يبدو أن الجامعات المصرية لم تعد منارات تعليمية وثقافية بعد انخفاض شعاع الإبداع والاعتماد على التلقين وتخريج طوابير من العاطلين وأنصاف المتعلمين، ليس هذا إفتراء أو إدعاء على الجامعات المصرية، ولكن هذا ماتقوله الاحصائيات والتصنيفات العربية والعالمية، فبعد أن خَرجت الجامعات المصرية من قوائم التصنيفات العالمية كانت المفاجآة في تزيلها قائمة التصنيفات العربية، حسبما جاء في تصنيف كيو أس للجامعات العربية، والذي ينظم للمرة الأولى في المنطقة العربية للعام 2014 – 2015. ففي الوقت الذي كان يعتقد فيه كل المصريين أن جامعاتهم الأفضل عربيا كشف تنصيف كيو أس أنهم يعيشون في وهم كبير وأن الآخرين يواصلون مسيرة التطوير والبناء، بينما يواصل المصريين مسلسل الحديث عن التاريخ والذكريات، فقد تصدر تصنيف أفضل 50 جامعة عربية جامعة الملك فهد للبترول والمعادن السعودية، فيما حلت الجامعة الاميركية في بيروت في المركز الثاني، وجامعة الملك سعود في المركز الثالث، والجامعة الاميركية في القاهرة رابعاً وجامعة الملك عبد العزيز السعودية بالمركز الخامس. وجامعة الامارات العربية المتحدة في المركز السادس والجامعة الأميركية في الشارقة بالمركز السابع. والجامعة الأردنية في المركز الثامن، وجامعة القاهرة في المركز التاسع، وجامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية في المركز العاشر. كما تضمنت القائمة 10 جامعات إماراتية ضمن قائمة أفضل 50 جامعة عربية و 6 جامعات لبنانية، في الوقت الذي تواصل فيه الجامعات المصرية تراجعها رغم ضجيجها ولكن لا نرى لهذا الضجيج أثر في تطور حياة المصريين والنهوض بالوطن، بل نرى صراع بين الدولة والطلاب دون البحث عن أسباب الانهيار. إن تراجع مستوى التعليم في مصر تظهر نتائجه في الشارع وحياة الناس قبل أن ترصده المؤسسات البحثية في التصنيفات العالمية والعربية، فعندما كانت الجامعات منارات حقيقية، كان شعاع الإبداع يظلل كل مناحي الحياة بدءً من الأخلاق والسلوكيات مروراً بفن العمارة القديمة القائم على الإبداع والإتقان على عكس عمارات اليوم التي لا لون ولا طعم ولا شكل لها وتسقط في عمر الطفولة دون مقدمات، كما كان الصانع في كل المهن يتقن عمله أشد الاتقان، أما اليوم فأصبحت الحياة قائمة على الفهلوة وأنصاف المتعلمين الذين تقذف بهم المدارس والجامعات في ظل عدم تطبيق المعايير العلمية وغياب الجودة عن العملية التعليمية، فهل تعود الجامعات المصرية تقود قاطرة التنمية وتتصدر التصنيفات العربية وتصبح مصدر لعلاج الأزمات والمشكلات، أم ستظل سبوبه للعاملين، وصداع في رأس الحكومة وبعبع للأنظمة المتعاقبة التي تنفق الأموال للسيطرة على الطلاب بدلاً من إنفاقها على تطويرهم وتنمية قدراتهم؟. المشهد..لاسقف للحرية المشهد..لاسقف للحرية