عندما صدر قانون التمويل العقارى رقم 148 لسنة 2001، استبشر ملايين المواطنين خيراً بحل مشكلة الإسكان لديهم، وتوقعوا أن يمتلكوا الشقة التى يريدونها بسهولة وإجراءات بسيطة، خاصة أنه تم تقديم القانون إلى الرأى العام على أنه المنقذ الذى سيحل مشكلة الإسكان إلى الأبد، وتم تأسيس عدة شركات تعمل وفق القانون تشترى الشقة للعميل وتدفع ثمنها نقداً، ثم تحصل منه على قسط شهرى بفائدة بسيطة، وقد وافق كثيرون على هذا النظام، باعتبار أنهم يدفعون إيجاراً شهريا بالفعل، وسوف يتحول الإيجار إلى قسط مع الفارق أنهم سيصبحون أصحاب الشقق فى النهاية، لكن بعد سنوات من تطبيق القانون لم تحل المشكلة، ولم يصبح الشباب ومحدودو الدخل أصحاب شقق، فما الذى حدث؟! الخبراء يجيبون عن السؤال.. قال مصطفى أبوالفتوح، رئيس البنك العقارى المصرى العربى السابق، إن هناك عدة عوامل تعوق انتشار نظام التمويل العقارى فى مصر هى صعوبة تسجيل الشقق فى الشهر العقارى، خاصة أن التسجيل فى الشهر العقارى، هو أحد الشروط الأساسية فى القانون، لضمان حق البنك أو شركة التمويل، موضحاً أن صعوبة التسجيل تتمثل فى أنه يستغرق وقتاً طويلاً، إلى جانب رسوم التسجيل التى تصل إلى 2000 جنيه للشقة، موضحاً أن معظم العملاء يتم رفض طلباتهم بسبب عدم تسجيل الشقق التى يريدونها فى الشهر العقارى، وهو ما يؤدى إلى ضعف الإقبال على الاستفادة من التمويل العقارى، لكن فى المقابل هناك مزايا للنظام، أهمها تملك الوحدة خلال ال 20 سنة بعد الانتهاء من سداد الأقساط. وأضاف أبوالفتوح أن سعر الفائدة فى التمويل العقارى مرتفع جداً، موضحاً أن الفائدة تتراوح بين 11 و14% حسب البنك وشركة التمويل، كما أن إثبات الدخل يستغرق وقتاً طويلاً، مشيراً إلى أن العديد من العملاء يرفضون تقديم مصدر الدخل، فضلاً عن أن دخول معظم المواطنين لا تصلح فى التمويل العقارى، موضحاً أن المواطن الذى يصل دخله إلى 1000 جنيه من الصعب أن يحصل على قرض، لأنه سيضطر إلى دفع نسبة 40% من دخله قسطاً شهرياً، بالإضافة إلى عدم فهم طبيعة التمويل العقارى، لافتاً إلى أن العديد من الناس يعتقدون أن الحكومة توزع الشقق على الناس، وأن قسط القرض الذى سيدفعه المستفيد سيحل مكان الإيجار وبديلاً له، بالإضافة إلى رفض العديد من المواطنين دفع فوائد لأنهم يعتبرونها حراماً. وأكد أبوالفتوح أن قانون الضريبة العقارية سيؤثر بشكل كبير على التمويل العقارى، لأنه من الصعب على المواطن أن يتحمل دفع ضريبة عقارية، إلى جانب دفع قسط التمويل، كما أن دخل المواطن ضعيف والضريبة زادت، ومن الصعب الإقبال على شراء شقق بنظام التمويل العقارى، لأن أسعار الشقق التمليك وقيمة الإيجار سوف ترتفع، باعتبار أن الملاك لن يتحملوا الضريبة، ويؤجروا شققهم، وبالتالى يدفع المستأجر الضريبة. وقال المهندس سيد سامى أبوالخير، وسيط عقارى لشركات التمويل، إن اشتراطات التمويل العقارى قاسية، موضحاً أنه لكى يستفيد العميل من النظام، لابد أن يكون دخله الشهرى أكثر من 3 آلاف جنيه، لأن البنك أو الشركة تحصل على نحو 600 جنيه قيمة القسط الشهرى، بينما العميل الذى يعمل أعمالاً حرة عليه تقديم سجل تجارى، أو بطاقة ضريبية، مشيراً إلى أن إمكانيات الجيل الحالى من الشباب والأسر الفقيرة ضعيفة، لافتا إلى أن الشركات ترفض قبول العديد من العملاء فى حالة عدم استيفاء جميع الأوراق، خاصة المهمة منها، مثل مفردات الراتب التى تثبت دخل العميل، وقدرته على سداد الأقساط فى مواعيدها، وأوراق تسجيل الشقة فى الشهر العقارى، لافتاً إلى وجود إقبال شديد من العملاء خاصة من الخريجين، لكن معظمهم يتم رفضه بسبب ضعف الدخل، إلى جانب ارتفاع أسعار الأراضى والعقارات، خاصة المبانى، لافتاً إلى أن أسعار الأراضى وصلت 4 آلاف جنيه للمتر، والمبانى تتراوح بين 1600 و1800 جنيه للمتر. وأضاف أبوالخير أن هناك مخاوف لدى شركات التمويل العقارى، نتيجة ركود السوق بسبب الأزمة المالية العالمية، وخوفها من تكرارها، خاصة أن سبب الأزمة هو اندفاع شركات التمويل العقارى فى تمويل العديد من مستثمرى العقارات، مما أدى إلى إفلاس الشركات فى أوروبا، لافتاً إلى أن الشركات المصرية شديدة الدقة، وتجرى أبحاثاً شاملة عن العميل، خوفاً من أن يكون غير مستحق التمويل. وتابع أبوالخير أن الفائدة مرتفعة وقد تصل إلى ما بين 15و17%، ويتم تسديد القرض على 10 سنوات، أو 20 سنة حسب حجم القرض ومدته، ليصل إجمالى ما يدفعه المواطن إلى نحو 200 ألف جنيه على 10 سنوات، واصفاً هذا الأمر بأنه إتاوة جزئية وسيؤدى إلى تراجع التمويل العقارى أكثر من الوضع الحالى فى مصر، خاصة بعد تطبيق قانون الضريبة العقارية.