التى تؤدى إلى العكس، مزيد من الاستبداد ومزيد من الفقر وقهر المرأة مع مزيد من الشعارات الرنانة السياسية والدينية، أصبح لدينا يسار يمينى مستبد، ويمين يسارى يضارب فى البورصة، الكل يحتمى برئيس الدولة عند السقوط.
انتقل الحكم فى مصر من الاشتراكية الديكتاتورية إلى الرأسمالية الفاشية، من الاستعمار البريطانى الناعم الخبيث إلى الاستعمار الأمريكى الصهيونى، العارى من ورقة التوت، ويتذكر الناس مقولة المرأة الأفريقية الفقيرة: أعطونا كتاب الله وأخذوا أرضنا وأموالنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.