لست أدرى ما هو الرقم الصحيح لعدد الذين أريقت دمائهم بلا ذنب على أرض مصر خلال السنوات الأربع الماضية، وبالتحديد منذ 25 يناير 2011 حتى آخر حادثة قبل أيام في شمال سيناء والتي راح ضحيتها قرابة 40 شخص من أطهر ما أنجبت مصر نتيجة الإرهاب الأسود قبيح الوجه والعقل والقلب الذي يستشري في شمال سيناء وبسببه تم تهجير مئات الأسر السيناوية من بيوتهم بلا أي ذنب !! وإن كان ليس لدي إحصائية محددة عن عدد من قُتلوا في هذه الفترة السالف ذكرها " ولا أستثني من هذا العدد طائفة أو فئة من المصريين " كانوا عسكريين أو شرطيين أو إخوان أو سلفيين أو أقباط أو ليبراليين .. إلخ، فالدم المصري عندي واحد ولا يجب أن يكون غير ذلك ، قد نختلف في الرأي وفي العقيدة ولكن لا ينبغي لأي مصري عاقل أن يتحول عنده هذا الاختلاف إلى إنتقام أو تشفي أو غدر ، فالمراقب للمزاج العام عند بعض المصريين الآن إن لم يكن أغلبهم ، أننا للأسف نسمع أفراد يفرحون بمقتل آخرين لا لشئ سوى أنه مختلف معه أو نتيجة تأثره " الأعمى " بإعلام مُضلل ومَحرض لا يقل دوره في جرائم القتل تلك عن دور الإرهابيين الذين يستبيحوا دماء جنودنا في سيناء أو هؤلاء الذين يقمعون ويقتلون كل ذي صاحب رأي معارض !! ينتابني شعور بالأسف الشديد عندما أقرأ تعليقاً لأحدهم على مواقع التواصل الإجتماعي يبرر فيه مقتل الجنود في سيناء وآخر لا يرى غضاضة في إبادة كل أعضاء جماعة الإخوان المسلمين بل ويُحرض على ذلك، ويتكرر نفس المشهد عبر مداخلات هاتفية تسمعها من كلا الطرفين سواء في الجزيرة أو في القنوات المصرية ، الأمر الذي يجعلك تشعر إن لم تكن متيقناً أن من بيننا الكثير من الأشخاص أضحوا يحتوون في رؤوسهم على عقلية متطرفة ربما لا تقل عن عقلية هؤلاء من الإرهابيين وسفكة الدماء. إن حالة الاحتقان والكراهية الشديدة في نفوس بعض المصريين هذه الفترة بمثابة الوقود الذي يغذي تلك العمليات الإرهابية التي تُطل علينا من حين لآخر ، "والإرهاب أراه ليس قاصراً على قتل جنود من الجيش والشرطة فقتل المتظاهرين أيضاً هو إرهاب وربما الأسوأ " !! لذا أصبح من غير المهم السؤال عن عدد الذين أريقت دماؤهم طيلة السنوات الماضية بقدر ما هو مهم للغاية أن نبذل قصاري جهدنا لكي نقطع هذا الوقود الذي يغذي هذا الفكر المتطرف ، والذي نراه في وسائل الإعلام وفي داخل كل بيت مصري وفي أعمدة الكُتاب والصحفيين ، بل ونراه في أنفس وعقول البعض ممن نسوا أو تناسوا أن تأييد أو مجرد رضا النفس عن قتل نفس بغير ذنب فكأنما شارك في قتلها كما قال سيد المرسلين محمد " من أعان على قتل مسلم ولو بشطر كلمه جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله " إننا الآن وللأسف أصبح لدينا في كل أسرة " قاتل " !! إلا من رحم ربي ، يستهويه سماع أخبار مقتل أحد من خصومه ، حتى أن الشماتة تفوح من فمه مع كل كلمة ينطق بها أو يكتبها ويزيد أن يسب ويلعن فيمن قُتل ويبرر قتله ، وأختم بخير الكلام وأنفعه بقوله تعالى: ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما. من العدد المطبوع من العدد المطبوع