قال الباحثان "كوبي ميخائيل" و"اودي ديغل" بمعهد دراسات الامن القومي الاسرائيلي ان سيطرة داعش غرب وشمال غرب العراقن مع استمراره على شمال شرق سوريا يكشف عن تقدم تنظيم القاعدة تحقيق اهدافه المتمثلة في "الخلافة الاسلامية الاقليمية"، من خلال استغلال ضعف الحكم المركزي للدول لفرض سيطرتهم بدلا منه، فلقد نجح داعش في عملياته للتوسع الاقليمي في السيطرة على بنى تحتية ومخازن سلاح ومقدرات طاقة واموال بنوك، وفي المقابل يقوم بتذبيح رجال الجيش وابناء القبائل والطوائف الغير موالية له، ولا يساعده على هذا بل وجعله يتمادى في سعيه الا الاهمال الدولي التي باتت تحظى به المنطقة وقالت الدراسة التي جاءت تحت عنوان الاثار الاستراتيجية لنجاحات داعش في لعراق وسوريا" والتي قام عليها الباحثان الاسرائيليان، ان داعش تطمح الى الغاء الحدود التي كانت قررتها القوى الاستعمارية، والمعروفة بحدود سايكس – بيكو، معتبرا ان القومية تعارض سعيه لاقامة الخلافة الاسلامية القائمة على الشريعة، ومن جهتها تسعى ايران الى اقامة الهلال الشيعي الذي يكفر هو الاخر بالحدود، واضافت ان هذا الصدام السني – الشيعي يعد العنصر الهام والفتاك في المنطقة حيث يهدد بشكل مباشر الى العودة بالمنطقة دفعة واحدة الى عهد مهد الاسلام، فلقد ادى تقدم داعش في العراق الى شطب الحدود العراقية – السورية، بينما عملت مساعدة حزب الله للنظام في سوريا على تشويش الحدود بين سورياوالعراق، بينما مثل انتصار داعش بالعراق ريح اسناد لداعش في سوريا فعززوا قبضتهم شرقي البلاد، ورغم انقسام قوات داعش، فبمرور الوقت ستعود القوات لتنتظم وتشرع في الهجوم على جنوبسوريا والعاصمة دمشق. وسيعمل التدخل الايرانيبالعراق على تشويش الحدود بين مركز العراقوجنوبه، وبين ايران، فالمعسكران المتطرفان يؤمنان بان رؤيتاهما لن تنتصرا الا اذا شطبت الحدود واعيد تصميم المنطقة كساحة سياسية ودينية واحدة. وتتقدم ظاهرة داعش تجاه الاردن، فالازمة الاقتصادية بالاردن الناجمة عن وجود اكثر من مليون لاجئ سوري وعشرات الاف اللاجئين العراقيينن سيؤدي الى تدهور الوضع في الاردن، وعلى الرغم من النشاط المخابراتي الاردني الحثيث لرصد خلايا الجهاد العالمي ضمن مجموعات اللاجئين الى اراضيه، بالاضافة الى قنوات المساعدة المارة عبر اراضيه الى الثوار السوريين، فلقد استطاعت داعش على خلق بؤر لها داخل الاردن/ مستغلة كل تلك الاوضاع والظروف داخل الاردن. ولفتت الدراسة الى تهديد قوات داعش بالموصل عندما اعلن صراحة باجتياح الاردن واغتيال العاهل الاردني الملك عبدالله، وعلى الرغم من الرد السعودي على داعش بانه حال سيدافع عن الاردن، إلا ان الاردن لايستطيع الاعتماد على الحماية السعودية العسكرية، فهو بحاجة الى مساعدة فورية لغرض تحسين قدراته الاستخبارية والعملياتية لحماية حدوده مع السعودية والعراق، والى مساعدة اقتصادية، وتوريد مستقر للطاقة، مساعدة مالية وانسانية للتخفيف من ازمته المتعلقة باللاجئين المتصاعدة، وبالاضافة الى كل ذلك فان "الاردن يحتاج الى سند عسكري استراتيجي واضح، وعلى الرغم من انه يصعب على الاردن التصريح بذلك، إلا ان السند الاستراتيجي والعسكري الوحيد العملي له هو اسرائيل". وتناولت الدراسة الاستراتيجية الامريكية والتي عرضها الرئيس الامريكي باراك اوباما في خطابه بويست بوينت حيث قال ان "التهديد الاساسي اليوم، لا يأتي من القيادة المركزية للقاعدة، بل من شركاء القاعدة المتطرفين والمتناثرين"، واقترح تخصيص مصادر لتدريب، وبناء قدرات، الدول المتشاركة في خط الجبهة مع المتطرفين الجهاديين. ففي سوريا، ركزت الادارة الامريكية استراتيجية على المساعدة المحدودة لقوات المعارضة الاكثر اعتدالا، وبناء جيش عصابات مدرب يستهدف القتال ضد كل من قوات حزب الله، والجيش النظامي السوري والقاعدة والمتطرفين الاسلاميين الاخرين، وانهارت هذه الاستراتيجية في سوريا وفي العراق على حد سواء، فبينما تفتت الجيش السوري الحر بسوريا في مواجهة القوات الاسلامية، خاصة قوات داعش وجبهة النصرة، حيث كشف عن عجزه في تشكيل بديلا لنظام بشار الاسد، اما في العراق، فقد هزمت قوات الجيش العراقي دفعة واحدة ودحرت من شمال وغرب العراق امام داعش، رغم كونها مدربة ومزودة بقدرات امريكية. وبالتالي فلقد ثبت فشل الاستراتيجية الامريكية عمليا، هذا الى جانب تآكل الردع الامريكي، بعد موقف اوباما من النظام السوري في اعقاب استخدامه للسلاح الكيميائي ضد شعبه، ويجب الوضع في الاعتبار ان الحلفاء التقليديين لامريكا في المنطقة باتت تشعر بقلق وخيبة امل، ولم يعودوا قادرين من الاعتماد فعليا على امريكا، خاصة في مواجهة الاخطار.المتخوفين من هجرهم في يوم الاختبار. ففي ازمة العراق الراهنة أمر الرئيس اوباما بارسال حتى 300 مستشار عسكري الى العراق، وبدأت الادارة بفحص خيارات سياسية جديدة فيه، ويثور في الولاياتالمتحدة جدل حول خيار التدخل العسكري في العراق، مع التشديد على الاعمال الجوية واستخدام القوات الخاصةن على ان يتم ذلك مع مراعاة المصلحة والالتزام الامريكي بمنع انشقاق العراق وسقوطه في ايدي جماعات اسلامية متطرفة سنية وشيعية على حد سواء. ومن المعلوم ان الغارات الجوية ليست ناجعة لوقف مقاتلي الجهاد الذين لا يعملون في اطار عسكرية منظمة، والخبراء العسكريون في الولاياتالمتحدة يدركون ذلك ولايزالون يفكرون باستخدام الطائرات والوسائل غير المؤهلة لوقف القوات الجهادية ودحرهم عن المدن، ليبتعدوا عن التدخل العسكري البري للقوات خاصة. على صعيد آخر، فلقد كشف الرئيس اوباما النقاب عن محادثات جارية بين ايرانوالولاياتالمتحدة حول الازمة العراقية، حيث دعت الولاياتالمتحدةايران الى عدم العمل بشكل يفاقم التوترات الطائفية، وادعى اوباما ان بوسع ايران ان تلعب دورا ايجابيا في اقامة حكومة وحدة بين الطوائف، هذا على الرغم من ان الولاياتالمتحدة قلقة من أن تسيطر ايران على الاقاليم الشيعية في العراق من خلال اذرعها المنتشرة في العراق كالحرس الثوري وغيرها من الفروع الاخرى، وترى بعد الاوساط السياسية الامريكية ان على الولاياتالمتحدة ان تستغل الفرصة لتعزيز مجالات مصالحها المشتركة مع ايران، وتدرس هذه المحافل امكانية التنسيق السياسي والعملياتي مع ايران، حفاظا لوحدة العراق. ومؤيدو هذا النهج، يرون في نجاح التنسيق لاستقرار العراق رافعة لتحقيق اتفاق في الموضوع النووي، والدفع الى الامام بتسوية في سوريا ايضا،ومع تحقيق هذا السيناريو، سيتعاظم النفوذ الاقليمي لايران، الامر الذي سيجعل من السعودية والاردن ودول الخليج خصوما لايران، في المنطقة . تجسدالنجاحات العسكرية لداعش في العراق وفي سوريا ملامح التغيير في الشرق الاوسط، وتتعاظم دوافع الجهاديين لاستغلال النجاح لتوسيع نفوذهم الاقليمي، وهناك عدة اسباب لنجاح داعش ومنظمات الجهاد الاخرى، اولها الضعف البنيوي والادائي للدول القومية العربية، وثانيها الهيكل الشبكي المتناثر للمنظمات والذي يسهل عملها وحركتها وخطوط تموينها في المنطقة، ويجعل من الصعب التصدي العسكري لها، ثالثا اهمال الاسرة الدولية وعلى رأسها الولاياتالمتحدة، والنابع من الحرج والبحث عن حل قابل للتطبيق لمشاكل الشرق الاوسط، الى جانب عدم الاستعداد للتدخل العسكري، واخيرا تآكل صورة القوة العظمى للولايات المتحدة وقدرتها على حل المشاكل الاقليمية. ولأن موجات الصدمة تتجاوز الحدود بين الدول فأن الدولة الاكثر تهديدا في هذا المرحلة هي الاردن، فمن الاردن يستطيع الجهاديين الوصول الى حدود اسرائيل والسلطة الفلسطينية، واراضي شبه جزيرة سيناء، ليتدهورالوضع في المنطقة الى مواجهة عنيفة واسعة النطاق، وعليه فانه من الحيوي جدا ان تتضافر الجهود الأمريكية – الاوروبية، وكذلك اسرائيل ،في الظل، لتعزيز الاردن، اقتصاديا وعسكريا. واعرب الباحثان عن اعتقادهما في ختما الدراسة، بانه قد يكون حان الوقت للاستعداد فكريا وعمليا لنشوء فكرة اعادة تنظيم المنطقة السورية العراقية على اساس تفكك الدول القومية القائمة واقامة دول على أساس طائفي/عرقي : دولة علوية في غرب سوريا، كردستان في شمال العراقوسوريا، دولة سنية في منطقة شمال غرب العراق وشمال شرق سوريا، ودولة شيعية في مركز وجنوبالعراق. يحتمل أن تكون خطوط التقسيم الطائفية والعرقية هي الاكثر طبيعية واستقرارا.