وصفت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية اليوم، الجمعة، منطقة الشرق الاوسط بكونها "مقبرة" لسياسيات الغرب الخارجية المزدوجة، مشيرة إلى أنه في كل مناسبة يتحدث فيها قادة أوروبا وأمريكا عن التزامهم الراسخ تجاه التعددية السياسية وسيادة القانون وكرامة الانسان، تجلب لهم تلك المنطقة العار والخزي. وأوضحت الصحيفة -في سياق تعليق أوردته على موقعها على شبكة الانترنت- أن سجلات وزارت خارجية الدول الغربية تكتظ بدلائل وبراهين توضح التناقضات والنفاق الذي يعتمده الغرب لافتة إلى أن الدبلوماسيين الغربيين سواء من القارة الاوروبية أو الولاياتالمتحدة ممن تمركزوا في المنطقة عمدوا طيلة عقود طويلة إلى إرسال خطابات بليغة يتساءلون فيها هل دعم الانظمة الاستبدادية العربية يتفق والقيم العالمية التي يتبناها الغرب؛ أو إن دعم أحادي لاسرائيل يتجاهل حقوق الشعب الفلسطيني الشرعية، الا أن تلك الرسائل والخطابات قد ذهبت هباء كون العرب يملكون الثروات والنفط والفلسطينيون لا حول لهم ولا قوة على حد قول الصحيفة. وأردفت الصحيفة تقول إن تلك التوترات والتناقضات قد ظهرت مرة أخرى على السطح من خلال ردود الفعل الغربية تجاه أحداث الربيع العربي فبعد أن أبدى قادة الغرب بعضا من التردد والتخبط، ارتأوا أن مطالب الشعوب العربية بأحقيتها في الاتيان بحكومة تمثلها أمرا محمود بشكل عام. وأضافت "قد يتخيل المرء حينما يستمع إلى ما يقوله هؤلاء الساسة بأنهم لطالما حملوا" شعلة الديمقراطية في العالم العربي غير أن حقيقة الامور تتضح عندما تدنو من المحاذير، موضحة أن الغرب يمتدح الديمقراطية طالما ما لم تهدد مصالحه الخاصة وقد يثمن العملية الانتخابية الا حينما يحتضن الناخبون التيار الاسلامي، مؤكدة أن دعمه للانتفاضات العربية كان انتقائيا ومشروطا. وأشارت صحيفة فاينانشيال تايمز البريطانية في هذا الصدد إلى أن حلف شمال الاطلسي "الناتو"قد قدم مساعداته العسكرية للمساهمة في الاطاحة بنظام العقيد الليبي السابق معمر القذافي إبان الثورة الليبية غير أنه يتخاذل عن نجدة شعوب أخرى تثور ضد حكامها. واعتبرت الصحيفة أن المذابح والمجازر التي ترتكب في سوريا، تبرز واحدة من المعضلات التي تخطت الخيارات المعهودة ما بين الواقعية والمثالية، فقد يتقاسم قادة الغرب مشاعر الغضب والسخط حيال عمليات القتل التي يرتكبها نظام الاسد ضد شعبه بل وقد يطوقون لرؤيته خارج السلطة غير أن طرح حل التدخل العسكري باعتباره الخيار الاسهل يترك التحليلات والرؤى الحكيمة فريسة لمشاعر غضب قد تكون مستوعبة ومفهومة. ولفتت الصحيفة البريطانية إلى أن الحالة السورية لا تشبه ما حدث في ليبيا،فجيش الاسد مسلح ومعقد بجانب شحنات الاسلحة التي ترسلها روسيا وترسانة الاسلحة الكميائية التي يمتلكها، مستبعدة أن تعمد الدول الغربية إلى التحرك لتسليح الثوار في ظل العناد الروسي في مجلس الامن الدولي والوحشية التي يتعمدها الاسد مثلما حدث في مذبحة مدينة "الحولة"السورية.